تنشط، في هذه الايام، عدة أطر خيرية بيننا نحن الفلسطينيين في اسرائيل، للاسراع في ايصال المساعدات الانسانية والخيرية للعائلات الفقيرة المعدومة، التي منها على حافة الجوع، او تلك الغارقة فيه، قبيل حلول عيد الفطر السعيد.
ومن هذه الأطر، أطر شعبية، كما هو الحال الابرز في مدينة الناصرة، او تلك التابعة لحركات وأحزاب ذات طابع ديني بالاساس، او لجان الزكاة، الشعبية منها أوالمحزّبة، وأيا كانت الجهة، فالمهم ان هناك من يسد رمق الفقراء، على ألاقل في أيام العيد.
من الضروري الاشارة الى أن غالبية هذه الأطر الخيرية تعمل بقواها الذاتية وبتمويل ذاتي داخلي، ومن يعرف المقاييس الاقتصادية للجماهير العربية في اسرائيل يعرف ان هذه الأطر تسجل معجزات، فمثلا في مدينة الناصرة نجحت اللجنة الشعبية، التي تشرف عليها البلدية، بتأمين اكثر من 1300 طرد غذائي، بقيمة 50 دولارا (230 شيكل) لكل طرد، والمبلغ الاجمالي تم جمعه من تجار ومواطني المدينة، وكذا الأمر بالنسبة للجان الخيرية والزكاة، ولا يمكن تحميل هذه اللجان اكثر من طاقتها المستمدة من جيوب هي ايضا ليست على أحسن حال، فالوضع الاقتصادي الاجمالي لدى الفلسطينيين في اسرائيل، سيء بفعل سياسة التمييز العنصري.
لقد اعتاد الفقراء على ان للعيد فرحتين وحسرة، ففرحة المناسبة أصلا، وفرحة ان هناك من يذكرها، وحسرة انها ستُنسى مع اطفاء اضواء العيد.
يشكل العرب في اسرائيل، من دون القدس المحتلة التي تجز اسرائيل مواطنيها الفلسطينيين ضمن احصائياتها، قرابة 1,1 مليون نسمة (18% من السكان)، وتصل نسبة الفقر بينهم الى حدود 50%، في حين ان 60% من اطفالهم، و47% من عائلاتهم هم تحت خط الفقر، بمعنى ان غالبية العرب يعيشون تحت خط الفقر وفق المقياس الاسرائيلي، ولكن فعليا فإن النسب اكثر من تلك المذكورة بكثير، فيكفي ان تحصل العائلة او الفرد على دولار اضافي شهريا، لا تساوي قيمته الشرائية شيئا، ليقفز عن خط الفقر، ويصبح "في بحبوحة" كاذبة.
إن مستوى الاهتمام الاسرائيلي الرسمي بالفقراء عامة في اسرائيل، يدخل في اطار الجرائم الانسانية التي ترتبكها حكومات اسرائيل المتعاقبة في كافة المجالات، ولكن هذا الاجرام يستفحل حينما يكون الفقراء عرب.
لست من انصار الاهتمام بالفقراء فقط تحت اضواء العيد، التي تكشف عورات المجتمع، ولكن اسرائيل هذه، وحين تكون اعياد اليهود فإن حكوماتها تدفق الملايين على الجمعيات الخيرية اليهودية، فيما تهمل الجمعيات والأطر الخيرية العربية عن قصد، وهذه الأموال ليست أموال حسنة، او اكراما من حكومة اسرائيل، بل هي من جيوب دافعي الضرائب ومن بينهم العرب، بمعنى ان الحكومة ملزمة بدفع هذه الاموال للعرب، وغير ذلك، وهذا ما هو قائم، هو سياسة تمييز عنصري اجرامية تقترفها حكومات اسرائيل على مدى اكثر من 57 عاما لحظة بلحظة ضد العرب.
هنيئا للفقراء بعيدهم.
ولن نقول ان سياسة التمييز العنصري هي وصمة عار في جبين اسرائيل، لأن مجمل السياسة الاسرائيلية هي وصمة عار في جبين الاسرة الدولية.