فاضت الصحافة الاسرائيلية، اليوم الجمعة، بالمقالات والتحليلات حول سوريا الغد، سوريا ما بعد الاسد. وأكثر من ذلك، فقد اجترت صحيفة "يديعوت احرنوت"، كبرى الصحف الاسرائيلية، اليوم الجمعة خبرا نقلته زميلتها "هآرتس" في الاسبوع الماضي، حول ان الادارة الامريكية تتشاور مع اسرائيل حول القائد المنتظر في القيادة السورية، بعد الانقلاب الامرو اسرائيلي الذي علينا انتظاره بين ليلة وضحاها.
واسرائيل، حسب ما تقوله لنا صحافتها، "تفضّل" ان يبقى بشار الاسد في سدة الحكم، ولكن بحكم هزيل وضعيف، اما امريكا فإنها تبحث عن زعيم جديد لسوريا، ولربما تجده في احدى مستوطنات الضفة الغربية، او لعلها تبحث عنه في مستوطنات هضبة الجولان السورية المحتلة.
وهذه الزفة الاعلامية تستبق تقرير المحقق الدولي في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري، بيد ان وزير خارجية اسرائيل سلفان شالوم، او "ستيف" حسب تدليع زوجته، حسم وقرر ان سوريا متورطة بهذا التقرير، وقد يكون استقى تقديراته من تسريبات دبلوماسية، أو انه سارع لقراءة تقرير مكتوب سلفا، منذ الرابع عشر من شباط/ فبراير الماضي يوم ان اهتزت لبنان، او قبل ذلك بأيام!.
لست ممن يدافع عن انظمة وحكّام، ولست ممن يبرئ او يدين سوريا بالاغتيال، وكل الاحتمالات مفتوحة، وعلى اساس الحقيقة التي يجب ان تظهر لاحقا نقرر.
ولكن مهما كانت الحقيقة ومهما كان المذنب، فكيف من الممكن ان يقرر زعيمي الارهاب الدولي، جورج بوش واريئيل شارون، بمستقبل دولة أخرى مثل سوريا.
كيف من الممكن ان يكون "الحق" لاسرائيل بأن تنطق بهذا الأمر، فهي الدولة التي تحتل ارضا سورية والعالم قرر ان ينخرس، وليس العالم لوحده، بل نحن ايضا ساهمنا في تغييب الحديث الدائم عن الهضبة المحتلة، التي ينهش فيها سرطان الاستيطان الاحتلالي.
ولكن طالما ان ابطال واحرار الجولان يرفعون رايتهم ويلوحون بهوياتهم السورية فلا خوف من ضياع الجولان.
وما هو ضروري اليوم ظهور هجوم اعلامي عربي، والى جانبه قوى دولية لها توجهات عادلة، لتطرح قضية هضبة الجولان السورية المحتلة، يوميا، على جدول الاعمال السياسي.
أنا لا اذكر متى زارت آخر مرّة قناة فضائية المنطقة السورية المحتلة للاطلاع على حجم الجريمة.
من ملامح العصر الجديد ان هناك من يرسم مجال تحرك الاعلام في منطقتنا، بوسائل خفيّة، وليس فقط خفيّة، وهناك اعلام يعرف ماذا يفعل ويشارك في الجريمة عن سبق الاصرار والترصد، وهناك اعلام واقع في الشرك من دون ان يعلم.