*توقيع اتفاقية عمل ما بين الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب وشركة "لافاج" العالمية للبناء* الإتفاقية تضمن حق التنظيم النقابي لكافة عمال الشركة الذين يعملون في 75 دولة وعددهم 77 ألف عامل وعاملة *ضمان العمل بشروط لائقة وبأجور معقولة وشروط ضمان إجتماعي * الإتفاقية خطوة هامة في علاقات العمل مع الشركات ذات الطابع العولمي * المفاوضات كانت في ظل نضال مرير وطويل خاضه عمال البناء وإتحادهم الدولي، لكن الإنجاز كان بالتوصل لإتفاقية عمل جماعية تضمن كافة الحقوق*
البداية
ألاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب، الذي يضم في عضويته 281 نقابة عمالية، من 125 دولة، تمثل 10.5 مليون عامل في فرع البناء والأخشاب. ومعه الاتحاد الدولي لعمال الكيماويات والطاقة والمناجم الذي يضم 20 مليون عامل من مختلف أنحاء العالم منظمين في 425 نقابة، كانا قد خاضا معركة نضالية طويلة ومريرة مع إدارة شركة "لافاج" الفرنسية الأصل والعولمية النشاط. هذه الشركة، لها فروع في 75 دولة من مختلف قارات العالم. يعمل فيها 77 ألف عامل في فروع الإنتاج المتعلق بالبناء. هذا بالإضافة الى العمال الآخرين الذين يعملون في شركات ثانوية تابعة لهذه الشركة الضخمة.
الدينامو في هذه المعركة كان النقابيون من الإتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب وعلى رأسهم الأمينة العامة آنيتا نورمارك، حيث جنّدوا العمال في فروع الشركة ونظّموا نشاطات إحتجاجية. ومظاهرات وحتى إضرابات، رافق ذلك حملة إعلامية عالمية لكشف حقيقة الإستغلال، الذي يتعرض له عمال هذه الشركة العالمية في مختلف الدول، خاصة دول العالم الثالث. في افريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا.
الضغط المتواصل أدى في النهاية الى إضطرار إدارة شركة "لافاج" الدخول في مفاوضات، ومثّل الشركة في تلك المفاوضات طاقم برئاسة كريستيان هيرو. إستمرت المفاوضات فترة طويلة، وسط عملية "شد الحبل" من قبل كافة الأطراف وفي مراحل معيّنة كادت تنتهي بدون نتائج.
الإصرار العمالي سر النجاح
إلا أن الجانب النقابي في المفاوضات لم يتردد في القيام بتحركات كفاحية، عندما حاول ممثلو شركة "لافاج" إدخال المفاوضات الى طريق مسدود، ومثل هذه الإجراءات الكفاحية كان لها أثر كبير على الإدارة، لأن أسهم الشركة في البورصة المالية وسمعة الشركة في فرعها العالمية كانت ستتأثر سلباً ،مما اضطر ممثليها في المفاوضات الى العودة الى طاولة المفاوضات ومواصلة لغة الحوار مع الوفد النقابي.
هذا الإصرار العمالي العنيد والمكافح كان حجر الزاوية، وسر النجاح لهذه المفاوضات التي حققت في النهاية إنجازاً عمالياً دولياً باهراً، ضمن إتفاقية عمل جماعية عولمية تضمن الحقوق الأساسية للعمال في هذه الشركة الدولية. خاصة وأن عمال الشركة ونقاباتهم تمكّنوا من تطبيق مقولتنا العمالية الصادقة والأمينة "يا عمال العالم اتحدوا"، على أرض الواقع حيث كان النضال العمالي مشتركاً في مختلف فروع الشركة في القارات جميعاً. وبذلك فهمت الادارة في "لافاج" أن الوحدة العمالية العالمية هي الرد الصحيح والناجع على عولمة نشاطها الإقتصادي، الذي يعتمد على استغلال العمال في كل مكان.
ألاعتراف بحرية التنظيم النقابي أولاً
" تعترف لافاج بأنّ هناك صلة بين التقدم الإجتماعي والتقدم الإقتصادي وإنً مصالحَِ لافاج ونجاحها ومستخدميها يعتمدون على بعضهم البعض وهي تُلزمُ نفسها ،بإشراك مستخدميها مباشرة في مستقبل المجموعة من خلال حوار مفتوح، وتعترفُ لافاج بأنّ المستخدمين يختارون ممثليهم بواسطة مستخدمين مُنتخَبين و \ أو منظمات نقابية." هذا ما جاء في مقدمة اتفاقية العمل الجماعية التي تم التوقيع عليها في العاصمة الفرنسية باريس بتاريخ 12 سبتمبر\أيلول 2005. وهكذا تعترف الشركة بحق العمال بإنتخاب ممثليهم ولجان عمالهم في كافة فروع الشركة وتعترف أيضاً في ممثليهم الشرعيين من الإتحادات النقابية العمالية الدولية وعلى رأسهم الإتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب.
وتؤكد الإتفاقية في المقدمة أيضاً أن شركة لافاج تلتزم بـ :"الامتثال للقوانين المحلّيّةِ والدوليةِ والمعايير.." التي تتعلق بالعمل وحريّة التنظيم والأجر اللائق والتأمينات الإجتماعية وغيرها من الشروط والإلتزام بالمواثيق الدولية والمعايير المتبعة في منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص. حيث جاء في نهاية مقدمة الإتفاقية في هذا السياق ما يلي :" وتعتبر لافاج أن إحترام حقوق العمال هو عنصر حاسم في النمو المُستدام. وهي ستسعى الى استِعمال خدمات شركائها التجاريين ومقاولي الباطن والممونين، الذين يعترفونَ ويُطبقونَ المبادئ المدرجة أدناه." أي بنود الإتفاقية الجماعية. وهذا بحد ذاته إنجاز كبير للحركة النقابية عامة ليس فقط لعمال البناء وإتحادهم الدولي.
لا عمل جبري.. لا تمييز في العمل
لن نخوض في كافة بنود الإتفاقية الجماعية لكننا سنقدم العناوين الأساسية لها مثل أن تقوم شركة لافاج بِـ:"الامتثال الى إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.." الصادر عن الأمم المتحدة، حظر العمل الجبري المباشر أو غير المباشر.." وعدم "التمييز في العمل " بحيث " سيكون لجميع العُمَال، مهما كان موقع عملهم، فرص ومعاملة متساوية بغض النظر عن أصلهم العرقي، أو لونهم ،أو جنسهم، أو دينهم، أو آرائهم السياسة ،أو جنسيتهم....سَيستَلِم العَُمَال أجراً متساوياً للعمل ذات القيمة المتساوية.." ويجري التأكيد هنا أيضاً على دفع أجر متساوٍ للعمال المهاجرين.
يمنع الإتفاق تشغيل الأطفال في ورش شركة لافاج وفقاً لإتفاقية رقم 138 و182 لمنظمة العمل الدولية بهذا الخصوص. كما يجري التطرق الى "حرية التنظيم والحق بالمفاوضة الجماعية " والإلتزام بإتفاقيات منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص رقم 87 و98 و135 مع إلتزام الشركة بعدم القيام بخطوات فيها تمييز"ضد ممثلي العمال.." وبخصوص الأجور تم تحديد مواعيد دَفعِها، وقيمتها العامة. حيث جاء في هذا البند ما يلي :" ستُدفَع أُجور ومنافع للعُمّال على أساس أُسبوعي، وعلى الأَجر أن يَكونَ على الأقل في مستوى التشريع الوطني الحالي أو الإتفاقيات الجماعية... " في الدولة المعنية وتلتزم إدارة الشركة بتوزيع كراس فيه معلومات بلغة العامل عن أجره وشروط عمله.
ساعات العمل والصحة والسلامة والتأهيل
بخصوص ساعات العمل يجب أن تكون وفقاً لإتفاقيات العمل في الدولة وللقانون والمواثيق الدولية ،أي لا تتعدى ثماني ساعات عمل، وبخصوص الساعات الأضافية "أن لا تكون مفرطة وأن يتم التعويض عنها بأجر ممتاز.." وأن تكون عطلة أسبوعية للعامل لا تقل عن يوم واحد في الأسبوع.
يعاني العمال في فرع البناء من فقدان وسائل الصحة والسلامة والأمان، حيث نفقد كل عام أكثر من مئة ألف عامل في حوادث عمل قاتلة في عالمنا، لذلك تم تخصيص بند واضح بهذا الخصوص تلتزم فيه شركة لافاج بـ:"تأمين بيئة عمل آمنة وصحيّة، وستتبع أفضل ممارسات الصحة والسلامة المهنية..." وفقاً لإتفاقية منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص رقم 155 وأن يقوم الجانبان بالتعاون معاً من أجل تعميق الوعي لدى العمال بهذا الموضوع خاصة مشاكل فيروس نقص المناعة المكتسبة.
التأكيد على ضرورة توفير الفرصة "لكُل العُمّال للمشاركة في برامج التعليم والتدريب بضمن ذلك التدريب لتَحسين مستوى مهارات العمال لكي يتمكنوا من استعمال أجهزة وتقنيات جديدة..."
وأخيراً التطبيق والمتابعة
لم يُغفل الاتحاد الدولي لعمال البناء وشركاه النقابيين قضية التطبيق للإتفاقية والمتابعة لها، وجاء بهذا الخصوص :" ستقوم مجموعة لافاج بتأمين المعلومات المتعلّقة بهذه الإتفاقية بشكل مكتوب أو شفوي في جميع البلدان حيث ستطبق الإتفاقية. ويلتزم الموّقعون بقوة بالنشر الواسع لمحتوى هذه الإتفاقية في كافة مناطق عمل لافاج.."
وبالنسبة لمتابعة تنفيذ الإتفاقية تم تشكيل هيئة مشتركة من إدارة شركة لافاج وممثلي الإتحادات النقابية الموقعة :" ستجتمع على الأقل مرة كل سنة ،أو عند الضرورة ،لمتابعة ومراجعة تطبيق هذه الإتفاقية.." مع التأكيد على إلتزام مجموعة لافاج بتوفير كافة المعلومات لهذه الهيئة عند طلبها وفوراً. وتبقى هذه الإتفاقية سارية المفعول إلا إذا رغب طرف من الأطراف بعدم الإستمرار فيها فعليه إبلاغ الطرف الآخر خطياً قبل ثلاثة أشهر من إنسحابه من الإتفاقية. وتم الإتفاق أيضاً أنه "قد تراجع الإتفاقية في موعد أقصاه أربع سنوات من توقيعها."
إننا نعود ونشد على أيدى القائمين على الإتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب وغيره من الإتحادات التي ساهمت في التوصل لهذا الإتفاق العمالي الهام الذي يأتي مُكملاً للإتفاقية بخصوص عمال شبكة التسويق السويدية للمنتجات الخشبية "إيكياه" التي تم التوصل الى إتفاقية عمل مماثلة للعاملين في فروع الشركة بمختلف الدول مع ضمان الحقوق الإجتماعية ودفع أجر لا يقل عن أجر الحد الأدنى. الإتفاقيتان هما حد أدنى لشروط العمل وهناك بعض الفروع للشركة تمكن عمالها من تحسين الإتفاقية التي يعملون وفقها، وفي حالة كانت تلك الإتفاقية هي ذات الشروط الأفضل فهي التي تكون سارية المفعول أولاً.
هذه الإتفاقية تعتبر مثلاً يحتذى به من قبل النقابيين والاتحادات النقابية التي تتعامل مع شركات عولمية مماثلة. فالى الأمام يا عمالنا ونقاباتهم، فهذا مثال على مصداقية ونجاح شعارنا، مصدر قوتنا، الا وهو" يا عمال العالم اتحدوا " فبهذه الوحدة بإمكاننا كسر شوكة وقوة أكبر قوة رأسمالية تحاول البطش بحقوقنا.