إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



لجنة إتلاف الكباب

الجمعة 28/10/2005
عودة بشارات- الاتحاد الحيفاوية

اذا كانت هنالك اسباب موضوعية تلزم انتخاب لجنة متابعة من قبل الجماهير العربية، تعالوا نناقشها، بشكل موضوعي! اما اذا كان السبب هو الوصول الى نفس الحالة التي نعيشها فلماذا كل هذه الغلبة، ولماذا كل وجع الرأس، لان الانتخابات المقترحة حتى لو نضحت بـ"براءة" المقترِحين، فأن مدلولاتها السياسية بعيدة المدى، خاصة لاعداء وجودنا، وفي وضع يراهن فيه من هم ليسوا في هامش السلطة في اسرائيل على اقصاء اجزاء عزيزة منّا.
اولاً، ماذا ننتخب؟ لأنه حتى لدى انتخاب مجلس محلي لقرية عدد سكانها الف نسمة، يدرك كل مُنتخِب أنه ذاهب لانتخاب شخص او مجموعة اشخاص من اجل التقرير في اوجه الصرف في ميزانية معينة في قضايا بلدية من الصحة الى التعليم الى المواصلات؟ بينما في حالنا لماذا ننتخب برلمانا، لإدارة ماذا؟ لإدارة مؤسسة لا تملك ملاكاً واحداً والملاك الذي يعمل فيها مُعار من قبل لجنة رؤساء المجالس.
لذلك، اولاً دعونا نعرف ماذا علينا ادارته، بعد ذلك نقرر اذا كان هذا الامر بحاجة الى انتخاب او لا؟
اذا كان لدينا مليار شاقل للتصرف بها في الصحة مثلاً فانا موافق على الانتخابات من اجل الحسم في شكل التصرف بمليار شاقل، هل نبني مستشفى ام نبني عيادات؟ هل نخصص مئة مليون شيكل للابحاث ام فقط 30 مليون شاقل؟ ما هي مقاييس التوظيف؟ اعطونا مليار شاقل للتعليم العربي وتعالوا نعمل انتخابات حول الاولويات والمضامين وتوظيف المعلمين وهل نقيم جامعة وأين؟ اما اذا كان القصد ان ننتخب من اجل ان نقرر الاضراب في يوم الارض، فأنا اعتقد انه من المفضل استمرار الوضع الراهن، وخاصة انه اذا قررنا الاضراب او عدم الاضراب فالقوة الاخلاقية المعنوية هي التي تجعل من قرارنا ساري المفعول بين الجماهير، ولا يوجد بيدنا "كسلطة" اية وسيلة لتنفيذ القرار، وجيد ان الامر كذلك. وللتذكير، في العام 1976 أضربت الناس، بالرغم من ان لجنة الرؤساء في حينه رفضت الاضراب، وفي ايامنا، حين يصبح الاضراب شعار كل مناسبة، فالغالبية الساحقة لا تضرب، بالرغم من قرار القيادة.
وثانياً، إن نهج عمل لجنة المتابعة، بخطوطه الجوهرية، يعتمد على الوصول الى الاجماع، وموضوعياً لا يوجد سبب لتغيير هذا النهج. نظام الانتخابات يعني فرز اغلبية واقلية: سلطة (على من؟) ومعارضة (لمن؟)، وفي نهاية الامر تنشأ لدينا سلطة ومعارضة في موضوع لا يستدعي سلطة وبالطبع لا يستدعي معارضة. بتواضع اقول انه في القضايا الجوهرية التي تتناول نضالنا ضد التمييز السلطوي ومن اجل التجذر والتطور في وطننا، لا توجد مواقف جوهرية مختلف عليها. اما اذا كان القصد ان نرجع الى صيغة الاجماع فلماذا هذه المسيرة الاشكالية. باختصار نريد من اخوتنا ان يقولوا ماذا يريدون، لان الانتخاب وسيلة وليست هدفاً.
اما بالنسبة لتمثيلية لجنة المتابعة، فانا اعتقد ان اقتراح الانتخاب هو كما يقول اخواننا اليهود: "كحال من يطلق النار على قدمه"، لان في ذلك الاشارة الى عدم تمثيلية لجنة المتابعة بينما لجنة المتابعة هي الاطار الاكثر تمثيلي الممكن ان يكون للجماهير العربية، فمن جهة هنالك اعضاء الكنسيت، الذين يُنتَخبون في الانتخابات العامة على المستوى القطري وهنالك رؤساء البلديات والمجالس الذين يُنتخبون بشكل مباشر من المواطنين. هذا الامر يحقق التوازن بين المحلي وبين السياسي العام.
هنالك من يقول ان الانتخابات المحلية تجري على اساس عائلي وحاراتي وطائفي. هذا الامر بحاجة الى فحص، ولكن حتّى لو سلمنا بهذا التشخيص، فالسؤال المطروح من قال ان الانتخابات القطرية لجماهيرنا لن يكون طابعها، في اغلبيته مماثلاً. يعني، اذا قررنا انتخابات على المستوى العام، ولدينا نصف مليون ناخب، واذا قررنا ان يكون المجلس مكوّناً من 100 مقعد مثلاً ، فكل مقعد سيحتاج الى 4- 5 آلاف صوت، من قال انه لن تتم هنا تحالفات عائلية، مناطقية، طائفية، ومن قال ان هذا الامر سيخلو من تأثير الاحزاب الصهيونية؟
لا مكان للمقامرة في مواضيع تخص مستقبلنا. سر صمود هذه الجماهير ان قيادتها لم تعبث بمصيرها السياسي ولم تجعلها حقل تجارب. هنالك انجاز ضخم للجماهير العربية يتمثل بلجنة المتابعة التي تقود نضالا طويل الأمد من خلال الحفاظ على اوسع وحدة، من خلال تفعيل مؤسسات العمل الاهلي بحكمة ومسؤولية. توجد لدينا لجنة متابعة يتم الاعتراف بها عملياً من قبل السلطة، لماذا نريد ان نعبث بذلك، من خلال اقتراحات براقة ولكن مضمونها اشكالي جداً، ومن الممكن ان يكون مركز جذب لتحريض لا ينتهي.
قوة لجنة المتابعة هي بمرونتها، بقدرتها على وضع القاسم المشترك الاوسع. ولكن الاهم من ذلك، هو ان قوة لجنة المتابعة نابع بالضبط من انها ليست مؤسسة مفعمة بالوظائف والميزانيات والرحلات الى خارج البلاد. انها تمثيل لارادة النضال والصمود لهذه الجماهير.

لا اعرف لماذا هذا التعقيد؟ عندما اسمع كل هذه التحليلات من اناس احبهم واعزّهم، أتذكّر "غوار" في مسلسل "حمّام الهنا"، حين يُعجب مدير احدى الشركات بغوار نتيجة قدرة الاخير على "قرض الشعر"! فيعيّنه مسؤولاً في شركته، وغوار، هذا الشاب الالمعي، يقرران يُمَشّي القرد على ذيله وان يضع حداً للفوضى السائدة، ويصدف ان يزور الشركة وفد من دولة اجنبية، فبدل ان يحضروا الكباب لتضييف الوفد من اقرب محل كباب يقرر غوار نشر مناقصة لشراء الكباب (لانه يريد ان يقطع دابر الفوضى) ومن اجل المناقصة يجب بالطبع ان يتم تشكيل لجنة مناقصات، ومن اجل حفظ الكباب المتبقّي ولمنع الموظفين من أكله، يقرر شراء براد (طبعاً من خلال مناقصة ولجنة مناقصات) وبعد ان يتضح ان الكباب لم يعد صالحًا نتيجة الوقت الذي مر، يقرر غوار، بناء على الدستور، اقامة "لجنة لإتلاف الكباب". بقي ان نشير الى ان صاحب الشركة، بعد ان افلست، وجد مكاناً للعمل في حمام الهنا، ولكنه لم يتنازل عن هواية قرض الشعر ابداً.


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر