إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



التقرير السنوي للاتحاد العام للنقابات العمالية الحرة يؤكد:

النقابات العمالية والنقابيون ضحايا العولمة الشرسة

الثلاثاء 22/11/2005
جهاد عقل- الاتحاد الحيفاوية

التقرير يحصي قتل 145 نقابيا خلال عام 2004 منهم 99 نقابيا قتلوا في كولومبيا .اي ارتفاع بـ 16 نقابيا مغدورا مقابل العام 2003 *70 حالة هجوم عنيف تعرض لها النقابيون من قبل ارباب عمل وحكومات.


*ألعولمة الشرسة

صدر هذه الايام التقرير السنوي للاتحاد الدولي للنقابات الحرة بخصوص النشاط النقابي والحريات النقابية، والقمع الذي تمارسه الحكومات ضد النقابيين من جهة، وقمع ارباب العمل الذين يستغلون الفوضى التي تسود مناطق الصناعة الحرة التي تجري فيها "منافسة" شرسة بدون قانون او رقابة رسميّة، وهي غير خاضعة للقوانين ايضا من جهة ثانية.
هذه المنافسة غير الشريفةالتي فرضتها سياسة العولمة الشرسة، هذه العولمة التي تبحث عن استغلال فاحش للايدي العاملة، من اجل ضمان الربح الوفير وزيادة الثروات، حتى على حساب غدر وقتل العمال وفي مقدمتهم النقابيون، وقد ظهر في التقرير ايضا انه في ظل هذه العولمة الشرسة "ازدادت التهديدات بالموت والاصابة بجروح جسديّة"، ومنها معقل الراسمالية والعولمة الولايات المتحدة، حيث برز ذلك في مسيرة النضال التي يخوضها عمال اكبر شبكة تسويق في العالم "وول مارت"، الذين يناضلون ضد مواصلة استغلالهم بشكل بشع، خاصة النساء والفتيان، حيث لا تدفع لهم الاجور التي يستحقونها ولا شروط العمل التي ينص عليها القانون، ويجري منعهم من تشكيل لجان عمالية تمثلهم، ويتعرض قادة العمال الى تهديد عنيف من قبل المسؤولين في الشبكة التي تُشغّل اكثر من 700 الف عامل في فروعها داخل الولايات المتحدة وخارجها، لتعكس حقيقة البشاعة والاستغلال التي تتميز بها العولمة الشرسة التي تعتمد ليس فقط على الارهاب الاقتصادي. بل وعلى القمع والارهاب ضد العمال والنقابيين الذين يناضلون من اجل حقوقهم.

145 نقابي استشهدوا في العام 2004

"قمع النقابيين اسفر عن سقوط 145 قتيلا (شهيدًا) في العالم خلال عام 2004 على خلفية منافسة شرسة وغير خاضعة للقوانين في السوق الدولية " هذا ما جاء في مطلع التقرير، الذي اكد ان من بين هؤلاء القتلى- الشهداء، تم قتل واغتيال 99 نقابيا في كولومبيا بامريكا اللاتينية مقابل اغتيال 90 نقابيا في العام 2003 في الدولة نفسها، ويتضح ان الهجوم على النقابيين يزداد خطورة من سنة لاخرى، فقد ارتفع عدد النقابيين القتلى- الشهداء بـ 16 نقابيا مقابل العام 2003، هذا بالاضافة الى الارتفاع في عدد النقابيين الجرحى والمعتقلين والمهددين بالقتل، والارتفاع في عدد النقابيين الذين يُفصلون من عملهم بسبب نضالهم النقابي.

700 هجوم عنيف و500 تهديد بالقتل

يظهر في التقرير ايضا انه تم تسجيل 700 حالة هجوم عنيف على النقابيين في العديد من الدول، حيث قام ممثلو الحكومات وارباب العمل بالاعتداء على النقابيين جسديا، واستعمال العنف ضدهم، وليس فقط التهديد، او الفصل من العمل، وبالمقابل تم تسجيل 500 حالة تهديد مباشر بالقتل والتصفية قام بها ارباب عمل وقوات لحكومات، بل وهناك حالات لم يقف الامر عند التهديد فقط، بل تم اختطاف النقابيين وتعذيبهم لفترات طويلة، وبعد حملات التضامن التي قام بها الاتحاد الدولي للنقابات تم الافراج عنهم في حالة صحيّة خطيرة، او بعد ان اصيبوا باعاقة دائمة من جراء التعذيب الذي تعرضوا له في الاعتقال، وفي بعض الحالات تتم عملية اغتيال لهؤلاء النقابيين ورمي جثثهم في اماكن نائية دون الكشف عن مرتكبي الجريمة، او انكارها مثلما حدث في عملية الاغتيال البشعة التي راح ضحيتها القائد النقابي البارز شيا فيشيا من كمبوديا، او عمليات الاغتيال التي تمارس يوميا ضد النقابيين في دول امريكا اللاتينية وفي الدول الافريقية ايضا.

افريقيا وامريكا اللاتينية الاكثر خطر

"تشمل قائمة الدول- المتهمة بانتظام- والتي تعتبر مسرحا لاخطر الانتهاكات خلال 2004، زيمبابوي ونيجيريا وفنزويلا وهايتي وكولومبيا.." كما جاء في التقرير هذا بالاضافة الى بورما والفلبين ونيبال والصين والدومينكان وايران وبيلوروسيا وغيرها.
في اسيا مثلا نجد ان حق الاضراب "يشهد عرقلة قوية" مما يؤدي الى زج النقابيين الذين يقودون الاضرابات هناك في غياهب السجون مما يؤدي الى تواجد اكبر عدد من النقابيين في اسيا ومنطقة المحيط الهادي في المعتقلات في بورما ونيبال والصين وكوريا الجنوبية وفيتنام، وتبرز هنا ظاهرة اعتقال النقابيات ايضا،من مصانع النسيج وقد تعرضت العديد من العاملات في هذه المنطقة الى التعسف الشرس من قبل ارباب العمل ودعامتهم في الحكومات الفاسدة، لدرجة ان عاملات نسيج في مصنع بماليزيا تم قمع اضرابهن بواسطة الكلاب المسعورة التي استعملها اصحاب العمل والشرطة لتنهش في اجساد العاملات المضربات من اجل كسر اضرابهن.
ويشير التقرير الى ما حدث في لبنان في ايار 2004 حيث قتل سبعة عمال في مظاهرة نظمها الاتحاد العام لعمال لبنان،احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية والتشغيلية بسلاح قوات الامن اللبنانية. ومثل هذا الحادث تم في العديد من الدول في اسيا وافريقيا.
اما افريقيا فهي قارة المعاناة والالم للنقابيين، خاصة في ظل الحكومات الدكتاتورية وفي ظل البطالة المستشرية في هذه القارة." حيث فقط ما بين 6% الى 25% من العمال ينشطون في الاقتصاد المُنظم وفق معلومات منظمة العمل الدولية، تواجه الحركة النقابية حكومات تنظر الى الحركات العمالية على انها تُشكل خطرا على السلطات.. "كما جاء في التقرير، ووجهت اصابع الاتهام الى زيمبابوي ونيجيريا وبوستوانا وكينيا" لانها تُسرح العمال بالمئات بعد عمليات الاضرابات"، هذا بالاضافة الى الاعتقالات التي يتعرض لها النقابيون والاقتحامات اليومية لمقرات الاتحادات النقابية ومصادرة الوثائق، وما يرافقها من عمليات اعتقال للنقابيين، وفي بعض الحالات "يختفون" ولا يُعرف مصيرهم.
في امريكا اللاتينية وحتى الولايات المتحدة نفسها تنتهك الحقوق النقابية، وفي دول امريكا اللاتينية يتعرض النقابيون الى عمليات قمع وقتل بشعة، ويظهر ذلك من العدد الكبير للقتلى من النقابيين في كولومبيا، وقتل 8 نقابيين في الدومينكان ووفي هايتي وغيرها.

ألشرق الاوسط واوروبا

تواجه منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا العديد من عمليات القمع التي تمارس ضد النقابيين والعمال، ويصف التقرير هذه المنطقة بانها " تبقى المنطقة التي تحظى فيها الحقوق النقابية باقل احترام في العالم." مشيرا الى النقابات المحظورة في سلطنة عُمان والسعودية، والى وجود نقابات تعمل مع السلطة في بلادها، بل تكون ظلا لتلك الحكومات ولا تعمل على تحسين ظروف عمالها .
هذا بالاضافة الى القمع الذي يتعرض له النقابيون والعمال في عدد من تلك الدول والتضييق على نشاطهم بل قمع اية محاولة نضال عمالية كما حدث في الاردن ولبنان والمغرب والبحرين، وما تعرض له نشطاء نقابيون في مصر وتونس ايضا.من ملاحقات واعتقالات.
اما بخصوص اسرائيل فنجد ان التقرير يُشير الى ما قامت به الحكومة الحالية من خطوات تهدف الى تحديد حرية العمل النقابي وامكانية اعلان الاضراب، عن طريق تغيير قانون العمل،الذي يحدد حرية الاضراب، بالاضافة الى ما تعرض له النقابيون والعمال من هجوم خلال عام 2004 مع الاشارة الى اضراب المئة يوم الذي قام به عمال المكاتب الحكومية، وقضية عدم دفع الرواتب في الحكم المحلي لفترة طويلة، مما يعني انتهاكا لاتفاقيات العمل،واعتداء فظ على النقابات .
ويتطرق التقرير الى الممارسات التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية ضد العمال الفلسطينيين – دون ذكر الذين قتلوا على الحواجز-، وما تعرض له النقابيون من اعتقالات ومنع تحركهم للقيام بواجبهم من اجل حماية العمال في فلسطين وحتى داخل اسرائيل مثلما حدث مع الامين العام شاهر سعد الذي منع عدة مرات من الوصول الى مقرات الاتحاد للقيام بواجبه النقابي هو وزملاؤه، ويشير التقرير الى عملية بناء الجدار الفاصل،مع التاكيد على رفض قاطع لهذا العمل الذي يؤدي الى حصار العمال الفلسطينيين. تم توجيه الانتقاد ايضا بخصوص قضية العمال المهاجرين – الاجانب- الذين يجري استغلالهم بشكل فظيع من قبل ارباب العمل وبالمقابل تقوم الشرطة باعتقالهم وملاحقتهم . وينتقد التقرير الحكومة الاسرائيلية على طريقة تعاملها في السنوات الاخيرة مع النقابات العمالية والنقابيين،التي تقوم على اساس منعهم من ممارسة عملهم بحرية،والقيام بتشريع قوانين تهدف الى التضييق على نشاطهم مما يؤدي الى تقليص عدد العمال المنضمين للنقابات.

ألنقابات والنقابيون مستهدفون من قبل هذه العولمة

غاي رايدر السكرتير العام للاتحاد الدولي للنقابات الحرة قال عند نشر هذا التقرير ان :" منافسة شرسة وغير خاضعة للقوانين ما زالت تنسف في السوق الدولية احترام الحقوق النقابية". كما تشير الى ذلك الانتهاكات الخطيرة التي تقع في مناطق التبادل الحُر في مختلف انحاء العالم. ويرى الاتحاد الدولي للنقابات الحرة:"ان النقابات تُستهدف في هذه العولمة المتحررة من اية ضوابط لانها تعتبر خطرا على المنافسة الاقتصادية."واعتبر التقرير:"ان هيمنة الصين المتزايدة على السوق الدولية موضوع مثير للقلق لان هذا البلد هو عبارة عن صحراء نقابية، مع انها تضم ثلثي مناطق التبادل الحر التي تحبذها الشركات لانظمتها الضريبية التفضيلية وقوانينها المخففة والتي تحولت بالنسبة الى العمال مناطق تنعدم فيها الحقوق وحيث وتيرة العمل لا تطاق ويكثر فيها الترهيب وتدفع فيها رواتب متردية جدا."
من جهته يؤكد السكرتير العام غاي رايدر في المقدمة، معتمدا باقواله على منظمة العمل الدولية ويقول :" ان احترام الحقوق النقابية الاساسية والحق في التفاوض الجماعي يلعب دورا كبيرا في التنمية الاقتصادية السليمة، لذلك ندعو ارباب العمل والحكومات الى البدء بمعاملة النقابيين كاطراف حقيقية."
التقرير يؤكد ان سياسة العولمة الاقتصادية والتي تعتمد على اسلوب الليبرالية الجديدة، والمناطق الصناعية الحرة، المحررة من قوانين العمل والمواثيق الدولية بخصوص الحق بالتنظيم النقابي، وضمان العمل باتفاقيات عمل جماعية تضمن الحقوق للعمال والاجر اللائق. تحولت الى مناطق استغلال شرس للعمال، بل والى مناطق تتم فيها عمليات غدر وقتل واعتقال للعمال والنقابيين. معظم هذه المناطق الدخول اليها ممنوع، لهذا تبقى الجرائم التي تُرتكب داخلها طي الكتمان. حالات نادرة فقط، تُسرب فيها المعلومات، الى جهات خارجية .
لان يد الاستغلال الراسمالي لكارتيلات العولمة التي تسيطر عليها الدول الغنية وفي مطلعها "حامي الدمقراطية " الولايات المتحدة. لذلك نعتقد ان التقرير، رغم فظاعة المعطيات الواردة فيه، هو تقرير منقوص. فهناك عدد كبير من حالات الغدر والقتل والاعتقال التي تتم في هذه "المناطق الحرة" لا تصل الى العالم ولا يتم احصاؤها. مع ذلك فان التقرير يكشف عن بشاعة الراسمالية واربابها في الدول الغنية، حيث تتم عملية قتل متواصل للنقابيين،للقادة العماليين ولعمال وعاملات، من اجل ضمان مواصلة الاستغلال الفظيع للعمال ابناء الطبقة العاملة في عالمنا المعولم، والهدف هو جني الارباح الطائلة لتلك الراسمالية وحراسها في البيت الابيض على حساب العمال ودمائهم.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر