نوابنا والحكومة وحناجر الدعاية الصهيونية
السبت 26/11/2005 برهوم جرايسي
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية، نعود من جديد لنسمع نغمات باتت مألوفة وحتى بالية، ترددها بعض الحناجر الناطقة باللغة العربية، إن كانت لغة الأم عندهم أم لا، ويكثر ظهور "الباحثين" و"المفكرين" الذين يأتوننا بألف لابوس ولابوس، يشطحون وينطحون ويذمون ويتفلسفون، عن قصد أو قصد، بعد إن زال من عصرنا عالم الصدف. في ظهيرة يوم الجمعة بثت اذاعة الشمس لقاء مسجلا مع الدكتور اسعد غانم، حول الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونشهد لهذه الأذاعة نجاحها في اجتياز كافة مآزق الحساسية، وتبدع في خلق توازنات بين الأطراف المختلفة، ولهذا فإن ما سيتبع ليس متعلقا بما جاء في تلك المقابلة، وإن كان من المفضل إن يظهر من يرد على "تحليلات" غانم، وهي ملاحظة ودية وصلت الى المسؤولين وتقبلوها بصدر رحب. وفي تلك المقابلة لم يجد غانم أي غضاضة في أن يسأل "النواب العرب"، "ماذا فعلوا للجماهير العربية؟"، وهو سؤال أول من أطلقه هم اقطاب حكومات اسرائيل، بمن فيها الحالية بطرفيها "الليكود" و"العمل"، من باب سياسة التيئيس، وابعاد الجماهير العربية عن برامجها الوطنية، والتصدي لسياسة التمييز العنصرية، التي ينتهجها أولئك الحكام الذين اطلقوا هذا التساؤل الخبيث، مع أن زمام الأمور وكافة القرارات في ايديهم. هم يسألون نواب الكتل الفاعلة بين جماهيرنا "ماذا فعلوا؟"، وكأن الميزانيات في ايديهم ويسيطرون على القرارات الحكومية، وكأن ما يجب إن تحصل عليه جماهيرنا فقط من خلال الاستجداء والركوع وتقبيل الايادي، والرضوخ لسياسة الاجرام والاحتلال، وحني الرؤوس من باب "أمرك يا سيدي"، وفقط من أجل رفع ميزانيات سلطاتنا المحلية العربية، مثلا، بقليل لتخفف من وطأة سياسة التمييز العنصري بنسبة 1%. إن السؤال الذي يجب إن يُطرح أولا، انه طالما هؤلاء الحكام الذين يطرحون هذا السؤال يقلقهم وضع الجماهير العربية، وهم يعلمون تفاصيله، فما الداعي إن ينتظروا من يدفعهم لتحسين الاوضاع، وأن لا يبادروا بأنسفهم لوقف سياستهم، ونهجهم. والسؤال الأهم الذي يجب إن يطرح أيضا، كيف سيكون حالنا مع العقول الصهيونية العنصرية، لو لم تتمثل جماهيرنا بكتل وطنية في الكنيست، التي يطرح نوابها على الدوام قضايا جماهيرنا بتفاصيلها الكبيرة والصغيرة وحتى الدقيقة. ولكن هذا النقاش لا يتوقف عند حكام اسرائيل، بل أيضا الى أولئك الذين يتبجحون ويرددون تلك المقولات التيئيسية، ومن المفضل إن يحذروا، وهذه دعوة لتعريتهم وعدم التعامل معهم بقفازات من حرير، ومواجهتهم بحقيقتهم، فمن اختار لنفسه إن يكون حنجرة اضافية لترديد الدعايات الصهيونية العنصرية، أن لا يأتينا بلابوس الموضوعية و"البحث العلمي" بل إن يكشف عن نواياه، وكان على غانم إن يعطي الاجابة الموضوعية التي يعرفها جيدا، على هذا السؤال الخبيث. وهذا لا يسري على غانم فقط، بل أيضا هناك شخص معين لم يترك زاوية إلا وحاول من خلالها الوصول الى مقعد في الكنيست، لقد بحث عن هذا في حزب وطني عريق، وبحث عنه من خلال حزب صهيوني وأكثر، وعندما فشل، ارتدى لابوس "الموضوعية" و"البحث العلمي" ليطرح مثل هذا السؤال الخبيث. إننا نقف عند مفترق طرق هام وضروري في الانتخابات المقبلة، وزيادة تمثيلنا هو "السيناريو الأكبر" الذي يقلق منه "حكماء صهيون" بكافة اشكالهم ويعتبرونه خطرا عليهم، ابتداء من نصير الفقراء المزيف، المدعو عمير بيرتس، الى حمامة السلام الجديدة، جزار قبية وصبرا وشاتيلا وغزة ورفح وجنين، اريئيل شارون، سنراهم يغزون شوارعنا بكافة الاشكال، ومن بينها شكل التيئيس والانعزال، والابتعاد عن الخط الوطني التقدمي الكفيل بانقاذ شعبنا من براثن سياسة التمييز العنصري والاحتلال. لقد واجهت جماهيرنا طيلة عشرات السنوات ابواق الدعاية الصهيونية، وهناك من سقط في احضانها، ولكن البوصلة الوطنية الحقة التي رافقت جماهيرنا منذ العام 1948، المتمثلة بالحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، كانت ولا تزال هي أيضا الناطور لقضايا الجماهير والمدافع عنها، وليس صدفة ان الغالبية الساحقة ممن ينشطون في الساحة الوطنية في اطر مختلفة، وقد نختلف مع بعضها، مرّت أولا من بوابة الحزب الشيوعي والجبهة.
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|