قبل ان تكتمل فرحة اطفال فلسطين بعيد الفطر، انجز جنود الاحتلال الاسرائيلي مهمتهم الصباحية، يوم الخميس، أول ايام العيد، وقتلوا الطفل احمد خطيب، ابن 11 عاما، وهو يسير بجانب والده في جنين، فأرووا عطشهم للدماء وعادوا الى اوكار الارهاب التي انطلقوا منها، ريثما يجدوا فريسة جديدة يفترسونها ايضا، وقد تكون رضيعا في حضن أمه.
ليسوا كالوحوش، لأنهم الوحوش بعينها، ينفلتون في كل بقعة فلسطينية يبحثون عن القتل، ولا شيء غير القتل والدم... قتل ودم.. قتل ودم، يزرعون الارهاب وسفك الدماء فوق كل ذرة تراب فلسطينية.
احمد مات، قتلوه وقتلوا فرحة عائلته به، قتلوا طعم الحياة عندهم، ولكنهم لم ينجحوا في قتل انسانيتهم.
منذ صبيحة يوم الخميس وحتى بعد ظهر يوم السبت مرّت على عائلته اكثر من 50 ساعة، هي اكثر من 50 دهرا، و50 جيلا، ينتظرون فرجا ما أو بارقة امل، في اروقة المستشفى في عروس كرمل فلسطين حيفا.
أم وأب بجانب طفلهما الذي اصبح بلحظة اجرامية جثة هامدة على سرير جامد، وبعض الاجهزة الطبية تعمل عبثا في جسد لا أمل له في حياة.
بين الدمعة والالم، بين الصرخة الصامتة، وبين الصرخة التي تقرع جدران هذا العصر الاطرش الأخرس، تعالت انسانية الوالدين، وقررا ان ابنهما يجب ان يعيش، لو جزءا منه... يجب ان يعيش، يجب ان يدب الروح بمن كافح حتى بعد ظهر امس لبقائها في جسده.
فقرروا زرع اعضاء جسده في اشخاص مرضى، ليس بامكانهم ان يعرفوهم او ان يختاروهم، فهكذا هي لعبة الحياة في عصرنا.
هنا يتوقف الكلام.. هنا يتوقف كل تعبير.
فانسانية الأم الثكلى كانت اقوى من ارهاب جيش اسرائيل... وحكومة الارهاب الدولي.
أحيت ابنها في اجساد أخرى فتمردت على الطاغية، وعاش ابنها من جديد، عاش في اكثر من جسد... أحمد كان واحدا، واليوم أكثر،.. احمد كان طفلا، واليوم أكثر،.. احمد كان قلبا نابضا، واليوم أكثر..
فعاش الشعب الفلسطيني وسيموت الاحتلال حتما.