إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



في الذكرى السنوية الأولى لرحيل القائد الفلسطيني ياسر عرفات

شعبك يذخر لك الحب والوفاء

السبت 12/11/2005
جهاد عقل

من منّا لا يذكر قوة الصمود التي تحليت بها أيها القائد الفذ... من لا يذكر إبتسامتك الهادئة وما يرافقها من صمود أبدي... من منّا لايذكر تلك اللحظة التي إغتالك فيها الجبناء... وتركوك تتلوى ألماً... من منّا لا يذكر ذلك العذاب الذي عَبرتَه ورفاق الدرب في المقاطعة المحاصرة.. ومن لايذكر قوة الصمود
التي كانت من شيمك أيها القائد المناضل... وعظمة الصبر الذي تتحلى به دائماً...
قبل عام فقط رحلت عنّا... ولم تعد يا أبا عمّار... نعم كنّا بإنتظار عودتك من فرنسا.. هناك في المقاطعة.. في رام الله.. والدموع تنهمر من العيون... وشريط الذكريات يمر كالطيف أمام العيون.. المغرورقة بالدموع... إنتظرناك أيها القائد..كما إنتظرناك في اللقاء الأول على أرض الوطن...يوم عدت مع رفاقك... نعم أيها القائد..أيها الأخ... أيها الأب... أيها الرفيق المقاتل من أجل السلام والإستقلال... لفلسطين- الوطن... لكن عودتك هذه المرة كانت مختلفة... فهي عودة البقاء الأبدي في تراب الوطن الغالي... الذي أحببته وأحبك...عشقت رائحة ترابه.. كما عشقت رائحة أزهار اللوز والبرتقال.. الذي يتميّز به .
عرفنا جميعاً أن حضورنا كان للوداع الأخير لك أيها البطل المناضل... يا من تحدّيت المستحيل من أجل القضية والشعب .
كم من الذكريات أحملها عنك ومعك... كم من الجمل والمقولات تختزن في عمق ذاكرتي... ليس فقط بكلماتها.. بل وفي نبرة الصوت وما رافقها من حركات لك... لن أنسى تلك المقولات أبداً.. أيها القائد والأب ياسر عرفات.. نعم لن أنساها... حتى لو قلتها في مواقع مختلفه جمعتنا مع رفاق آخرين.. في غزة هاشم وفي أريحا قصر هشام وفي رام الله ونابلس وغيرها... لكن لن أنسى ذلك اللقاء الذي تم في مكتبك داخل المقاطعة في رام الله.. مع وفد نقابي فرنسي جاء للتضامن معك ومع عمال فلسطين ونقاباتهم... كان مشهداً مؤثراً للغاية... عندما إستمعت لرسالة... بعثها لكَ... طفل فرنسي، مع زميلةٍ صَحافيّة فرنسية.. كانت ترافق الوفد... شاهدت الدموع... شاهدت الإنسان ياسر عرفات... تأثرنا معك جميعاً... وعرفنا عمق الألم الذي يختزن داخلك.. لكن أباء القائد كان الأقوى دائماً .
لن أنسى ما قلته في إحد اللقاءات الأخيرة.. وأنت محاصر في مكتبك... كانت كلمات قويّة جداً.. تتسم بشجاعة القائد... يومها قلت
ما معناه... رغم هذا الحصار البشع... إلا أنني ما زلت أحمل راية السلام... سلام الشجعان الذي إتفقت عليه مع رابين... قلت ذلك... وأنت تعي جيّداً، ما يتعرض له شعبك الفلسطيني، من قمع إحتلالي بشع... تقوم به قوات الإحتلال الإسرائيلي، بقيادة شارون وموفاز..وقبلها بنيامين بن إليعزير وغيرهم من الجنرالات... قلت ذلك يا رجل السلام... بمنتهى القوة والشجاعة... لكنك كنت تعي أيضاً حقيقة أخرى ألا وهي أن الموت حق.. وكم أنت مستعد للتضحية... من أجل الوطن والشعب... رفعت رشاشك الذي كان بجانبك... وقلت لن أخرج من هذا الحصار ذليلاً... فها هو رشاشي جاهزاً للقتال... لن أستسلم أبداً... رفضت يومها محاولات البعض ممن دبت في نفوسهم روح التراجع والهزيمة... نظرت نحوك ولم أصدق ما شاهدته من قوة الإصرار والإحتمال... كنت غاضباً جداً.. لكنك صامداً والى الأبد... الصمت خيم على الجميع.... من مساعدين ووزراء ومناضلين... شاهد الجميع غضب الثائر يشع بقوة... وأذكر أنك قلت أيضاً "الموت حق".. فإذا قُدّر لي أن أموت فهذه إرادة الله... وتابعت بما معناه... بأنك تموت قرير العين لأنك تمكنت وزملاؤك من زرع روح الكفاح والصمود والتحدي لدى أطفال الشعب الفلسطيني.. والى الأبد... وهذا هو الكنز الذي تعتز به..
مَرّ عام على رحيلك يا أبا عمّار.. حتى أعداءك لا يستطيعون إنكار قوة الصمود التي تحليت بها دائماً... وإذا ثبت حقاّ أنّ موتك كان
غدراً، جراء عملية
سريّة نفذت عن طريق أحد الأعوان... فهذا تأكيد على أنهم جبناء... لأن حصارهم وعدوانهم ودباباتهم وجيوشهم وطائراتهم.. لم تَنَل من قوةِ صمودك هذه... لم تهز قوة الإيمان لديك بعدالة القضية التي تناضل من أجلها...
والدعم الشعبي الذي تحظى به بين أبناء شعبك... والدعم العالمي لكَ لدى الشعوب... لكنك كنت تتألم... بسبب اولئك الجبناء... من القادة من بني جلدتك... الذين يرون بالقضية التي تناضل من أجلها.. عائقاً أمام طموحاتهم وتمنياتهم الدائمة من أجل طمر قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه في غياهب ذاكرة التاريخ... ولذلك إعتقد هؤلاء.. أن حياتك تُشكل عائقاً أمام طموحاتهم هذه... ومع ذلك تحليّتَ بالصبر والروّية دائماً... لأنك رأيتَ الأمور بمنظار القائد.. معتبراً أنهم ضحايا قوى الشر والإحتلال أيضاً...
في الذكرى السنويّة الأولى
لرحيلك أيها القائد... نتذكر تلك الإبتسامة الأبوية... التي تحمل الحب والإصرار الدائم... تلك الإبتسامة تبقى في الذاكرة الخصبة التي تزخر بالكثير من الذكريات معك... ونقول مجدداً إن شعبك يذخر لك الحب والوفاء... وهذا هو كنزك الذي لا يفنى يا أبا عمّار....

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر