منذ اليوم الاول لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، قلنا ان الاهم منه ومن حادثة الاغتيال ذاتها ومن كافة تداعياتها ومن أي شيء آخر، ان لا يتحول اللبنانيون الى بني أمية، وان لا يجعلوا من اغتيال الحريري قميص عثمان الذي سيقصم ظهر بلادهم واستقرارهم ورخائهم واقتصادهم.
نوافق على ان اغتيال الحريري جريمة، لكن المساس باستقرار وأمن لبنان جريمة أكبر وأخطر، وأشد مراراً، وبصرف النظر عن مقترفي تلك الجريمة فإن المدبرين والفاعلين استهدفوا الاستقرار في سوريا ولبنان معاً، وأرادوا توريط السوريين في مصيبة، أشبه بأساطير أسلحة الدمار الشامل العراقية التي ساقت البلاد والعباد هناك الى جهنم.
لا يمكن ان يكون مدبروا اغتيال الحريري بريئون من نية توريط السوريين، ولا يمكن الا أن يكونوا قاصدين بسبق اصرار وتعمد أن يقصموا ظهر استقرار دام 15 عاماً في لبنان، والنتائج التي انتهى اليها تقرير المحقق الدولي ديتلف ميليس ليست مفاجئة، وانما متوقعة، ولان درء المفاسد أولى من جلب المنافع على وجه العموم، فان الحفاظ على وحدة اللبنانيين واستقرار بلادهم أولى بألف مرة من القصاص من قتلة الشهيد الحريري.
كنا، وكان اللبنانيون والعرب جميعاً، نحمد الله ألف مرة كل يوم منذ ابرام اتفاق الطائف في العام 1989، والذي انتهى الى مصالحة وطنية تاريخية برعاية عربية انهت الحرب الاهلية، ثم شكرنا السوريين ملايين المرات، رغم أخطائهم، على دورهم في انقاذ لبنان من العدوان الاسرائيلي، وانقاذه من الفتنة الطائفية، وحمايتهم لحزب الله الذي انتهت مقاومته الى تحرير الجنوب، ولم ولن تكون "الآثام" السورية في لبنان، ببشاعة مشهد واحد من مشاهد الحرب القذرة التي أحرقت لبنان منذ العام 1975 وحتى نهاية 1989.