إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ابرز الانشقاقات والاصطفافات في تاريخ الخارطة الحزبية الاسرائيلية

الثلاثاء 29/11/2005
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

شهدت الخارطة الحزبية في اسرائيل، على مدى عشرات السنوات، الكثير من الانشقاقات، والاصطفافات الحزبية، ولم تنته أي ولاية برلمانية من الولايات الستة عشر وإلا وكان خلالها او في نهايتها انقسامات وتكتلات جديدة، ولكن ليست كلها كانت ذي وزن بالقدر الذي أحدثه انشقاق رئيس الحكومة، اريئيل شارون، الذي يُجمع المراقبون على انه الانشقاق الاكبر في تاريخ الخارطة الحزبية في اسرائيل.
وفي ما يلي نستعرض ابرز محطات الانشقاقات والاصطفافات.
*في النصف الاول في سنوات الستين من القرن الماضي، انشق رئيس الحكومة الاسرائيلية الأول، دافيد بن غريون، عن حزبه "مباي"، ولم يكن حينها رئيس حكومة، وفي انتخابات العام 1965 خاض الانتخابات على رأس قائمة مستقلة، باسم "رافي"، التي حصلت في تلك الانتخابات على 10 مقاعد، وكان جميع اعضائها في الاصل من حزب "مباي" وانخرطت القائمة في حكومة "مباي" وسرعان ما انصهرت القائمة من جديد من الحزب الاصلي، الذي تحول اسمه الى "معراخ"، وضم احزابا أخرى.
*في العام 1973 كان الجنرال احتياط اريئيل شارون، ابرز المبادرين لتوسيع صفوف حزب "حيروت" اليميني المتطرف، وضم اليه احزابا صغيرة تدور في فلكه، مثل حزب الليبرالبيين، واطلق على هذا التجمع السياسي الجديد اسم "حركة الليكود"، ونجح في رفع عدد مقاعده من 26 مقعدا في العام 1969، الى 39 مقعدا في انتخابات 1973، لينقض على السلطة بزعامة بنيامين بيغين في العام 1977، لينهي حكما شبه انفرادي لحزب "مباي" (المعراخ) دام 29 عاما، منذ قيام اسرائيل، وأدخل اسرائيل في مرحلة جديدة.
*في العام 1977 وبعد الأزمة الكبيرة التي ضربت حزب المعراخ (العمل حاليا)، في اعقاب فضائح الفساد، والهزة السياسية التي اصابت اسرائيل في اعقاب حزب اكتوبر، تجمعت عدة شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية، وشكلت قائمة "داش" التي حاولت التعبير عن "الوسط الصهيوني"، ولكن هذه القائمة التي حصلت على 15 مقعدا في انتخابات ذلك العام وانضمت الى حكومة الليكود بزعامة بيغين، سرعان ما تفتتت، واختفت عن الخارطة السياسية في انتخابات 1981.
*في مطلع سنوات التسعين، نجحت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية في احداث هزات في الخارطة السياسية الاسرائيلية، كانعكاس للتضامن العالمي مع انتفاضة الحجر، وتوحدت في العام 1992 ثلاث كتل من اليسار والوسط الصهيوني، هي "راتس" ومبام" و"شينوي"، وشكلت تحالف "ميرتس"، الذي تحول لاحقا الى حزب بعد ان حلت الاحزاب الثلاثة نفسها، على الرغم من التناقضات الفكرية لدى بعض اطرافها، وحصلت في العام 1992 على 12 مقعدا، بعد ان كانت تتمثل مجتمعة بعشرة مقاعد في الانتخابات التي سبقتها.
وفي انتخابات 1996 هبطت قوتها الى تسعة مقاعد، وسرعان ما استعادت مقعدا في انتخابات العام 1999، ولكنها تلقت ضربة قاصمة في انتخابات 2003 بهبوطها الى ستة مقاعد، وتتنبأ لها استطلاعات الرأي للانتخابات القدمة إما ارتفاع بمقعد واحد (لتصبح سبعة)، او خسارتها لمقعدين اضافيين (لتصبح اربعة).
*في العام 1999، وعلى ضوء أزمة وانهيار حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو، تجمعت مجموعة كبيرة من شخصيات النخبتين السياسية والعسكرية، واقامت حزب "المركز"، بزعامة يتسحاق مردخاي، وضمت ايضا رئيس الاركان الاسبق امنون ليبكين شاحك، وشخصيات سياسية بارزة، مثل ابنة يتسحاق رابين، داليا، والوزير الأسبق دان مريدور وزميله في حزب الليكود روني ميلو، وغيرهم.
ومع ظهور هذا المركز بدأت استطلاعات الرأي تتنبأ له الحصول على ما بين 15 الى 18 مقعدا، وان يقود ترشيح مردخاي لرئاسة الحكومة لاجراء جولة ثانية لانتخاب لرئاسة الحكومة بين أيهود براك وبنيامين نتنياهو، ولكن هذا الحزب كان حزبا فوقيا ولم يترجم نفسه في القواعد الشعبية، ولم ينجح في اقامة الجهاز التنظيمي الذي يضمن له جلب المصوتين لصناديق الاقتراع، ولهذا فقد حصل في انتخابات العام 1999 على سبعة مقاعد، بعد إن كان مردخاي قد انسحب من المنافسة على رئاسة الحكومة لصالح أيهود براك، واعتبرت نتيجة الانتخابات خيبة امل، سرعان ما قاد الى تفكك في الكتلة البرلمانية، خاصة على ضوء الفضائح الجنسية التي تورط بها مردخاي، وخلال الدورة البرلمانية التي انتهت في مطلع العام 2003، انتقلت كل شخصية الى حزبها الأصلي، ومنها من غادر السياسة كليا، وحتى اليوم.
*أيضا في العام 1999 انشق النائب أبراهام بوراز عن حزب ميرتس، فبوراز هو من حزب شينوي، الذي انبثق عن قائمة داش بعد العام 1977
ويدافع باستمرار عن مصالح كبار اصحاب رؤوس الأموال، واختلف مع ميرتس على برنامجها الاقتصادي الذي تماثل مع نهج الاشتراكية الدولية، من خلال اعضاء "مبام"، ومن اصوله تمتد الى حزب "العمل".
وبحث بوراز عن نجوم سياسية واعلامية، ولجأ الى الصحفي اليميني البارز يوسيف لبيد، وشكلا مع نائب ثالث قائمة شينوي، لتحصل في انتخابات 1999 على ستة مقاعد، وتحولت الى عنوان للعلمانيينن الذين يرفضون قوانين الاكراه الديني، وفي هذه النقطة بالذات تحول حزب "شينوي" الى المنافس الاخطر على "ميرتس"، العلمانية اليسارية.
واستفاد "شينوي" في انتخابات 2003 من حالة البلبلة السياسية الشديدة التي ظهرت في الساحة السياسية، بعد انهيار حكومة أيهود براك في العام 2001 ووصول شارون الى رئاسة الحكومة، وغياب البرنامج البديل لدى "العمل" بزعامة عمرام متسناع، الذي لفظته امواج الحلبة السياسية الهائجة الى خارجها نظرا لمواقفه السياسية المؤيدة لحل دائم مع الفلسطينيين على اساس مشروع بيل كلينتون. وحصل "شينوي" في تلك الانتخابات على 15 مقعدا، بمعنى انها ضاعفت قوتها مرتين ونصف المرّة.
واصطلح على تسمية "شينوي" حزب "ترانزيت"، بمعنى محطة انتظار، وعلى ما يبدو فإن هذا المصطلح سيتحقق في الانتخابات المقبلة، إذ تتنبأ استطلاعات الرأي بانهيار "شينوي" ليحصل على ما بين خمسة الى سبعة مقاعد، و"شينوي" هو المتضرر الاكبر من حزب شارون الجديد "كديما"، وقد نتفاجأ، بنسبة ضئيلة في الاسابيع القليلة القادمة، بانضمام "شينوي" كلها الى قائمة شارون، ولكن هذا احتمال ضئيل جدا، صعب التحقق، ولكنه ليس مستحيلا.
ويبرز مما سبق إن حالة اريئيل شارون تتميز عن الحالات السابقة بعدة جوانب، فهذه هي المرّة الاولى التي يقرر فيها رئيس حكومة وزعيم حزب حاكم الانشقاق عن حزبه، الذي يقوده، وهو في مكانة قوة، كذلك فإن شارون يسحب معه عدة شخصيات تاريخية في حزب الليكود، وابرزها أيهود اولمرت، كذلك فإن هذا اكبر واضخم انشقاق في حزب كبير في اسرائيل ينافس على السلطة، ولكن حتى الآن علمنا حجم هذا الانشقاق في القيادة ولا نعلم حجمه على مستوى القواعد.
ولكن المراهنة اليوم على شارون هو قدرته على تشكيل جهاز تنظيمي حزبي قوي وفعال بامكانه إن يترجم نتائج استطلاعلات الرأي في صناديق الاقتراع يوم الانتخابات، وان يتغلب على الشعور بأن هذا حزب لمرّة واحدة، يلتف حول اريئيل شارون، وسيزول بنزول شارون عن الحلبة السياسية.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر