يبدو ان الادارة الامريكية أفلست، وأصبحت تكرر ذاتها في الاساطير الهزلية التي تقوم عليها سياساتها في العالم، فتقرير ميليس حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري هو "النسخة المحدثة" من تقارير كولن باول التي عرضت على مجلس الامن الدولي عشية العدوان على العراق، والتي نسجت قصصاً أقرب الى الخيال حول امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل.
كاتب السيناريو، في كل مرة هو ذاته، وهو للأسف ضيق الافق، ومتوهم، وخيالي أكثر مما يجب، ويتعامل مع الاخرين على أنهم أغبياء، وأنه هو وحده الذكي الذي لا ينطق عن الهوى!!
فالذي دفع المحقق الدولي ديتلف ميليس الى ان يتخيل ان الرئيس لحود تلقى مكالمة هاتفية قبل دقائق من الاغتيال من شخص مشتبه به، وان شقيق وصهر الرئيس بشار الاسد متورطون في الجريمة.. هو ذات الدافع الذي جعل باول يتخيل في عام 2003 ان صدام حسين يقيم مصانع للأسلحة الكيماوية في شاحنات صغيرة لا تصلح أساساً لصناعة البسكويت والشيبس وأغذية الاطفال!!
مؤلف القصة وكاتب السيناريو ومخرج الفيلم الامريكي يثبت في كل مرة انه أكثر غباء من أطفال الشوارع في العالم العربي، وقد تبين كذب الاساطير الامريكية بعد ان تحول العراق الى "جهنم"، وبعد فوات الاوان، واليوم أصبحت سورية مهددة بـ "الفيلم" ذاته، بسبب الغباء ذاته أيضاً.
ونحن نتساءل: اذا كانت سورية تريد اغتيال الحريري فلماذا لم تجد سوى شقيق الرئيس وأقربائه للقيام بهذه المهمة؟ ألا يوجد في كل الجمهوريتين السورية واللبنانية أحد يمكن ان يقتل الحريري غير عائلة الاسد؟!
واذا كان الرئيس لحود متورط في الجريمة، فلماذا لم يجد زبانيته وقتاً للاتصال به أفضل من لحظة ما قبل الانفجار؟!.. واذا كان المشتبه بهم قد انشغلوا بالحديث مع لحود لحظة الاغتيال، فقد زالت عنهم الشبهة، لانهم انشغلوا بالاتصال وليس بالاغتيال..!!
***
نحن العرب نردد مثالاً شعبياً على الدوام، هو: (تُعرف الكذبة من حجمها!)