إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



العجرفة التي تسبق الهزيمة

الاثنين 7/11/2005
ابراهيم غرايبة- "الغد" الاردنية

هذه العبارة هي لمايكل شوير، الرئيس السابق للوحدة الخاصة بقضية أسامة بن لادن في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، في كتابه "الفوقية الإمبريالية الأميركية: لماذا يخسر الغرب الحرب على الإرهاب؟".
ويعتقد شوير أن إدارة وسياسة الولايات المتحدة -في حربها في أفغانستان والعراق، والحملات العسكرية التقليدية- حولت العالم الإسلامي إلى عالم متطرف، وهو هدف طالما حاول أسامة بن لادن تحقيقه!
في كتابه يقدم شوير كثيرا من الأفكار والمعلومات التي تبدو مدهشة؛ فهو يجد أن القادة الأميركيين، كعادتهم، يغفلون عن حقيقة أن التهديد الذي يمثله أسامة بن لادن يكمن في منطقية ووحدة أفكاره ودقة صياغتها، والعمليات الحربية التي يقوم بها لزرع تلك الأفكار.
ويقول: إن أفكار بن لادن ذات أسس راسخة تزيد من قوته وخطورته، وهذه الافكار هي خطوط مقدسة يعرفها تماما معظم مسلمي العالم، وبن لادن وإخوته يعتبرون العمليات العسكرية التي تنفذتها "القاعدة" عمليات حربية وليست عمليات إرهابية، وهي جزء من الجهاد. ومن شأن هذه الهجمات تحقيق أهداف بن لادن، وهي: إنهاء مساعدة الولايات المتحدة لإسرائيل، وسحب القوات الأميركية وغيرها من القوات الغربية من الأراضي الإسلامية.
وبن لادن لا يسعى إلى تدمير أميركا، فهو محارب عملي. وفي حال لم تقم أميركا بتغيير سياساتها، فستستمر الحرب بينها وبين الإسلاميين المتشددين، وعندئذ لا يمكن لأحد أن يتكهن بحجم الضرر الذي سينتج عن التزام أميركا الأعمى بالسياسات الفاشلة العقيمة، وتغير السياسة المتبعة إزاء الشرق الأوسط، ونقل أميركا إلى مرحلة جديدة من الاكتفاء الذاتي من الطاقة وأنواع الوقود البديلة.
تجتاح العالم الإسلامي موجة كراهية للولايات المتحدة بسبب سياساتها ومواقفها. وفي حالة كهذه، يمكن أن تقدم الحركات الإسلامية الرموز الأكثر فاعلية، سواء لنصرة قضية أو نظام ما أو لإسقاطه. فالشعور الإسلامي تجاه الخطر والاعتداء الذي تمارسه الولايات المتحدة ينشئ حالة جهاد ودفاع عن المقدسات والبلاد، ويبيح الحرب ورد الاعتداء باعتداء مماثل.
والخطورة هنا تقع في أن الأميركيين لا يفهمون هذه الحقيقة، ويعتقدون أن الحرب التي يشنها بن لادن إنما هي تعبير عن كراهية المسلمين لأسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم، وليس بسبب أفعالهم ومواقفهم والاعتداءات الأميركية على العالم الإسلامي.
كيف تحولت الولايات المتحدة من دولة ينظر إليها بإعجاب واحترام، باعتبارها تناصر الحرية والديمقراطية، إلى دولة مكروهة يخشاها الجميع، يتساءل شوير؟ برأيه، فإن الولايات المتحدة تدعو إلى نظام استبدادي جديد يمتلك نفس خصائص الإمبريالية الأوروبية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر، من عمليات عسكرية وتغلغل اقتصادي واستبداد إلى دعم للقادة بغض النظر عن وحشيتهم وطغيانهم طالما أن أوامر السلطة الإمبريالية تنفذ بدقة، إضافة إلى استغلال واستنزاف المصادر الطبيعية.
إن عدم مصداقية أميركا بالنسبة للعالم الإسلامي يلخص نتائج نصف قرن من سياسة أميركا في الشرق الأوسط، وبن لادن وجماعته يدافعون عن قيم يحبونها ويتمسك بها أيضا معظم المسلمين.
وثمة إجماع اليوم، سواء في الإعلام أو في تقارير المسؤولين الأميركيين، على أن فلول القاعدة وطالبان قد تجمعت وأعادت تنظيم نفسها من جديد. وقد أكد صحة هذه المعلومات الجنرال جون أبي زيد. وقال مدير المخابرات المركزية في بداية العام 2004 إنه لا يزال بمقدور "القاعدة" أن تقوم بهجمات تضاهي تلك التي شنتها في الحادي عشر من سبتمبر، وبنفس المقاييس الكارثية.
والتهديدات التي تنتشر على الإنترنت تؤكد من جديد أن بن لادن لا يزال هو المنتصر في هذه المعركة، وقد خطا خطوات واسعة من خلال هجمات "القاعدة" والدعاية الإعلامية نحو تثبيت مشاعر الكراهية ضد الولايات المتحدة الأميركية.
وأهم نمو حققته "القاعدة" لم يكن نموا ماديا، بل كان نموا على الإنترنت؛ فقد استخدمت الشبكة العنكبوتية لأغراض الدعوة والتواصل. ومواقع الإنترنت ومنتديات الحوار التي لا تتبع للقاعدة تلعب دورا هاما في تقديم تدريبات عسكرية وأمنية واستخباراتية للإسلاميين المهتمين وغيرهم. فمنذ اندلاع الحرب في أفغانستان، شاع انتشار المواقع التي تقدم تدريبات عسكرية على شبكة الإنترنت، وتوافر هذا الكم الهائل من المعلومات المختلفة بدأ يعوض خسارة القاعدة بشكل مؤقت لعدد من معسكراتها في أفغانستان.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر