إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



اسرائيل تخرج نفسها من دائرة مسببات الارهاب العالمي

الأربعاء 25/7/2005
برهوم جرايسي- الغد

ما ان وقعت العمليات التفجيرية الارهابية في منطقة شرم الشيخ قبيل فجر يوم السبت الماضي، واتضح حجم الكارثة، حتى راح المحللون الاسرائيليون، ومعهم من يسمون انفسهم بـ "مصادر سياسية"، ليخرجوا اسرائيل وجرائم احتلالها من الأرضية والتربة الخصبة التي تدفع في اتجاه هذه الجرائم، التي باتت تنتشر في كل بقاع الأرض.
ومن تابع جميع وسائل الاعلام الاسرائيلية طوال يومي السبت والأحد، من الصعب ان يتحرر من الشعور بأن هناك نوعا من "الفرحة الشامتة" في الشارع الاسرائيلي، وظهر هذا جليا في تعليقات مئات المواطنين في اكبر مواقع الانترنت الاخبارية الاسرائيلية، حتى "توجها" مقال لسفير اسرائيل السابق في مصر تسفي مازال، الذي نأتي عليه لاحقا.
قبل يوم من وقوع تلك العمليات القاتلة ظهر تقرير لجهاز المخابرات العسكرية الاسرائيلية، ونشرت مقاطع منه صحيفة "الغد"، في عددها الصادر يوم السبت الأخير، يقول ان "اسرائيل ليست مستهدفة من قبل تنظيم القاعدة"، وهذا على الرغم من ان المؤسسة الأمنية الاسرائيلية لا تكف عن ذكر ان ثلاثة أو اربع عمليات من التي وقعت في اسرائيل او تم ضبطها كان يقف من ورائها تنظيم القاعدة، وفجأة شطبت هذا لتقول مخابراتها العسكرية: "إن اسرائيل موجودة خارج نطاق لعبة الارهاب الدولي، وليست مستهدفة من قبل القاعدة... والجهاد العالمي لا يضع اسرائيل ضمن اولويات الاهداف لتنفيذ عمليات".
وجاء في تقرير الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ان اسرائيل "تغضب" من ربط العمليات التفجيرية التي تحدث في العالم، مثل مدريد لندن مؤخرا، وتقول المصادر، "إن الامريكان الذين ضبطوا الخارطة الاستراتيجية لتنظيم القاعدة في افغانستان يعرفون الحقيقة، فحسب هذه الخارطة فإن العالم المسيحي تم صبغه باللون الأخضر، إن حربهم الاستنزافية هي ضد العالم المسيحي، واسرائيل ليست موجودة على هذه الخارطة"، كما جاء في التقرير.
وبطبيعة الحال فإن الهدف من وراء هذا التقرير هو أمر واحد، وهو محاولة اسرائيل البائسة لاخراجها من حلقة الاسباب الدولية الاساسية التي تنمي ظواهر العنف والتطرف وخلق اجواء اليأس والاحباط والظلم، فاسرائيل لا ترى في احتلالها للاراضي الفلسطينية والتنكيل بشعب بأكلمه، جريمة بحق الانسانية، وانما هذا "حق لها في ارض اسرائيل الكاملة"، لينسجم هذا مع جهود اسرائيل لوضع نضال الشعب الفلسطيني، من اجل حقوقه المشروعة، في خانة الارهاب ليس إلا، وتعمل جاهدة لاشغال العالم بما تسميه هي "الارهاب الفلسطيني"، وتبعد عن الرأي العام العالمي حقيقة القضية الفلسطينية، ليصبح المطلب الاول هو "وقف الارهاب" بدلا من ازالة الاحتلال.
وبطبيعة الحال فإن المهمة الاسرائيلية تسهل في الساحة الدولية حين تجد توافقا وانسجاما معها في الادارة الامريكية وبعض الدول التي تدور في فلكها، ولكن ما يساعد هذا اكثر هو قيام جهات دولية، ومنها وسائل اعلام مركزية في العالم، بالخلط بين النضال العادل من اجل زوال الاحتلال وبين الارهاب العالمي، مستغلة خطاب الجهات المنفذة التي تضع القضية الفلسطينية في صلب هذا الخطاب.
إن هذا الخلط يسبب مآسي جمّة للنضال الفلسطيني، وهذا ما يعيه كل فرد فلسطيني يعاني الاحتلال، وكان من الطبيعي ان نقرأ بيانات الاستنكار لعمليات شرم الشيخ من كافة الفصائل الفلسطينية المركزية، من السلطة الفلسطينية وفتح وحماس وغيرها.   
كذلك فإن اسرائيل تستغل النقاش العالمي الذي يخلط ايضا بين الدين والعمليات الارهابية، مستغلة النقمة العالمية على تلك العمليات ونتائجها، ففي مقال ينضح بالسم لسفير اسرائيل السابق في القاهرة، تسفي مازال، ونشره في اكبر موقع انترنت اخباري اسرائيلي تابع لصحيفة "يديعوت احرنوت" يوم السبت الاخير، صب كل "غضبه" على الدول العربية والاسلامية معتبرا اياها انها الدفيئة التي تربي التطرف، وحتى انه وصل الى حد يدعي فيه ان هذه الدول تربي اطفالها على "استعلاء الاسلام" وشطب الاديان السماوية الأخرى والكراهية اتجاهها.
ليس المقال في مستوى النقاش، كون ان عنصرية الكاتب تفضحه، ففي احد التعليقات على المقال في نفس موقع الانترنت، ذكّره احد القراء بإستعلاء اليهودية، من خلال تعابير "شعب الله المختار"، وانكار كافة الاديان وغيرها، ولكن المهم في هذا المقال هو التوجه الاسرائيلي الصهيوني منذ عشرات السنوات بجعل الصراع دينيا وليس على اساس قومي، ولا يستطيع الفكر الصهيوني إلا التشبث بالدين في محاولة لاثبات مزاعم "حقه بالأرض والوطن".
مهما حاولت اسرائيل الخروج من دائرة مسببات الارهاب فإنها لن تنجح، ولكن المأساة ان اسرائيل تجد من يساعدها في محاولتها هذه في مثل هذه العمليات لتشغل العالم عن القضية الأهم.


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر