بدأت، اليوم الاربعاء، محاكمة صدام حسين، جزار العراق، ومن الواضح ان المشاعر مختلطة، فحين يدخل مجرم كهذا الى قاعة المحكمة مكبل الايدي، من الصعب ان لا يمر من امامك شريط لمشاهد الضحايا الذين قتلهم النظام البائد، او الضحايا الذين خدمهم الحظ افضل بقليل، وبقوا على قيد الحياة يعانون.
والنقاش الابرز اليوم يدور حول اهلية المحكمة، خاصة وان العراق لا يزال يخضع لاحتلال امريكي، في حين ان حكام الولايات المتحدة اليوم لا اقل ارهابا واجراما من جزار العراق، وعلى ما يبدو كان من الافضل ابقاء صدام وعصابته قيد السلاسل في الزنازين، الى ان يكنس الشعب العراقي الوجود والاحتلال الامريكي، ونكون على قناعة بنزاهة المحكمة، هذه النزاهة التي حرم صدام شعبه منها.
وهذه قضية لها جوانب وجوانب، فنحن امام مجرم حرب، جزار رهيب، يجب ان يحاكم ويلقى اقصى العقاب، علما ان الاعدام هو أخف الأحكام، بل عليه ان يقبع ما تبقى له من حياة في نفس الزنازين التي كان يزج فيها الناس الطيبين قبل اعدامهم.
ولكن السؤال الذي يسأل، هل هو وحده مجرم حرب في ايامنا هذه، لماذا لا نرى "عدالة" الشرطي الدولي الامريكي تصل الى كل زاوية، فها هو رئيس حكومة اسرائيل، اريئيل شارون، كرّس جزءا من "وقته الثمين" اليوم ليشاهد محاكمة صدام حسين، أليست هذه سخرية قدر اجرامية.
كيف من الممكن ان مجرم حرب مثل شارون بدأ مسيرته الدموية منذ اكثر من 50 عاما، ولا يزال، بامكانه ان يحكم وان يفرض سياسته الاجرامية ليس فقط على بلاده والشعب الواقع تحت احتلاله، بل ايضا بامكانه ان يفرض اجندته السياسية في كل ما يتعلق بقضية الاحتلال على العالم كله.
قبل اكثر من عام فرضت اسرائيل الشارونية على دولة مثل بلجيكا ان تغير قانونها لكي لا يكون بامكانها محاكمة مجرم حرب مثل شارون، وهذا الأمر يجري الآن في دول اوروبية أخرى.
صدام حسين ليس وحيدا.
وعلى العالم ان ينخرس وان لا يتحدث عن جرائم الحرب طالما مجرم مثل شارون يبقى طليقا.