إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



اسرائيل بحاجة لتصعيد عسكري دائم


الثلاثاء 25/10/2005

مرّة  أخرى  نحن  أمام  نفس  المشهد  الاجرامي، ولن  تكون  المرّة  الأخيرة، لا  بل  على الرغم  من  كل ما مضى ففي هذه الدائرة الجديدة من العدوان الاسرائيلي نحن لا نزال في بداية الموجة.
صباح أمس (الاثنين) كان هادئا في الضفة الغربية، لم تُطلق رصاصة فلسطينية واحدة، ولم يُلق حجر، ولربما لم يتجمع ثلاثة في تكتل "محظور" لاطلاق صرخة ضد الاحتلال، وعلى الرغم من ذلك فإن عصابة من جنود الاحتلال اقتحمت مخيم طولكرم وقتلت شابين فلسطينيين، احدهما قائد سرايا القدس في شمال الضفة الغربية، لؤي السعدي.
وكان البيان الاسرائيلي الاحتلالي جاهزا قبل الجريمة، والقى على السعدي "تهما" كثيرة، ومنها انه كان الموجّه لعمليات تفجيرية وقعت في داخل اسرائيل، الى جانب عمليات في الضفة الغربية، وهو سيناريو اجرامي دائم تنفذه قوات الاحتلال دون أي رادع.
تعلم اسرائيل، كما يعلم العالم أجمع، ان الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، مارسوا حقهم الطبيعي في مقاومة الاحتلال، والقوائم باسمائهم موجودة في سجلات قوات القمع والاحتلال الاسرائيلي، وكل واحد منهم مستهدف دائم لقوات الاحتلال، وبيان "التبرير" الاحتلالي جاهز، وحينما تحتاج اسرائيل الى أي تفجير أمني، فإنها تسعى للوصول الى احدهم او بعضهم لاغتيالهم، مع علمها المسبق ان جريمة كهذه ستعيد من جديد التصعيد الأمني.
وأكثر من ذلك، فاسرائيل ابتدعت مبررات أخرى مثل: "إنه قنبلة موقوتة وفي طريقه لتنفيذ عملية ووضعنا يدنا عليه قبل تنفيذها"، وهذه بيانات واكاذيب تسعى اسرائيل من خلالها لتبرير جرائمها امام العالم، وايضا امام الشارع الاسرائيلي الذي سيسألها ما الداعي لهذا التصعيد.
في مطلع العام 2002 شهدت الضفة الغربية حالة من الهدوء الأمني دامت قرابة خمسين يوما، ووجدت اسرائيل نفسها حرجة امام هذا الهدوء "غير الطبيعي" من طرفها، الذي يكشف حقيقتها، وينسف "مبرراتها" لمواصلة محاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقر المقاطعة، وايضا مواصلة قمع الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، وكانت حينها المساعي الدولية تسعى لاخراج المنطقة من دوامة العنف والدماء، وشعرت اسرائيل انها ستتعرض لضغوط دولية لتبدأ بسحب قواتها الى خطوط الثامن والعشرين من ايلول (سبتمبر) 2000، قبل اندلاع العدوان الاسرائيلي الشامل على الضفة الغربية وقطاع غزة.
وحينها بادرت اسرائيل الى اغتيال قائد كتائب شهداء الأقصى في طولكرم رائد الكرمي، وكان هذا بداية حلقة انفجار ضخم، تبعته عمليات فلسطينية واجتياحات احتلالية، وصلت ذروتها، في تلك الفترة في عدوان "السور الواقي"، ولاحقا شهدنا "ذروات أخرى".
وهذه حادثة من الضروري التوقف عندها نظرا لما باح به كبار المحللين العسكريين الاسرائيليين، وابرزهم زئيف شيف، الذي كتب عن اغتيال رائد الكرمي مرارا، وايضا عاموس هارئيل، وكلاهما في صحيفة هآرتس، والكثير من المحللين العسكريين والسياسيين الاسرائيليين، الذين كشفوا "بكثافة" عن شكل آليات القرار الاسرائيلي في ما يتعلق بادارة الحرب على الشعب الفلسطيني.
من المؤكد ان اسرائيل لم تتغير في هذه السنوات القليلة الماضية، لا بل الوجوه لا تزال نفسها، فالقيادات السياسية بقيت على حالها، ولربما تبدلت قليلا صور قادة العسكر ولكن ليس العقلية.
واسرائيل يوم أمس بادرت الى نفس الجريمة، واغتالت قائدا ميدانيا فلسطينيا، وهي تعلم مسبقا ان الرد سيأتي، هي معنية بالقذائف ان تسقط عليها لأن الهدوء الأمني هو عدوها الاساسي، ففي ظل الهدوء اسرائيل ستكون مطالبة بالكثير على الساحة العالمية وحتى على الساحة الاسرائيلية.
ونحن امام نفس المشهد: اسرائيل اغتالت، ومجموعات فلسطينية اطلقت بعض المواسير المعدنية، واحدثت خمس او ست حفر رملية، لا يصل عمقها المتر الواحد وبقطر أقل، مع القليل من الغبار الموضعي.
وبدورها شنت الطائرات الاسرائيلية غاراتها الاجرامية على قطاع غزة وفجرّت ونسفت وقتلت، ولا يبدو ان هذه الغارات الأخيرة.
فالتصعيد العسكري الذي تبادر له اسرائيل هو حاجة اسرائيلية بحتة، وكما اننا نكتب مرارا حول الحاجة لأن تنصاع الفصائل الفلسطينية للموقف الفلسطيني الموحد، وان تنهي مظاهر فوضى السلاح، المعنية به اسرائيل اولا، فإن ثمة حاجة ان تظهر جهة دولية، ولو من باب "رفع العتب"، لتقول لاسرائيل كفى اجراما.


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر