إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



سيناريوهات المرحلة المقبلة

معركة شارون القادمة الحفاظ على حكومته لمدة عام

5/10/2005
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

*مهمة شارون معقدة وشبه مستحيلة ومتعلقة بأطراف عدة في الخارطة السياسية *مجرد بقاء حكومة شارون حتى هذه الفترة يعتبر انجازا لرئيسها، بعد ان اجمع المراقبون على زوالها كأبعد حد في الوقت الراهن* قلق شارون حول مستقبله السياسي سيكون عاملا مقررا لشكل تحركاته داخل الليكود وحكومته*

لم يكن فوز رئيس الحكومة الاسرائيلية، اريئيل شارون، في اللجنة المركزية لحزب الليكود، الذي يرأسه، مجرد فوز عابر، فقد اثبت انه نقطة تحول قلبت الكثير من التوقعات حول مستقبل حكومته، ولكن استمرار هذه الحكومة او بتركيبة اخرى حتى موعد الانتخابات البرلمانية الرسمي بعد عام كامل من الآن، هي مهمة صعبة تنتظر رئيسها شارون في الاشهر القليلة القادمة، ولكن مجرد بقاء حكومة شارون حتى هذه الفترة يعتبر انجازا لرئيسها، بعد ان اجمع المراقبون على زوالها كأبعد حد في الوقت الراهن.
وكان شارون قد نجح، في مطلع الاسبوع الماضي، في اسقاط اقتراح من معارضيه في اللجنة المركزية لحزبه التي تضم 3050 عضوا، يقضي بتقديم موعد الانتخابات لرئاسة الحزب الى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، بدلا من شهر شهر نيسان/ ابريل القادم، وهو اقتراح كان يعني حجب الثقة عن شارون كرئيس للحزب، واقراره كان يعني ازمة حكومية مباشرة، قد تؤدي الى ان يباشر شارون بنفسه لحل الحكومة والتوجه الى انتخابات برلمانية جديد مبكرة.
إلا ان شارون، وكعادته في سنوات حكومته الحالية، فاجأ الجميع، تقريبا، بفوزه بنسبة ضئيلة، بلغت 51,5%، وهزم بذلك اكبر منافسيه بنيامين نتنياهو، وبعد يومين بدأت تظهر ملامح انقلاب في الليكود، ففي حين كان يمنح 47% من المنتسبين لليكود اصواتهم لنتنياهو في أي انتخابات رئاسية مقبلة، مقابل 38% لشارون، فقد اظهر استطلاع جديد ان شارون يحقق في أي انتخابات مستقبلية لرئاسة الحزب 51% مقابل 36% لنتنياهو، وعلى الرغم من هذا فمن السابق لأوانه اعتبار هذا الاستطلاع دقيقا يعكس صورة الوضع، وانما هذه نتائج طبيعية تعكس حالة الانجراف وراء الضجة الاعلامية التي احدثها فوز شارون، ولا شك انه في الاسابيع القادمة ستظهر تحولات وتقلبات حسب المزاج السياسي، او على الاصح المزاج الاعلامي، الذي دعم شارون بصورة واضحة امام منافسيه في الليكود، طيلة الاسابيع الماضية.
وما ان نفض شارون عنه غبار معركته في الليكود، التي كانت احتمالات فوزه ضئيلة، حتى وجد امامه معركة الحفاظ على حكومته، ولكنها ليست معركة مفاجئة بل معروفة مسبقا منذ اشهر طويلة، وبالذات بعد انضمام حزب العمل لحكومته في شهر كانون الثاني/ يناير الذي اعلن جهارة انه دخل للحكومة من اجل تنفيذ ما يسمى بـ "خطة فك الارتباط" واخلاء داخل قطاع غزة، وانه سيصطدم مع الحكومة عند اقرار ميزانية العام المقبل 2006، فهو يريدها اكثر اجتماعية تميل لصالح الفقراء، وهي الميزانية التي ستطرح على الكنيست الاسرائيلي في الأيام الاولى للدورة الشتوية التي ستبدأ في 31 الشهر الجاري.
ونعرض في ما يلي سيناريوهات المرحلة المقبلة التي تنتظر شارون.

عام انتخابات

ينص القانون الاسرائيلي على ان الانتخابات البرلمانية تجري في يوم الثلاثاء الواقع بين نهاية شهر تشرين الأول/ اكتوبر وبداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر كل اربع سنوات، وعلى الرغم من هذا القانون فإن خمس انتخابات فقط من اصل 16 معركة انتخابات برلمانية شهدتها اسرائيل، جرت وفق الموعد الذي ينص عليه القانون، وكانت آخر انتخابات كهذه جرت في العام 1988، وقبلها جرت في العام 1973 بتأخير شهرين بسبب حرب اكتوبر.
وإن دلّ هذا على شيء فإنه يؤكد حالة القلاقل السياسية التي تشهدها اسرائيل طوال سنواتها، حتى عندما كان الحزبان الاكبران يحصلان على حوالي 60% من الاصوات، واحيانا اكثر، وجرت العادة في اسرائيل انه مع بدء اجواء عام الانتخابات تتسارع الازمات السياسية في الحلبة الحزبية لتقود في تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، وعادة يتم الاتفاق على موعد الانتخابات بين الحزبين الاكبرين، وفي الوضعية القائمة اليوم تشارك احزاب كبرى اخرى في المشاورات حول الموعد.
وفي الحالة التي امامنا فإن اجواء الانتخابات ستطغى على البرلمان الاسرائيلي في اليوم الاول لعودته للدورة الشتوية بعد عطلة دامت ثلاثة اشهر، وستطغى الاجواء الانتخابية على مواقف الكتل البرلمانية التي تتحفظ من المخاطرة في مناورات سياسية، وتسعى لابراز تميزها في الساحة السياسية عن باقي الاحزاب، ولا توجد مناسبة اكبر لهذه الاحزاب من مناسبة اقرار ميزانية الدولة، ففي عام الانتخابات تسعى الاحزاب الصهيونية لابراز "قربها والتصاقها بشرائح الشعب الفقير"، وحتى ان في اسرائيل هناك مصطلح "اقتصاد انتخابات"، بمعنى تغيير بنود في الميزانية العامة لتتملق للشرائح الفقيرة والضعيفة بالفتات، دون اجراء أي تغيير جوهري، ليكون امام أي حكومة جديدة مهمة واحدة ووحيدة وهو تقليص في الميزانية بسبب "اخطاء" الحكومة السابقة، وتعود الكرّة من جديد.
وفي عرضنا للأزمات التي سيواجهها شارون في هذه المعالجة سيظهر موضوع الميزانية كونه الموضوع الأكثر سخونة، ولا يوجد على جدول اعمال اسرائيل أي برنامج سياسي جديد قد يثير ازمة سياسية، وهذا ما أكده رئيس الحكومة شارون في الايام الاخيرة عدة مرات، حين نفى ان يكون لاسرائيل أي مخطط سياسي جديد احادي الجانب، وان الخطة الوحيدة التي امام اسرائيل هي "خارطة الطريق"، التي سيكون البدء فيها "بعد ان تنفذ السلطة الفلسطينية التزاماتها الأمنية"، وهي اللازمة التي يكررها ساسة اسرائيل صباح مساء في الآونة الأخيرة.
بقي ان نذكر انه على الرغم من "سخونة" الميزانية، إلا انه لم تجر أي انتخابات في اسرائيل على خلفية اقتصادية اجتماعية، بل ان هذا موضوعا هامشيا وليس مقررا او حاسما في الساحة السياسية الاسرائيلية. 

ازمة شارون في كتلته البرلمانية

الأزمة الأولى التي على شارون مواجهتها هي ترتيب "البيت الداخلي" في كتلة حزبه البرلمانية، وكما معروف هناك مجموعة متمردين في الكتلة على شارون كانت تضم 13 نائبا من اصل 40 نائبا، ولكنها اتسعت الى حوالي 18 نائبا ووزيرا في تصويت اللجنة المركزية على اقتراح الاطاحة بشارون، فقد تورط ثلاثة وزراء بتأييد هذا الاقتراح وهم وزيرة المعارف ليمور ليفنات ووزير الصحة داني نافيه ووزير الزراعة يسرائيل كاتس، واجمع المحللون على ان استطلاعات الرأي التي كانت تؤكد خسارة شارون حتى قبل يوم من التصويت خدعت الوزراء الثلاثة الذين بحثوا لانفسهم عن ملاذ لدى الأغلبية الوهمية.
ويقول محللون ان شارون عازم على "تأديب" الوزراء الثلاثة، إما بنقل حقائبهم او تقليص صلاحياتهم، وابرز هؤلاء ليمور ليفنات، التي تسيطر على حقيبة التربية والتعليم وتعتبر من الوزارات الكبيرة في اسرائيل، ولكن من غير المؤكد ان يبادر شارون بنفسه الى أزمة جديدة في داخل كتلته البرلمانية، وقد يكتفي بحالة المهانة التي شعر بها الوزراء الثلاثة الذين غيّروا مواقفهم في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة قبل التصويت.
ولكن مجموعة المتمردين ستبقى على حالها وتزيد بنائب واحد وهو وزير المالية بنيامين نتنياهو، الذي سيستغل الحلبة البرلمانية لمناطحة شارون، وليس معروفا حتى الآن ما إذا سيؤكد مشروع الميزانية الذي خطط معظمها بنفسه، فقد اعلن انه سيؤيد الميزانية إذا بقيت على نفس الشكل الذي خططه حتى قبل شهرين، ولكن وزير المالية الجديد ايهود اولمرت، وهو اشد الناقدين لنتنياهو، اعلن عزمه اجراء تغييرات في الميزانية لتخفف من العبء على الشرائح الفقيرة والضعيفة، بمعنى "اقتصاد انتخابات" كما ذكر لاحقا، ولكن ما هو مؤكد ان نتنياهو لن يدع مشروعا كهذا يمر بسهولة بل سيناور من اجل كسب مساحات وساعات في الاعلام الاسرائيلي لتسويق خطابه السياسي وهذا ما سيعكس ضعف ائتلاف شارون الهش، الذي يعتمد بصعوبة على 64 نائبا، ليسوا جميعا اوفياء للحكومة، ويستعين شارون بثلاثة نواب انفصلوا عن كتلهم وينشط كل واحد منهم لوحده (الكنيست يضم 120 مقعدا).
ولكن نتنياهو ليس الشخص المرغوب به كليا في صفوف المعارضين لشارون، خاصة بعد ان اتهموه بأن نهجه وتحركاته وخطابه هو ما جعل شارون يفلت من مشروع الاطاحة به، كما ان نتنياهو سيواجه في الكنيست وفي الكتلة البرلمانية، وعلى مدار الساعة المنافس الثالث على رئاسة الحزب، النائب المتشدد عوزي لنداو، وهو المعني بالاطاحة بنتنياهو ايضا لتخلو الساحة له امام شارون.
وبالتالي فإن شارون سيستفيد من حالة الشرخ الموجودة في معسكر معارضيه، بالاضافة الى ان الانتخابات الأخيرة التي جرت في العام 2003، حملت معها 38 نائبا ليكوديا وانضم اليهما نائبا كتلة المهاجرين الجدد، ونصف هؤلاء تقريبا يدخلون لأول مرة الى البرلمان، ولكن ليس جميعهم على ثقة انهم سيعودون الى مقاعدهم المخملية في الانتخابات المقبلة، ولهذا فإنهم سيبحثون عن حبل النجاة، وسيظهرون على الساحة السياسية كالفئران في السفينة التي على وشك الغرق، فليس صدفة ان اصوات دعاة الوحدة ورأب الصدع في الليكود بدأت تصدر من كل حدب وصوب في الليكود غداة فوز شارون في اللجنة المركزية للحزب، فقسما كبيرا منهم يريد رأب الصدع لئلا يسقطون في الهوّة التي افرزها الشرخ.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا سيلتزم نواب الليكود جميعا بالوقوف الى جانب الحكومة، والاجابة على هذا السؤال عاملا اساسيا في ثبات الحكومة او عدمه، كما ان وحدة الكتلة البرلمانية ستكون عامل جذب للكتل الأخرى للدخول الى الحكومة، او الانسحاب منها.
والى جانب كل هذا فإن شارون سيكون منشغلا في مستقبله السياسي في الليكود، فإذا استمرت استطلاعات الرأي في طمأنته بأنه سيبقى رئيسا للحزب في الانتخابات لرئاسة الحزب، فإنه لن يبحث عن بدائل، ولكن إذا شعر بخطر السقوط فإنه قد يقرر عدم خوض الانتخابات واللجوء لاقامة حزب جديد يتزعمه، ليبحث فيه عن فرص جديدة للبقاء في سدة الحكم، فاستطلاعات الرأي في هذا المجال مطمئنة له، ولكن التجربة السياسية في اسرائيل على مدى عشرات السنين بدءا من دافيد بن غريون وحتى اليوم، اثبتت ان الزعيم السياسي الذي يهجر حزبه لا يكون بامكانه اقامة حزب مواز وبنفس الحجم.
لذلك فإن قلق شارون بشأن مستقبله السياسي في الليكود او خارجه سيحكم ايضا شكل تصرفه داخل الحزب او في حكومته.

الازمة مع حزب العمل

أزمة شارون مع حزب "العمل" اكبر شريك له في الائتلاف الحاكم ستكون متشعبة وتحكمها عدة عوامل، ابرزها نتائج الانتخابات لزعامة حزب "العمل" المتوقع في التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، ولكن أصلا، وكما ذكر سابقا في هذه المعالجة، فإن حزب "العمل" ينوي التعامل مع ميزانية اسرائيل للعام المقبل كخشبة القفز التي تخرجه من هذه الحكومة، خاصة وانه سيكون من الصعب عليه خوض معركة انتخابية برلمانية من داخل حكومة اريئيل شارون، التي ستكون هدفا للمهاجمة من قبله في خطابه الانتخابي.
إلا انه في هذا المجال ينتظر حزب "العمل" شركا ليس بسيطا، فوزير المالية بالوكالة ايهود اولمرت اعلن انه يريد اعادة النظر في عدد من البنود في الميزانية وتعديلها لتخفف من معاناة الشرائح الفقيرة، وقد يرفع حزب "العمل" الثمن الذي يريده، ولكن حججه ستكون صعبة إذا ما قررت كتلة شاس الدينية الاصولية، التي تظهر بطابع اجتماعي اقرب للفقراء، دعم الميزانية على ضوء التغيرات المنتظرة.
 ولكن القرار الحقيقي في حزب "العمل" سيكون بعد التاسع من نوفمبر، بعد انتخاب رئيس جديد للحزب، فحتى الآن هناك اربعة متنافسين بعد انسحاب رئيس الحكومة السابق ايهود براك، لصالح شمعون بيرس، وتشير استطلاعات رأي ان بيرس قد يفوز بهذه الانتخابات في حال عبر نسبة 40% في هذه المنافسة، كما انه ليس من المضمون ان يبقى الثلاثة في حلبة المنافسة فقد يختار الوزير بنيامين بن اليعيزر، ولربما متان فلنائي، او احدهما فقط الانسحاب هو الآخر من حلبة المنافسة لصالح شمعون بيرس.
على أي حال فإن الأجواء تشير الى ان الفائز سيكون بيرس، ومن الصعب تخيل مفاجأة في هذا المجال بسبب ضعف منافسيه، الذين اقواهم عمير بيرتس،  والذي لا يمكنه ان يتجاوز نسبة 28% في حال تعدد المتنافسين بسبب حسابات داخلية في الحزب، وتخوف من طابع عمير بيرتس الاقتصادي الاجتماعي، فهو رئيس اتحاد النقابات، ورئاسته للحزب تبعد جمهورا واسعا من مصوتي حزب "العمل"، خاصة من اصحاب رؤوس الاموال.
وعمليا فإن طابع القرار سيكون مرتبطا باسم رئيس الحزب، ويشير محللون الى انه في حال فوز بيرس فإنه لن يسارع للخروج من الحكومة وافتعال ازمة ائتلافية تقود بسرعة الى انتخابات برلمانية، ولكنه في نفس الوقت سيبحث عن التوقيت المناسب لهذا الانسحاب، فإذا كانت الأجواء تشير الى احتمال اجراء الانتخابات البرلمانية في الربيع القادم، فمن المؤكد انه ليس باستطاعة شمعون بيرس انهاء عام 2005 وهو في أحضان حكومة شارون.
وفي المقابل فإن شارون سيبذل قصارى جهده لابقاء حزب "العمل" في داخل الحكومة، خاصة بعد ان ثبتت له التجربة ان الالتزام الحزبي في كتلة "العمل" هو اقوى بكثير، وبما لا يقارن، بالالتزام الحزبي في كتلة الليكود، ولهذا فإن شارون يعتبر كتلة من 21 متراصة اقوى من كتلة 40 نائبا مترهلة ككتلة حزبه.
ولكن بنفس الوقت فإن شارون لن يراهن اكثر من اللزوم على حزب "العمل" وهو يبحث عن بدائل في معسكرين متناقضين لدى العلمانيين ولدى الاصوليين اليهود (الحريديم) وهو ما سنتطرق اليه تاليا، ولكن شارون لن يكون بامكانه التوجه الى الكتل اليمينية المتشددة التي تطالب برأسه السياسي بسبب اخلاء مستوطنات قطاع غزة، بمعنى ان تحرك شارون سيكون محصورا وليس امامه الكثير من الفرص.

بين العلمانيين والمتدينين

في هذا المجال امام شارون معسكرين متناقضين، الاول يضم كتلة شينوي لوحدها، التي تضم 14نائبا بزعامة النائب يوسيف لبيد، وهي الكتلة التي هجرت حكومته في شهر كانون/ ديسمبر، بعد ان قرر شارون منح ميزانيات زائدة لجمهور الاصوليين الحريديم، ولكن هذه الكتلة دعمت حكومة شارون من الخارج في كل ما يتعلق بتطبيق خطة "فك الارتباط"، وحاولت هذه الكتلة فرض نفسها كبديل لحزب "العمل"، في حال انسحابه من الائتلاف الحكومي، ولكنها وضعت شرطا بأن لا يتم تغيير الميزانية وان تبقى بموجب سياسة نتنياهو الصقرية المجحفة بحق الشرائح الفقيرة والضعيفة، وهو مطلب صعب على شارون، الذي هو ايضا يسعى لميزانية اكثر تساهلا مع الشرائح الفقيرة في عام الانتخابات.
ومن جهة أخرى فقد ظهرت، لأول مرّة، بوادر تقارب بين شارون وكتلة شاس المتدينة الشرقية، حين وافق شارون على مطلبها وفق اعمال بنى تحتية لشركة الكهرباء في ايام السبت، وهو ما اثار غضب العلمانيين كون هذه الاعمال تجري في اماكن مكتظة بالسيارات في ايام الاسبوع وعملها ايام السبت يخفف من الأزمة.
ومن هذا التفاهم بدا الحديث حول احتمال ان تدعم كتلة "شاس" ميزانية الدولة بالقراءة الاولى في الشهر الاول للدورة الشتوية، مقابل اجراء تغييرات فيها، ومن ضمنها رصد ميزانيات اكبر لجمهور الحريديم.
وهنا ليس معروفا كيف سيكون موقف حزب العمل من رصد ميزانيات كهذه، فهو في مسألة الصدام بين العلمانيين والمتدينين يحاول الوقوف في الوسط لئلا يخسر اصوات من الجانبين، وهو لا يستطيع اشهار حرب مباشرة على صرف ميزانيات كهذه كان هو قد صرفها عندما رئس الحكومات السابقة، وبنفس الوقت فإن الافراط في رصد ميزانيات كهذه لا يسمح له بالوقوف موقف المتفرج لئلا يخسر من اصوات العلمانيين.
إن ضم "شاس" للحكومة في الأشهر الأخيرة قبل بدء المعركة الانتخابية هي خطوة مغامرة لكافة الاطراف، ولكن دخول "شاس" وخروج "العمل" سيفقد شارون الاغلبية الائتلافية لحكومته. بمعنى ان المفتاح الأكبر لثبات حكومة شارون سيكون في جيب حزب "العمل"، امام قلة الخيارات امام شارون، وهذا ما يجعل مسألة تقديم موعد الانتخابات البرلمانية الى الربيع العام القادم بدلا من خريفه هو الاحتمال الاقوى، على الرغم من ان شارون ربح الكثير من الرهانات على سرعة انهاء أجل حكومته.

 


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر