تشهد الخارطة الحزبية في اسرائيل حالة من التخبطات والصراعات الداخلية في مختلف الاحزاب الصهيونية، انعكاسا لأزمة عامة تشهدها اسرائيل منذ مطلع التسعينيات، بعد ان وصلت اسرائيل الى مفترق، فرضته عليها الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة) قررت فيه اسرائيل اتباع مسلك المفاوضات مع العرب في مدريد، ومن ثم مسار اوسلو وما تبعها في اتفاقات، فقد كانت هذه العملية بداية تنفيذية لسقوط "البقرات المقدسة" والايديولوجيات التي بنت اسرائيل نفسها عليها وكانت أساسا لسياستها الحربية على مدى عشرات السنوات، ومن ابرزها "ارض اسرائيل الكاملة"، وبداية للاعتراف الضمني، بأشكال مختلفة، بضرورة اقامة دولة فلسطينية، على نفس البقعة التي ارادت الحركة الصهيونية ان تبني كل اسرائيل عليها.
عمليا لا يوجد حزب صهيوني في اسرائيل لا يواجه أزمة داخلية، في المرحلة الحالية، وهي بالاساس أزمات على اساس سياسي، ولكن ايضا أزمات وتكتلات على اساس شخصي، بعد ان شهدت عدة احزاب عملية أمركة لبنيتها وتنظيمها، وهي عملية قللت من شأن الدور الايديولوجي والفكري للحزب، واتجهت أكثر الى الاعتماد على الشخصية والفرد، وجعلت العضوية للحزب، بمعظمها، على اساس موسمي، ودون التزامات سياسية، وانما فقط لغرض الانتخابات الداخلية في الحزب، من دون الالتزام بالتقيد بسياسة الحزب ودعمه في اي انتخابات عامة.
تشهد عدة أحزاب مركزية في اسرائيل بداية مسار انشقاقي، والحزب الذي يحاول تدارك نفسه، انما يبقي على أزمته الداخلية، من باب "كلنا على سجادة واحدة، إن تحركت سقطنا جميعا"، وبمعنى آخر حفاظا على وحدة صورية للحزب وحماية المصالح الخاصة لبعض القادة.
هذا المشهد العام في اسرائيل حديث العهد نوعا ما، ولم يكن موجودا بهذا الحجم حتى مطلع سنوات التسعينيات، فحتى تلك الفترة كان ما يحكم الحزب، وخاصة الحزبين الكبيرين، "العمل" و"الليكود"، الايديولوجيا والبرامج السياسية، ولهذا كان من الاسهل معرفة التحرك المستقبلي لكل حزب، كما ان هذه الاحزاب كانت ترتدع عن التقلب في المواقف السياسية بالسرعة التي نشهدها اليوم.
هذا الوضع العام، يعكس نفسه بقوة على القرار السياسي في اسرائيل، وانتقلت حالة التخبط السياسي الى الشارع الاسرائيلي، الذي ما زالت الاستطلاعات تدل على انه معني بالحل الدائم مع الفلسطينيين قائم على انسحاب كبير جدا من الضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى من اطراف القدس، ومعني بتفكيك قسم كبير من المستوطنات، ومعني بالتفاوض مع القيادة الفلسطينية، ولكن حين يُطلب منه ان يجيب على سؤال لمن سيصوت في حال ان الانتخابات جرت اليوم، نجده يصوت بغالبيته لاحزاب يمينية ودينية لا تخدم الاهداف التي يتطلع اليها ويريدها.
وامام هذه الحالة، نرى أكثر فأكثر تعلق الرأي العام بوسائل الاعلام، بعد ان أكدت غالبيته انها لم تعد تثق بالجهاز السياسي والحزبي في اسرائيل بسبب حالة التخبط هذه، وعلى الرغم من ان موضوع وسائل الاعلام الاسرائيلية ليس موضوعنا في هذه المعالجة، إلا انه من الضروري القول انه من خلف "حرية التعبير" و"حرية الصحافة" الظاهرة في اسرائيل نجد ان وسائل الاعلام المركزية في اسرائيل، شبه الرسمية منها والتجارية، ملتزمة في نهاية الأمر بخط عام يأتيها من فوق، وبكلمات أخرى فإن الغالبية الساحقة من وسائل الاعلام الاسرائيلية مجندة لخدمة الخط السياسي العام.
وفي ما يلي استعراض لوضعية الاحزاب الصهيونية المركزية والتركيبة البرلمانية، وانعكاس اوضاعها على السياسة العامة في اسرائيل.
خطاب يميني وغياب برنامج بديل
الجو العام في اسرائيل، على المستوى السياسي العام هو ان الجدل السياسي يدور الآن بين اطراف اليمين المختلفة، بين يمين شارون الذي يريد "خلاص اسرائيل من خطر الدولة الفلسطينية المستقلة"، عبر التنازل عن القليل من اجل الاحتفاظ بالكثير، وبين يمين استيطاني رباه ونماه شارون نفسه، يرفض هذه المعادلة، ويريد الاحتفاظ بالكل، ومواجهة الكل.
والعلاقة بين اطراف اليمين جدلية، فشارون مستفيد من مشاهد معارضيه في اليمين المتشدد، ومعارضتهم هذه تخدمه ايضا في مواجهة ضغوط دولية محتملة افتراضا، كما قد تساعده على تأجيل خطة الفصل والمماطلة في تنفيذها، لكي يبقي العالم منشغلا بخطته، وبذلك يتهرب حتى من خطة "خارطة الطريق" التي عرضها حليفه الأكبر الرئيس الامريكي جورج بوش، وايضا تبعده عن مفاوضات الحل النهائي، والملفات الاساسية التي تطرح في مفاوضات كهذه، وهي ملفات الثوابت الفلسطينية التي يعمل شارون على تدميرها ومنع تحقيقها.
اما اليمين المتشدد الرافض لخطة شارون يضغط اكثر من اجل الحصول على الأكثر من شارون، إن كان على صعيد التعويضات للمستوطنين المنوي اخلاءهم من قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية، وإن كان من أجل الحصول على مكاسب احتلالية واستيطانية أكثر في الضفة الغربية وبضمنها القدس المحتلة.
وعدا هذا الجدل، فإن اليسار الصهيوني، المتمثل بحزبي "العمل" "ياحد- ميرتس" لا يطرح اي بديل سياسي، لا بل انه يتواطوء مع سياسة شارون، ولولا دعم هذين الحزبين لشارون، لكنا في هذه الايام في خضم انتخابات برلمانية جديدة في اسرائيل.
شارون مستفيد من ضعف اليسار الصهيوني، وغياب البرنامج البديل، ومن معارضة غير متجانسة اطلاقا، متصارعة في ما بينها، ولا يمكنها ان تتوحد، وتضم من اقصى اليمين، وحتى الكتل الثلاث الفاعلة بين اوساط الاقلية الفلسطينية. ويسند شارون حكومته الهشة على اغلبية متحركة، تدعمها بعض كتل المعارضة، وهذا حسب الموضوع المطروح، فلكل قضية لديه تحالف مختلف في البرلمان.
التركيبة البرلمانية
افرزت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي جرت في مثل هذا الشهر من العام 2003، عن نتائج لم تعرفها الخارطة الحزبية في اسرائيل من قبل، فالحزب الأكبر في اسرائيل حزب "العمل" هبط بحدة الى القوة الثانية، ولكن بفارق شاسع عن الحزب الاول، "الليكود"، فقد حصل "الليكود" على 38 مقعدا، وهذا ضعف ما حصل عليه حزب "العمل"، 19 مقعدا، وحتى قبل عقد الجلسة الاولى للبرلمان، الكنيست، انضمت "لليكود"، أصغر الكتل البرلمانية، كتلة "يسرائيل بعلياه"، التي تمثل المهاجرين اليهود الروس، التي حصلت على مقعدين، بعد ان كانت في انتخابات 1996 تحتل سبعة مقاعد، وفي العام 1999 اربعة مقاعد، واصبحت كتلة "الليكود" تضم 40 مقعدا.
أما الكتلة الثالثة فهي كتلة "شينوي" العلمانية المتشددة بعدائها للكتل الدينية، وتحتل 15 مقعدا، ثم كتلة "شاس" الدينية الاصولية التي تحتل 11 مقعدا، ثم تكتل ثلاثة احزاب يمين عنصري ومتطرف تحت اسم "هئيحود هليئومي" (الوحدة القومية) التي لها 7 مقاعد (شهدت انشقاقا مؤخرا) وكتلة "المفدال" الدينية اليمينية الصهيونية، ولها 6 مقاعد، ثم كتلة "ميرتس"، التي غيرت اسمها لكتلة "ياحد" ولها ايضا 6 مقاعد، ثم كتلة "يهدوت هتوارة" التي تمثل الاصوليين الاوروبيين (الاشكناز) ولها 5 مقاعد، وكتلة "عام إحاد"، التي يتزعمها رئيس اتحاد النقابات (الهستدروت) عمير بيرتس، ولها ثلاثة مقاعد، وستنصهر قريبا في حزب "العمل"، ثم الكتل الثلاث الناشطة بين الاقلية الفلسطينية في اسرائيل، وهي كتلة "الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير" ولها ثلاثة مقاعد، وكتلة "التجمع الوطني الديمقراطي ولها ثلاثة مقاعد، وكتلة "القائمة العربية الموحدة"، ولها مقعدين.
الليكود
شهد الليكود في السنوات الثماني الأخيرة حالة كبيرة من التقلبات السياسية، فمن الحزب المعارض الشرس لاتفاقيات اوسلو من العام 1992 وحتى العام 1996، الى الحزب الذي لا ترفض قيادته "مبدأ دولة فلسطينية"، بغض النظر عن ماهية الدولة التي يريدها، ففي هذا تخلي عن فكرة "ارض اسرائيل الكاملة"، والاعتراف بوجود شعب فلسطيني. وليس لنا ما نتفاؤل منه بهذه المواقف، ولكنه مثال آخر على الانهيارات الفكرية في القوى السياسية الاسرائيلية.
فحين وصل بنيامين نتنياهو الى كرسي رئاسة الحكومة في العام 1996، بفارق ضئيل جدا عن منافسه العمالي شمعون بيرس، وجد امامه واقعا داخليا ودوليا مختلفا عما كان يريد، ولا يتماشى مع خطابه السياسي، ورأيناه يوقع مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، اتفاق واي بلانتشين، واتفاق الانسحاب من معظم احياء الخليل، وقد سقط نتنياهو سريعا عن الحكم، إلا ان هذا التغير في سياسة الحزب استمر وتطور، كما نشهد اليوم، من خلال خطة الفصل التي يقودها شارون، على الرغم من اخطارها المحدقة بمستقبل القضية الفلسطينية.
يشهد حزب "الليكود" بزعامة اريئيل شارون صراعا داخليا، بالاساس بين ثلاث مجموعات، احتد بشكل كبير بعد اعلان شارون عن خطته لاخلاء مستوطنات قطاع غزة وبعض مستوطنات شمالي الضفة الغربية، واعادة الانتشار حول هاتين المنطقتين، والتي يطلق عليها اسم "خطة الفصل"، وقد عمق الخلاف السياسي في داخل الحزب هذه الأزمة، واوصله الى حافة الانشقاق، واحتمالات هذا الانشقاق ستكون اقوى كلما اقترب موعد تنفيذ "خطة الفصل"، التي يدعي شارون انه عازم على انجازها حتى شهر ايلول (سبتمبر) القادم.
وكما ذكر سابقا، فإن حزب "الليكود"، شهد هو الآخر عملية أمركة (احزاب على الطراز الامريكي)، وبات الانتساب له موسميا، الأمر الذي جعل قاعدته متحركة بسرعة، تتقلب وتتغير بين انتخابات وأخرى، وكذا الأمر بالنسبة لتشكيل هيئات الحزب، التي يخضع قسم جدي منها الى تأثيرات خارجية عن الحزب، وبرز هذا في حملة الانتسابات الى الحزب التي جرت في الاشهر الأخيرة من العام 2002، قبيل انتخابات مطلع العام 2003، ففي هذه الحملة تسابقت ثلاث جهات على ضم اعضاء للحزب، الجهة الأولى هي القاعدة التقليدية للحزب، والجهة الثانية هي حركات واحزاب وقوى يمينية متطرفة، خاصة من جمهور المستوطنين، التي قررت غزو مؤسسات الحزب، بهدف انتخاب اعضاء للجنة المركزية للحزب، التي تضم اكثر من 2900 عضو، وايضا مرشحين للكنيست في قائمة "الليكود"، يكونوا تحت تأثير قوى اليمين المتطرف، أما الجهة الثالثة، والتي كان حضورها أقل بكثير، ولكن لها "مكانتها"، هي عصابات الاجرام و"العالم السفلي"، ووصل عدد اعضاء الحزب المنتسبين في تلك الحملة الى اكثر من 220 الف عضو.
لقد دلت ابحاث ودراسات واحصائيات اجراها الليكود وجهات أخرى، على ان مجموعات كبيرة من الاعضاء الذين انتسبوا لليكود في تلك الحملة لم تصوت له في انتخابات العام 2003، ففي الكثير من مستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة حصل الحزب في الانتخابات البرلمانية على عدد اصوات اقل من عدد اعضاء الحزب المسجلين لديه في تلك المستوطنة، مع ان العكس هو الذي يجب ان يكون، وعليه قرر الحزب اتباع آليات جديدة في حملات الانتساب المقبلة.
وفي الانتخابات الداخلية لليكود، جرى تحالف معين بين قوى اليمين المتطرف وبين ممثلي العام السفلي، لايصال مندوبين عنهم الى قائمة الحزب البرلمانية، وحاليا نجد في كتلة الليكود البرلمانية اسماء تابعة لهاتين المجموعتين.
اما محاور الصراع الحالي في الليكود، فهي تختلف عن محاور الضغط في حملة الانتسابات، فعند ظهور "خطة الفصل"، تحالف ممثلو اليمين المتطرف في اللجنة المركزية للحزب، مع مجموعة ايديولوجية تتبنى الخط المتشدد لحزب حيروت الأول، الذي كان يشكل العمود الفقري لليكود، قبل ان يتحول "الليكود" الى حزب، وليس الى كتلة تحالفية، وشكلوا وزنا ضاغطا على اريئيل شارون، وتعد مجموعتهم اليوم 13 نائبا، من اصل 40 نائبا، ولكن هذه المجموعة قد تصل في مواضيع معينة الى حوالي نصف اعضاء الكتلة وأكثر، وتعتبر مجموعة الـ 13 النواة الاصلب، التي قد تقود الانشقاق في الحزب، خاصة بعد ان صوتت ضد توسيع حكومة اريئيل شارون بضمها حزب "العمل" اليه، وهذه الخطوة بالذات جعلت مسألة الانشقاق مسألة وقت، وإن لم يكن انشقاق على الصعيد القطري، فإنه من المؤكد خروج اسماء مركزية في "الليكود" من صفوفه، والتوجه الى تحالفات يمينية أخرى.
والمجموعة الثانية التي يقودها اريئيل شارون، وهي لا تمثل الاغلبية في كتلة "الليكود"، وتصل بصعوبة الى نصف الكتلة، وهذه المجموعة تؤيده في كل تحركاته السياسية.
اما المجموعة الثالثة فهي مجموعة انتهازية بقيادة رئيس الحكومة الاسبق بنيامين نتنياهو، لا تتبع خطا سياسيا واحدا، وانما تميل بين المجموعتين وتتخذ مواقف تلائم هدفها للسيطرة المستقبلية على الحزب، وانتخاب نتنياهو لرئاسة الحزب.
من غير الواضح، مرحليا، متى ستكون انتخابات داخلية في حزب "الليكود" لانتخاب رئيس للحزب، فطالما ان "الليكود" يقود السلطة فإن موضوعا كهذا ليس واردا، إلا قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة، ولا يزال المحللون يتوقعون انهيارا لحكومة شارون قبل نهاية العام الحالي، بسبب التناقضات الجمّة التي تعيشها، وايضا بسبب الخلافات الداخلية في الاحزاب التي تشكلها، ولكن أوجه المنافسة اصبحت واضحة منذ الآن، وستدور بالاساس بين شارون ونتنياهو، وسيحاول الأخير اجتذاب اصوات المتطرفين والمتشددين في الحزب، وسيحصل على هذا في حال لم ينافس على زعامة الحزب زعيم المتشددين عوزي لنداو.
ولكن إن استمرت هذه الحكومة حتى نهاية ولايتها القانونية في خريف العام 2006، ستكون مسألة منافسة شارون تحت علامة سؤال، فشارون سينهي في شهر شباط (فبراير) القادم عامه الـ 77، ليكون بذلك رئيس الحكومة الأكبر سنا في تاريخ اسرائيل، وفي نهاية العام 2006 يكون على ابواب الثمانين، وفي جيل كهذا ليس من المؤكد انه سيختار المنافسة، إلا إذا اصر على السير على درب نظيره في حزب "العمل" شمعون بيرس، ابن الـ 82، ولا يزال يفكر بالمنافسة على زعامة الحزب، ونزول شارون عن الساحة السياسية سيقود الى تغييرات كثيرة في شكل الليكود الذي نعرفه اليوم.
حزب "العمل"
لحزب "العمل" اهمية استثنائية في الساحة السياسية الداخلية، كونه الحزب المؤسس لاسرائيل، التي قادها بالحكم في السنوات التسع والعشرين الأولى لاسرائيل، وخاض اكبر الحروب الاحتلالية، وعلى راسها عدوان حزيران في العام 1967، وقد سقط عن الحكم في العام 1977، إلا انه عاد ليتناوب على السلطة مع الليكود في العام 1984.
على الرغم من سياسة "العمل"، إلا انه محسوب على "اليسار الصهيوني"، ويتم وصفه على انه اكبر احزاب "اليسار الصهيوني"، وهو ينتمي لحركة "الاشتراكية الدولية" التي لها احزاب حاكمة في دول اوروبية مثل بريطانيا والمانيا وغيرها.
يشهد حزب "العمل" اليوم حضيضا لم يعرفه في تاريخه، وله كتلة برلمانية من 19 مقعدا، ذات وزن ضئيل، اختارت مؤخرا الانضواء تحت كنف حكومة شارون، كلاعب ثانوي من دون اي وزن، بحجة دعم خطة الفصل، وفي نفس الوقت عاجز عن طرح برنامج سياسي بديل لبرنامج شارون، أو على الأقل تسويق ما لديه من برنامج.
الأزمة الاكبر التي يواجهها حزب "العمل" ليست في الخط السياسي وانما أزمة قيادة، فالحزب موحد تقريبا حول مواقف سياسية معلنة، انعكست بشكل أو بآخر في قمة كامب ديفيد بين رئيس الحكومة السابق ايهود براك والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وايضا في مفاوضات طابا التي تبعتها، وهذه التفاهمات نجدها اليوم في "تفاهمات جنيف" المبرمة بين الوزيرين السابقين الاسرائيلي يوسي بيلين والفلسطيني ياسر عبد ربه، وعدد من المبادرين لتفاهمات جنيف هم قادة في حزب "العمل".
وأزمة القيادة التي يواجهها الحزب حادة، ويعجز الحزب عن ايجاد الشخصية الجذابة (خرازماتية) التي بامكانها ان تقود الحزب، وتجذب اليها جمهور المصوتين. والسبب الأكبر لأزمة القيادة تكمن في انه على مدى عشرين عاما تقريبا، انحصر التنافس على قيادة الحزب بين شمعون بيرس، الذي لم ينجح في ايصال الحزب الى الحكم في اربعة انتخابات برلمانية منذ العام 1977 وحتى العام 1988، وبين رئيس الحزب الراحل يتسحاق رابين الذي تراس الحزب وقاده للفوز بالحكم في العام 1992، وبعد اغتيال رابين في خريف العام 1995 قاد شمعون بيرس الحزب من جديد الى هزيمة اخرى في انتخابات العام 1996.
في فترة العراك بين بيرس ورابين، لم تنشأ في الحزب قيادة اخرى، وبعد استقالة بيرس في العام 1996 كان الحزب بحاجة الى استيراد شخصية من الجيش، وكان ايهود براك الذي قاد الحزب الى فوز في العام 1999، وسرعان ما خسر الحكم والحزب، بعد اقل من عامين، وكانت هذه نقطة بداية لتسريع عملية الانهيار في الحزب.
على الرغم من ان حزب "العمل" قاد مسار اوسلو، واقنع غالبية الجمهور به، إلا ان الغالبية لم تنتخبه مجددا لقيادة اسرائيل في العام 1996، وحينما جددت له الثقة مرة اخرى في العام 1999 لم يعرف "العمل" كيف يستغلها، بل واصل اتباع نهج "التأتأة" السياسية، وعدم مصارحة الجمهور بمستلزمات الحل النهائي، وهذا ما سمح لقوى اليمين بالظهور اقوى في الشارع السياسي تمهيدا لاسترداد الحكم. واحتد الأمر عند عدوان ايلول العام 2000 على الشعب الفلسطيني، الذي قاده براك ويستمر به شارون حتى اليوم.
وسيتوجه الحزب في شهر حزيران (يونيو) القادم لانتخاب رئيس للحزب، وحتى الآن يتزعم الحزب شمعون بيرس، الذي عاد ليمسك بزعامة الحزب بعد استقالة رئيس الحزب عمرام متسناع الذي تم افشاله في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من قبل تكتل معارض له في قيادة الحزب، وتولى بيرس رئاسة الحزب بشكل موقت في حزيران (يونيو) من العام 2003، على اساس ان يكون هذا لمدة عام واحد، واستغل بيرس الصراع على قيادة الحزب ليمدد فترة رئاسته الى عام اضافي، وهو لم يقل كلمته النهائية بشأن ما إذا سيتنافس على زعامة الحزب مجددا، وهو مشرف على نهاية عامه الـ 82 من عمره.
الوجوه المركزية في المنافسة على زعامة الحزب هي ايهود برك، رئيس الحكومة السابق وزعيم الحزب الاسبق، وايضا وزير الحربية السابق بنيامين بن اليعيزر والوزير متان فلنائي، وغيرهم، وفي حال قرار بيرس بعدم المنافسة، فإن الاوفر بالفوز بزعامة الحزب هو ايهود براك.
على اي حال فإن انتخاب رئيس جديد للحزب بدلا من بيرس سيغير الكثير من اوراق الحزب، ومن المتوقع ان يسرّع انسحاب الحزب من الائتلاف الحكومة استعدادا للانتخابات البرلمانية، وفي محاولة لطرح بديل سياسي، إذ لا يمكن للحزب ان يتنافس في الانتخابات وهو في ظل حكومة شارون.
في الاسابيع الأخيرة جرت انتخابات داخلية في حزب "العمل" لاختيار وزرائه في حكومة شارون، وكانت النتائج تعبيرا عن الأزمة العميقة التي يعيشها الحزب، فبسبب الصراع بين "القادة الكبار"، وهو اشبه بصراع الديكة، فاز بالوزارات الأكثر اهمية اثنان لا يتنافسان على زعامة الحزب، وهما اوفير بينيس ويتسحاق هرتسوغ، فيما حصل المتنافسون على زعامة الحزب مواقع متأخرة، وحتى منهم من لم يحصل على مقعد وزاري.
على الرغم من كل ما تقدم، فإن الحلبة السياسية في اسرائيل ما زالت متعلقة بالخيار بين واحد من الحزبين، "الليكود" أو "العمل"، وهذا الموقف التقليدي يحمي حزب "العمل" من الانهيار الكلي، وظهور حزب جديد ينافس على سدة الحكم.
بقي ان نذكر انه في هذه الايام سينصهر داخل حزب "العمل" حزب "عام إحاد" بزعامة رئيس اتحاد النقابات (الهستدروت) عمير بيرتس، ولهذا الحزب كتلة برلمانية من ثلاثة نواب، إلا ان نائبين فقط منهم سينضمون الى كتلة "العمل" البرلمانية، فيما سيبقى الثالث خارجها، وستكون كتلة "العمل" من 21 نائبا، ولكن بيرتس وزميلته اعلنا مسبقا انهما ليسا ملتزمين بدعم حكومة شارون التي تضم "العمل"، وخاصة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
"ياحد- ميرتس"
حين يجري الحديث عن اليسار في اسرائيل فهناك نوعان من اليسار، "اليسار الصهيوني"، واليسار المناهض للصهيونية، فالاول يضم حزب "العمل" الذي مواقفه اقرب الى مركز الخارطة السياسية، والثاني حزب "ياحد" (ميرتس سابقا)، وهو اقصى اليسار الصهيوني، بمعنى ان يساريته لا تخرجه عن الاطار الصهيوني العام، وتعامله مع القضية الفلسطينية هو الافضل نسبيا بالمقارنة مع سائر الاحزاب الصهيونية، ولكن في نقاط معينه نجد ان للحزب آفاق ضيقة، لا تخرجه عن هذا الاطار.
أما اليسار الآخر، المناهض للصهيونية، فهو اضعف من حيث القوة، ولا ينافس على الحكم، كانت غالبية هؤلاء اليساريين الساحقة ضمن الحزب الشيوعي، أما اليوم فهناك عدد من الحركات السلامية التي تنادي بكامل الحقوق الفلسطينية، ومن ضمنها حق العودة، والقدس عاصمة فلسطين، ويخوض نضالات مشرفة دفاعا عن الحقوق الفلسطينية، ولكن كما ذكر فهذا اليسار نشيط جدا ميدانيا ولكنه لا يدور في فلك الحكم.
يتمثل حزب "ياحد" في الكنيست بستة مقاعد، وكان قد دخل الكنيست تحت اسم ميرتس، ولكن قبل عدة اشهر ضم اليه حزبا آخر، حزب "شاحر" بزعامة يوسي بيلين، الذي انسحب من حزب "العمل"، وفاز بيلين بزعامة الحزب امام منافسه ران كوهين، وهو من مؤسسي حركة راتس، التي كانت الجسم الاقوى في ميرتس، والصراع بين الاثنين بدأ يحتد في الآونة الاخيرة، ومن شأن استمراره التأثير على مستقبل الحزب، ولكن ليس انشقاقه.
في العام 1992 وعند تشكيل ميرتس من قبل ثلاثة احزاب حصل الحزب على 12 مقعدا، وهبط في انتخابات العام 1996 الى تسعة مقاعد، وعاد في العام 1999 ليحتل 10 مقاعد، وهبط في العام 2003 الى ستة مقاعد، وعمليا فإن مسألة زيادة وهبوط مقاعد هذا الحزب، كانت مرتبطة ايضا بنتائج حزب "العمل" وكانت مقاعده تزيد حين كان يصل "العمل" الى الحكم، والعكس صحيح.
وفي موقف نادر وغريب، هو ايضا من غرابة التقلبات في الحلبة السياسية الاسرائيلية، لم يكن بامكان اريئيل شارون في التاسع من شهر كانون الثاني الحالي، توسيع حكومته لولا تأييد خارجي من "ياحد" وهو اقصى اليسار الصهيوني. وبسبب هذا الموقف فقد منحت استطلاعات الرأي لهذا الحزب مقعدين اضافيين، ولكن التوقعات الحقيقية لا تشير الى تقدم جدي له في اي انتخابات برلمانية مقبلة.
حزب "شينوي"
هو الحزب العلماني الأكثر تشددا في علمانيته، وكان الحكاية الكبرى لانتخابات العام 2003، حين ضاعف قوته بمرتين ونصف المرة، من 6 مقاعد الى 15 مقعدا، مستفيدا بالاساس من البلبلة السياسية الناشئة في الحلبة السياسية في اسرائيل، ولهذا اطلق عليه الكثير من المحللين اسم حزب "ترانزيت"، بمعنى محطة عابرة، ولا يتوقع له ان يحافظ على قوته في اي انتخابات برلمانية مقبلة.
ولهذا الحزب لا يوجد برنامج سياسي واضح، فهو يدعي انه يعبر عن مركز الخارطة السياسية في اسرائيل، ولكن واقع الحال فيه غير ذلك، فكتلته البرلمانية منقسمة، تقريبا بالتساوي، بين مجموعة مؤيدة لليمين، وآخرى لليسار، ويقف زعيم الحزب يوسيف لبيد في الوسط، يعمل طوال الوقت على شد الحبال اليه، ويمنع الحزب من السقوط في احضان واحد من الطرفين.
لقد اعتمد حزب شينوي على محاربته للاكراه الديني، وعلى محاربة سيطرة الاصوليين اليهود على مراكز هامة واساسية في الحياة اليومية في اسرائيل، فلكونهم كانوا يشكلون طيلة الوقت بيضة القبان كان بامكانهم فرض قوانين تفرض الاكراه الديني على جميع نواحي الحياة، وبشكل خاص تقييد الحركة في ايام السبت والاعياد، وقضايا الزواج ومنع الزواج المدني، ومسألة الحلال للطعام، ولكن فوق كل هذا فإنهم فرضوا قيودا صارمة على مسالة من هو يهودي، وبسبب هذا هناك مئات الآلاف من اليهود في اسرائيل لا تعترف السلطات بيهوديتهم.
واضف الى كل هذا فإن الاصوليين حصلوا طوال الوقت على ميزانيات سخية لمؤسساتهم الدينية والتعليمية، ويحظرون على ابنائهم الخدمة في الجيش لاسباب دينية، مع انهم بمعظمهم من مؤيدي اليمين الاسرائيلي.
لقد اثبتت الانتخابات البرلمانية منذ العام 1992 ان في اسرائيل قوة متحركة بين الجمهور تتعلق بكل حزب ينادي للتصدي للاصوليين اليهود، وظهرت شينوي لأول مرة في انتخابات العام 1999 وحصلت على ستة مقاعد، وكما ذكر فسبب خطابها المتشدد ضد الاصوليين من جهة، وضعف اليسار الصهيوني من جهة أخرى، الى جانب البلبة السياسية، حصلت شينوي على قوة غير طبيعية، وهناك قناعة كاملة لدى كافة المحللين والمراقبين، بأن هذا الحزب ظاهرة عابرة، لن تختفي في الانتخابات المقبلة ولكنها ستخسر الكثير من قوتها.
لقد نجح شينوي في بداية ولاية الكنيست الحالية في الدخول الى الحكومة، وقطع الطريق على الاصوليين، الى ان ادرك شارون، وامام الهزات العنيفة التي عصفت بحكومته، انه لا يمكنه الحفاظ على حكومته دون الاستناد الى الاصوليين، فقرر الاستغناء عن شينوي، واستبدالها بحزب "العمل" لفتح الابواب امام الاصوليين للعودة الى الحكومة.
أحزاب اليمين المتطرف
وصلت الى الكنيست في الانتخابات الاخيرة كتلة يمينية متطرفة تجذب اصواتا ايضا من حركات ارهابية يهودية، وهي كتلة كانت ممثلة في الكنيست السابق بكتل متفرقة، واطلق على هذه الكتلة اسم "هئيحود هليئومي" وللكتلة سبعة نواب كان يتزعمهم المتطرف المعروف افيغدور ليبرمان الذي استقال من عضوية البرلمان بعد حصوله على حقيبة وزارية، وفقد الوزارة حينما اقاله شارون في مطلع شهر حزيران (يونيو) الماضي.
تضم الكتلة ثلاثة أحزاب، هي "يسرائيل بيتينو" التي تمثل المهاجرين الروس وقوى يمينية، وحزب موليدت الارهابي الذي يدعو الى طرد جميع الفلسطينيين من وطنهم، وحزب تكوما، وهم مجموعة يمينيين انشقوا عن حزب المفدال.
في الاسابيع الأخيرة خرج ليبرمان ببرنامج سياسي جديد، يدعو الى تقاسم فلسطين التاريخية على اساس سكاني وليس جغرافيا، بمعنى ضم بعض مناطق الـ 48 للكيان الفلسطيني مقابل ضم اسرائيل لكتل استيطانية، وبطبيعة الحال لم يغير هذا العنصري ليبرمان جلده، فبرنامجه عنصري بحد ذاته، وهو عمليا يريد فرض قيود على "من يتبقى من الفلسطينيين في اسرائيل"، ولكن هذا البرنامج يدل ايضا على ان فكرة "ارض اسرائيل الكبرى" سقطت ايضا في بعض معاقل المتطرفين العنصريين، وهذا ما قاد الى حل الشراكة البرلمانية، وتحولت كتلته الى كتلتين، واحدة تضم حزبه "يسرائيل بيتينو"، والثانية تضم الحزبين الآخرين، وابقت على اسم الكتلة.
لقد شاركت هذه الكتلة في حكومة شارون حتى مطلع الصيف الماضي، حين تفجرت الشراكة على خلفية خطة الفصل، وقادة هذه الكتلة يقودون الآن معارك المستوطنين ضد خطة الفصل.
كذلك في الكنيست هناك حزب "المفدال" الديني اليميني الصهيوني، الذي له ستة اعضاء كنيست، وحين نقول "صهيوني" فهو لغرض التمييز بينه وبين الكتل الدينية الاصولية التي تعادي الفكر الصهيوني لاعتبارات دينية، ولكنها تنتمي لليمين الاسرائيلي.
وحزب "المفدال" هو من أقدم الاحزاب الصهيونية الاسرائيلية، ومر بعدة مراحل، وهو ايضا شهد غزوا من قوى اليمين المتطرف والمستوطنين، الى درجة انه انصهر تقريبا في هذه القوى، ولكن في السنوات الأخيرة ظهرت مجموعة كبيرة في الحزب، تريد اعادة الحزب الى تقاليده القديمة، الى البرنامج اليميني "المعتدل"، والاعتدال هنا نسبي، ونسبي جدا، فالمقصود هو عدم الانجرار وراء المتطرفين من اليهود، والحفاظ على "لياقة سياسية" معينة، بامكانها التعاطي مع عدة جهات في الحلبة السياسية.
وقاد هذا الجدل الى انشقاق في داخله، وفي الايام الأخير حصل الانشقاق في الكتلة البرلمانية، وتبين ان رئيس الحزب ايفي ايتام، وحليفة يتسحاق ليفي وقعا اتفاقا سريا مع كتلة اليمين لخوض الانتخابات بشكل مشترك، وبقيت كتلة "المفدال" مع اربعة نواب.
وكان "المفدال مشارك في حكومة شارون، وانسحب منه على خلفية اقرار الكنيست لخطة الفصل.
الكتل الدينية الاصولية
في الكنيست يوجد كتلتان لليهود الاصوليين، الذين يطلق عليهم اسم "الحريديم" وفي الايام الأخيرة تحولتا الى ثلاث كتل فالازمات تطال هذا الجمهور ايضا.
الكتلة الاكبر هي كتلة "شاس" التي لها 11 نائبا، وتمثل جمهور اليهود الشرقيين المتدينين، "السفراديم"، يحكمهم زعيم روحي يدعى عوفاديا يوسيف، وكان في اواخر السبعينيات الحاخام الاكبر لليهود الشرقيين، وهو من اكثر الاحزاب الضاغطة من بين الاحزاب الدينية، وقد ذكرنا هذه الضغوط، عند الحديث عن حزب شينوي، السابق ذكره، وبسبب طبيعة حياة الحريديم، فهذا الحزب ليس له مؤسسات تقرر، والقرارات تصدر عن شخص واحد هو الزعيم الروحي، في جميع النواحي.
لقد ظهرت كتلة "شاس" لأول مرة في انتخابات العام 1984 بحصولها على اربعة مقاعد، وفي كل انتخابات كانت تحقق انجازا، ففي انتخابات 1996 قفزت من ست مقاعد الى عشرة مقاعد، وفي انتخابات 1999 الى 17 مقعدا، خسرت منهم ستة في انتخابات 2003، ويتوقع المراقبون ان تخسر مقعدين او ثلاثة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
اما الكتلة الأخرى فهي "يهدوت هتوارة" ولها خمسة نواب، وتمثل اليهود الاوروبيين، "الاشكناز"، وتضم حزبين قديمين، الأول "اغودات يسرائيل" وله ثلاثة اعضاء، وايضا يمثلون فرقا مختلفة بين الحريديم الاشكناز، وحزب "ديغل هتوراة"، وله نائبين، وفي الايام الاخيرة انشقت الكتلة بين الحزبين على خلفية الانخراط في حكومة شارون، فحزب اغودات يسرائيل انضم الى الحكم وحصل على مناصب رفيعة في البرلمان، ونيابة وزراء، فيما اصر الحزب الثاني "ديغل هتوراة" على تاييد الحكومة ولكن من دون تولي مناصب الى ان تنتهي فترة اختبار شارون، لمدة 90 يوما، والتأكد من انه عازم على تنفيذ الاتفاق المالي، لاتفاق الائتلاف.
ويذكر هنا ان هذين الحزبين يرفضان تولي حقائب وزارية في حكومات اسرائيل لاسباب عقائدية، ورفضهم تحمل "وزر" قرارات تتعارض مع الشريعة اليهودية المتشددة، وهو تقليد لا نجده في حركة "شاس" الدينية.
خلاصة
نرى في ما سبق في هذه الحلقات ان حالة التخبط هي حالة عامة تعصف بجميع الاحزاب، وهذا يعكس نفسه على السياسة الاسرائيلية، الى درجة ان المراقبين والمحللين لا يتوقعون تغيرا جذريا للخارطة الحزبية في اسرائيل في الانتخابات القادمة، إلا إذا حدثت مفاجآت على مستوى الانفراج الامني والتهدئة، وهذه خيوط بيد حكومة اسرائيل نفسها.
ليس صدفة ان هذه المعالجة لم تتطرق الى الاحزاب والحركات الفاعلة بين الاقلية الفلسطينية في اسرائيل، المتمثلة اليوم بثمانية نواب، مع ان قوتها من حيث الاصوات كانت 10 نواب، فقد سقطت قائمة انتخابية حصلت على ما يساوي مقعد ولم تصل الى نسبة الحسم، وخسرت كتلة أخرى اصوات مقعد تقريبا بفعل طريقة احتساب فائض الاصوات في اسرائيل، وهذه الكتل هي موضوع قائم بحد ذاته، له معالجة أخرى، وكانت هذه المعالجة للاحزاب الصهيونية والدينية اليهودية التي تدور في فلك الحكم الاسرائيلي وتؤثر على قراراته.