يظهر الوزير شمعون بيرس، عجوز السياسية الاسرائيلية، في المحافل الدولية على انه رجل "سلام"، كيف لا وهو الحاصل على جائزة نوبل للسلام، ولكن حقيقة بيرس هي بعيدة كل البعد عما يظهر فيه، وبالامكان اعتباره انه اخطر شخصية عنصرية في تاريخ اسرائيل، فنحن نعرف الكثير من العنصريين الشرسين في تاريخ اسرائيل، إن كان في الحقل السياسي او في الحقل العسكري وكلاهما متداخلان، وهؤلاء العنصريين لم يخفوا نواياهم وكانوا يتكلمون جهارة بكل ما عندهم، ويفعلون، ولكن عنصرية شمعون بيرس هي من نوع آخر.
إن بيرس في خلفيته شخصية صهيونية ايديولوجية، حذر جدا في تصرفاته وتعامله، وفي تاريخه بدءا من سنوات الاربعين كان عضوا في العصابات الصهيونية التي ارتكبت الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وفي سنوات الخمسين كان هو الاب الروحي والمبادر لبناء مفاعل ديمونة النووي، وكان وزير في جميع حكومات اسرائيل التي شنت الحروب على الشعوب العربية، باستثناء العام 1982 ابان حكومة الليكود التي شنت حربها الاجرامية على لبنان، ولكنه دعم الحكومة من صفوف المعارضة.
وما يدفع الحديث عن عنصرية شمعون بيرس الارهابية هو قيادته لواحد من اخطر المشاريع الصهيونية التي يجري تطبيقها في هذه الايام في منطقة الجليل في شمال البلاد، فهو خطط وينفذ مشروع تهويد الجليل، الداعي الى تشجيع عشرات آلاف اليهود للسكن في منطقة الجليل لمقاومة العامل الديمغرافي، حيث يشكل العرب اغلبية نسبة 51%.
وتفاصيل المشروع لوحده تؤكد على حجم الجريمة التي تنفذ على حساب الاراضي العربية، وعلى حساب فرص العمل التي يجب ان توجه للعرب الذين يعانون من نسبة بطالة هي ضعف النسبة عند اليهود ويعانون من معدلات فقر وبؤس، تصل احيانا الى اربعة اضعاف ما هي عليه عند اليهود، خاصة حينما يجري عن الاطفال.
وتعرض حكومة شارون- بيرس في هذه المرحلة أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية في 104 بلدات يهودية اقيمت جميعها على الاراضي الفلسطينية، وغالبيتها اراضي كانت بملكية فلسطينية خاصة.
ومن جملة الاغراءات، ان الحكومة ووزيرها بيرس، خصصت 2500 مكان عمل للمستوطنين الجدد، في الوقت الذي يسجل فيه فلسطينيو 48 اعلى نسبة بطالة في اسرائيل وهي ضعف نسبة البطالة عند العرب، حيث تعاني بعض البلدات العربية من نسبة بطالة اكثر من 15%.
ويظهر ان كل مستوطن سيحظى بتسهيلات مالية وضريبية، وتخفيض في اسعار البيوت تصل قيمتها الى عشرات آلاف الدولارات، واعلن الطاقم الحكومي الخاص، الذي يعمل على تنفيذ المشروع ان حوالي الف عائلة يهودية اجرت اتصالا مع الطاقم لتبدي اهتمامها وتوجه استفسارات حول شروط الاستيطان.
ويذكر ان البلدات الفلسطينية التاريخية في الجليل، اسوة بجميع مناطق البلاد، تعاني من حالة اختناق واكتظاظ سكاني، وتحرمها الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة اريئيل شارون- شمعون بيرس، من توسيع مناطق نفوذها، واستعادة الاراضي التي صودرت منها.
إن بيرس، وهو اليوم ابن 82 عاما، وينافس على زعامة حزب العمل، عازم على استكمال مشروعه العنصري، ومشروع كهذا يكشف طبيعة بيرس العنصرية، وعلى كل المتوهمين به، خاصة في بعض الدول العربية، ان يريحونا من اوهامهم، فمجرم امثل بيرس الذي جيشه ارتكب مجزرة قانا اللبنانية، مكانه الطبيعي امام محاكم مجرمي الحروب، كيف لا وان المشروع الذي ينفذه اليوم هو احد مشاريع القتل البطيء ضد الشعب الفلسطيني في وطنه.