إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



الطريقة البرازيلية هي تنقذ الفقراء؟

الأحد 16/10/2005
بقلم جهاد عقل- "الاتحاد" الحيفاوية

الفقر آفة العصر وخطر على مستقبل المجتمع البشري*  توفير الدعم الحكومي خطوة لابد منها من أجل الخروج من الفقر وتبعاته* هل تنجح دول أمريكا اللاتينية في تحقيق ما فشلت في تحقيقه دول مثل الولايات المتحدة؟*


 منذ إنتشار ظاهرة الفقر والفاقة وتفاقمها في عالمنا المعولم، يحاول البعض من الدول وضع البرامج من أجل إنقاذ عدد كبير من العائلات ،التي تعيش في فقر مدقع في تلك الدول.
هذا الفقر، الذي تُنكب فيه تلك العائلات يُشكل خطراً كبيراً ليس فقط على مستقبل العائلات وأولادها، بل هو يُشكل خطرا داهما لمجتمعات هذه الدول ومستقبلها. لأن قضية الفقر، لا تعني فقدان إمكانيات العيش وتوفير لقمة الخبز فقط. بل هي فقدان إمكانيات التعليم والرعاية الصحية وإمكانية إثراء الثروة البشرية التي تشكل العماد لتطور المجتمعات المعاصرة. لذلك ومنذ تولي الرئيس البرازيلي الحالي لويس لولا دي سيلفيا الحُكم في البرازيل ،أعلن أنه سيضع برنامجا إقتصاديا إجتماعيا مغايرا لما كان حتى الآن في البرازيل. مع التأكيد أنه سيعمل جاهداً من أجل إنقاذ العائلات الفقيرة من فقرها بهدف انقاذ أولاد تلك العائلات وبذلك يضمن التطور المنشود للمجتمع البرازيلي، يقوم على العدالة الإجتماعية والتوزيع الأكثر عداله لموارد الدولة ،كي تتحول تلك العائلات الى عامل منتج في المجتمع والا تبقى تعيش في دوامة الفقر والفاقة بتاتاً.


صندوق العائلة" لـ30 مليون مواطن


برنامج الرئيس البرازيلي هذا تطلب تخصيص الميزانيات الكبيرة. والسبب أننا نتحدث عن أكثر من 25% من سكان البرازيل الذين يحتاجون للمساعدة الفورية في الأكل واللباس والسكن وغيرها. وعليه تم تأسيس هيئة خاصة لهذا الغرض وضعت الخطط والميزانيات وإنطلقت في نشاطها الإنساني هذا في العام 2003. وأُطلق على البرنامج "صندوق للعائلة "، تُقدم من خلاله الإعانة المالية لتكون الدخل الأساسي لتلك العائلات بحيث يصل دخل الفرد في العائله الى معدل 43 دولارا على الأقل في الشهر، وبذلك يضمن الصندوق – المشروع توفير إمكانيات العيش الكريم لتلك العائلات.
في البداية توقع عدد كبير من الخبراء الفشل لهذا المشروع البرازيلي، معتمدين على بعض المبادرات المماثلة في دول أخرى، بالأساس دول غنية. لكن ما حدث أن المشروع لقي النجاح وهو يغطي اليوم 7,5 مليون عائلة تشمل 30 مليون مواطن ومن المتوقع أن يغطي هذا المشروع حتى نهاية العام الحالي 11,2 مليون عائلة في أنحاء البرازيل. المساعدة. وبذلك يعتبر هذا المشروع الإجتماعي الأكبر في مجال المساعدات الإجتماعية، تشترط الهيئة المذكورة على العائلات التي تحصل على المساعدات بأن تلتزم بإبقاء اولادها في المدارس وضمان حصولهم على التطعيم الصحي الوقائي والعلاج المطلوب. وبذلك تضمن الحكومة ضمن مشروعها هذا "صندوق للعائلة" بأن تهتم العائلات ليس فقط بتوفير الأكل لأولادها بل بضمان بقائهم على مقاعد الدراسة وعدم الخروج الى سوق العمل والتسول وخطر تعرضهم للإدمان على المخدرات وغيرها مما يؤثر سلباً على العائلة نفسها وعلى المجتمع البرازيلي عامة.


والمكسيك أيضاً


مثل هذا البرناج الذي يهدف الى محاربة الفقر والفاقة وضمان المستقبل السعيد والآمن للمجتمع البرازيلي هناك برنامج مشابه، البعض يقول أنه كان السابق للبرنامج البرازيلي، في المكسيك، ويشمل هذا البرنامج تقديم إعانات الى حوالي 5 ملايين عائلة فقيرة في المكسيك، لكن بشكل مختلف عن البرنامج البرازيلي، حيث يُقدم مبلغ بقيمة 10 دولارات للعائلة للغذاء – الأكل، ومعظم مبلغ الإعانة يكون من أجل مساعدة العائلة في توفير الحاجيات المدرسية لأبنائها والمواصلات للمدرسة والقيام بزيارة العيادات الطبية للعلاج الوقائي ، ويتم فحص ما اذا يواظب الطلاب على دراستهم ففي حالة تغيبهم عن 15% من الدروس  تجمد المساعدة التي تحصل عليها عائلاتهم. النتائج مشجعة حتى الآن كما هي في البرازيل، وفقاً للفحص الذي أجرته هيئات دولية، لأن وضعية العائلات التي تحصل على هذه المنح تتحسن بشكل مثير للإعجاب، ليس فقط في أنها توفر لأولادها لقمة العيش والتغذيه الصحية، بل التحسن الكبير في وضعهم التعليمي والصحي والإجتماعي.
الأرجنتين والأوروغواي ولكن..
مثل هذه البرامج الإجتماعية يتم تطبيقها في عدد من دول أمريكا اللاتينية، مثل الأرجنتين والأوروغواي وغيرهما، لكن نسبة النجاح لهذه البرامج تتفاوت من دولة لأخرى، حيث تواجه عملية التنفيذ مظاهر الفساد التي تعشش في قسم كبير من حكومات أمريكا اللاتينية، لكن التجربة البرازيلية التي قام بها الرئيس دي سيلفيا هي الأنجح حتى الان. السبب لذلك هو قيامه بإلغاء مختلف البرامج الإجتماعية التي كانت موزعة على عدد من الوزارات والهيئات، وشملها ضمن برنامجه والهيئة التي تقوم بالتنفيذ هي هيئة واحدة ضمن "صندوق العائلة ".هكذا تمكن من السيطرة على تنفيذ برنامج مساعدة يصدر من مكان واحد، وبذلك يجري ضبط الأمور بشكل جيد  والتغلب على ممارسات الفسادالمتعارف عليها في أمريكا اللاتينية وبضمنها البرازيل.
تقديرنا الكبير لهذه المبادرات، التي تعمل من أجل توزيع فيه حد أدنى من العدالة الإجتماعية، وفيه إنقاذ لعائلات وأولادها كانت ستبحث يومياً عن لقمة عيشها في صناديق القمامة ،أو في تسوّل أولادها على قارعة الطريق، أو في عمليات الجنوح الذي يشكل خطراً كبيراً على المجتمعات وأمنها ومستقبلها. حكومة البرازيل الفدرالية خصصت لمشروع  "صندوق العائلة " 0.36%  فقط، من مجمل الإنتاج المحلي القومي، ومع هذه النسبة المتواضعه حققت نتائج طيبه حتى الان، فكيف لو قامت هيئة عالمية وفرضت على الدول تخصيص نسبة محددة من مجمل الإنتاج القومي لكل دولة لصالح صندوق عالمي أو وطني يتم من خلاله تقديم المساعدات لفقراء عالمنا، بهدف إنقاذهم من ضائقة الفقر والفاقة، نعم الأمر ليس مستحيلاً،  كل ما نحتاجه  تغيير سلم الأولويات في عالمنا، وإعتماد طريق العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل لوسائل الإنتاج، فالفقراء وفقرهم هما نتاج سياسة إقتصادية تعتمد على الفكر الرأس مالي الذي يمتص خيرات الشعوب وخيرات دولهم لصالح فئة محدودة ليزداد ثراها  على حساب لقمة عيش الآخرين، الذين يُطلق عليهم إسم الفقراء. لقد حان الوقت وفوراً من أجل أن يهب المظلومين في عالمنا المعولم هذا وفرض أجندة عالمية تختلف عن الأجندة القائمة اليوم، أجندة العدالة للجميع ووقف الإستغلال والبطش القائم، أجندة يكون عمادها الطبقة العاملة... فيا عمالنا إتحدوا في وجه الظُلم القائم والإستغلال الذي يؤدي الى هذا الفقر الرهيب.


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر