إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



عمير بيرتس بين عفريت الطائفية وعفريت بيرس

ملاحظات سريعة على انتخاب عمير بيرتس


الخميس 10/11/2005

نجح عمير بيرتس، رئيس اتحاد النقابات الاسرائيلية، الهستدروت، صباح اليوم الخميس، في هزيمة من لم يقوى أي شخص من قادة حزب العمل الاحياء على هزمه، شمعون بيرس، ولكن من السابق لأوانه اعتبار هذا الانتصار انقلابا حقيقيا في داخل الحزب، فهذا لا يعبر عن مزاج غالبية اعضاء الحزب، وانما هو نتيجة لحملة انتسابات غير طبيعية، تخللتها حملة تزوير، كان عمير بيرتس وانصاره في جهاز الهستدروت من روادها، إذ أعادوا اساليب الهستدروت القديمة المتعفنة، وحوّل اتحاد النقابات من جديد الى بؤرة حزبية تخدم مصالح زعيمها بيرتس.
لأول مرّة تظهر امامنا شخصية تزعم انها ذات توجهات اجتماعية قريبة للشرائح الفقيرة والضعيفة، تهزم شخصية سياسية امنية بمستوى شمعون بيرس، وهذا ايضا ليس صحيحا، فاسرائيل ليست برازيل دي لولا وفنزويلا شافيز، وغيرها من امريكا اللاتينية، وطالما استمر الاحتلال وعقليته الحربجية، فإن اسرائيل ستبقى دولة العسكر ومحكومة لجنرالاتها الذين لا يزالون يرتدون بزاتهم او خلعوها منذ سنوات.
على عمير بيرتس، إذا بالفعل استمر في قيادة حزب "العمل" حتى الانتخابات البرلمانية القادمة، ان يتخلى عن منصبه في الهستدروت ليتفرغ للكنيست بموجب القانون الجديد الذي يمنع رئيس الهستدروت من عضوية الكنيست، وعمليا هذه القفزة ستضعنا امام عمير بيرتس آخر، ايضا بكل ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، فقد سبقه في هذه التجربة حليفه السابق، نرجسي السياسة الاسرائيلية حاييم رامون، الذي اصبح بين ليلة وضحاها زعيما نقابيا، ثم عاد الى جلده بسرعة وعاد الى الحكومة داعما السياسة الاقتصادية الصقرية.
اضف الى هذا فإن عمير بيرتس الذي يكثر في خطاباته بالحديث عن الشرائح الفقيرة والضعيفة فإنه لم يخدمها اطلاقا في رئاسته للهستدروت، وانما خدم بالاساس النقابات الكبيرة، التي بعضها تحول الى اجسام احتكارية داخل الاقتصاد الاسرائيلي، مثل شركتي الكهرباء والاتصالات، وعمال الموانئ وغيرهم، بينما اهمل فقراء القطاع الخاص وعماله، الذين لم يحققوا شيئا منذ سبع سنوات على الاقل.
لا نستطيع ان ننكر ان توجهات عمير بيرتس السياسية، حتى الآن، افضل بكثير من شمعون بيرس، ولكن بيرتس هذا نفسه سيصطدم لاحقا بالمؤسسة العسكرية، وتحت شعار "المسؤولية الوطنية العامة"، سيبدأ عمير بيرتس في تغيير خطابه السياسي ليتأقلم مع الخطاب الصهيوني العام، ولن يكرر "خطأ" سلفه عمرام متسناع، الذي بقي على خطابه الحمائمي فلفظه الشارع والحزب معا، وهو يقبع الآن على قارعة الطريق السياسي.
ومن السخرية ان شمعون بيرس شجع قبل نحو عامين عمير بيرتس على حل حزبه "عام إحاد"، ليعود الى حزبه الأم الذي نشأ فيه، حزب "العمل"، وأشيع في حينه ان بيرس سعى في حينه الى كسر التكتلات في حزبه، وتوسيع معسكر انصاره من خلال معسكر عمير بيرتس، الذي كان من المفروض ان يدعم شمعون بيرس، إلا ان "المسخ تمرّد على خالقه"، حين قرر عمير بيرتس منافسة شمعون بيرس.
لقد تحدث بيرتس مع ظهور النتيجة عن ضرورة القضاء على عفريت الطائفية، كونه من اصول شرقية، ولكن بيرتس يدرك تماما ان من سيلاحقه من الآن فصاعدا ليس "عفريت الطائفية"، وانما "عفريت شمعون بيرس"، الذي من الصعب التخيل انه سيتركه يعمل لوحده، فقد اثبتت التجربة ان شمعون بيرس كان وراء فشل قادة الحزب الثلاثة متسناع وبن اليعيزر وايهود براك، على الرغم من انه لم ينافسهم في الانتخابات لرئاسة حزب "العمل".


تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر