مطلوب اكثر من تغيير وزاريالخميس 24/11/2005 اسامة الرنتيسي- "الغد" الاردنية
ننتظر تغييراً وزارياً قد يقع بين لحظة واخرى، رئيس الوزراء عدنان بدران ايضاً ينتظر، وقال "ليس لديه ما يقوله بخصوص مستقبل حكومته"، رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي ايضاً ينتظر، وقد سأل صباح الاثنين الماضي صحافيين عن التغيير المرتقب متى ومَن الرئيس القادم الى الدوار الرابع. الوزراء ايضاً ينتظرون مستقبلهم، قادة الاحزاب ينتظرون، النواب ينتظرون التغيير الحكومي، لأن المحللين والصالونات السياسية ربطوا مصير حل البرلمان بقدوم حكومة جديدة. هكذا بالضبط مشهد الحياة السياسية في بلدنا، انتظار وترقب لتحديد مصير كل الروافع السياسية؛ الحكومة، مجلس النواب، قانون الانتخاب، الانتخابات المبكرة، الاجندة الوطنية. وفي خضم حالة الانتظار التي نعيشها، تزدحم بورصة الترشيحات بالاسماء، بعضها لفحص ردود الفعل، وللتذكير ولفت الانتباه، والبعض الآخر للتهيئة وقبول كل الاحتمالات، بسياقات طبيعية مقنعة. ولكن بعد كل الذي جرى، وبعد سنوات طويلة من الحديث في التنمية السياسية والتنمية الادارية، واجندات الاصلاح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هل سيبقى الحال على ما هو عليه؟ وهل سنكتفي بتغيير وزاري بحيث يتم تسريح بعض الوزراء وتعيين وزراء آخرين، سرعان ما يتم الاستغناء عنهم. المطلوب اكثر من تغيير وزاري، فما دام الحديث عن نهج جديد، فلا شك ان الحاجة ماسة الى دراسة معمقة في كيفية صنع القرار في بلدنا، تشارك فيها كل مؤسسات الوطن، المحسوبة على الخط الرسمي والمعارض، والتي تطالب جميعها بدولة المؤسسات والقانون وتداول السلطة وغيرها من الممارسات التي نشاهدها في الدول ذات الانظمة الديمقراطية العريقة. لحظة لم تكن عادية تلك التي عاشها الاردن بعد تفجيرات الاربعاء الاسود، فقد وحدت الجميع في مواجهة خطر الارهاب الداهم الذي لا يفرق بين الاصدقاء والاعداء، وكلنا ضحايا له. لحظة نحتاج ان نكون بحجمها وبقوة الدفع التي خلفتها، ونواجه فيها الارهاب والانغلاق والسوداوية واغراق المشهد الحياتي بالدم، بمزيد من الحريات والديمقراطية والقوانين العصرية. المطلوب اكثر من تغيير وزاري، مطلوب تغيير اسس تشكيل الحكومات، بحيث يتم تشكيل حكومة تؤمن بالنهج الديمقراطي فعلاً لا قولاً، وان يكون لديها برنامج واضح المعالم في كامل مرافق الحياة بحيث يتم محاسبتها امام مجلس نيابي كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية. حكومة فعل سياسي بالدرجة الاساسية لا حكومة تسيير الجهاز الحكومي. حكومة تعترف بالعمل الحزبي كسمة من سمات البلدان الديمقراطية، ولا تعمل لاستحضار وجلب الاحزاب عندما تريد استكمال الديكور. حكومة لا يستهويها اولئك المتملقين والمطبلين والمزمرين والمداحين، فيكونون بطانتها في العلن والسر. حكومة تساعد على المزيد من الاصلاحات، جريئة وصادقة بحيث تعترف فعلاً لا قولاً اننا بحاجة الى اصلاحات سياسية وادارية واقتصادية كبيرة وبالدرجة الاساسية حكومة تؤمن بالاصلاح وتواجه الفساد والمفسدين، ولا تحمل ارث الماضي اذا كانت راغبة في المحاسبة. في كل مرة تسري فيها الاشاعات عن تغيير وزاري، يتم الحديث عن الصراع بين اقطاب الحياة السياسية، والشخصيات الموالية لهذا القطب او ذاك، ويتم في النهاية تغليب قطب على آخر، والخاسر في النهاية كل الحالمين بالخطوة الثانية لخطوة 89 وتعزيز النظام الديمقراطي، لصالح قوى التخلف والشد العكسي، واعادة عقارب الساعة الى الوراء.
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|