إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



اريئيل شارون أسس الليكود وشقه


الجمعة 2/12/2005
بعد أن خلع اريئيل شارون بزته العسكرية، فور انتهاء حرب اكتوبر في العام 1973، توجه فورا الى اقصى اليمين الصهيوني الاسرائيلي، على الرغم من انه كان محسوبا على حزب "مباي" الحاكم (العمل حاليا)، وكان شارون من ابزر، إن لم يكن أبرز، مؤسس لحزب "الليكود"، الذي في عموده الفقري حركة "حيروت"، اليمينية المتطرفة بزعامة مناحيم بيغن، في حينه، وعجزت طوال 25 عاما من الوصول الى السلطة، إلا عبر حكومتي ائتلاف قومي خلال حربي 1967 و1973.
وكانت فكرة اقامة الليكود، من "حيروت" وأحزاب أخرى تدور في فلكه، قد اثمرت للحزب 39 مقعدا في انتخابات اليوم الأخير من العام 1973، وهو عدد مقاعد لم يحلم به "حيروت"، الذي وصل الى اقصى حد له 26 مقعدا في العام 1969.
ولكن شارون، نقل الى الحزب الجديد ممارساته خلال عمله العسكري، فكان دائم التمرد على قادته، ومغامرا في عملياته الاجرامية، والمجازر التي ارتكبها، وادى هذا التصرف الى اعاقة تقدمه في الجيش وحصوله على رتبة لواء على مدى اعوام.
وتحول شارون الى قائد التكتل المعارض الدائم لكل زعيم حزب، فهكذا كان مع مناحيم بيغن، خاصة خلال مفاوضات "كامب ديفيد" بين مصر واسرائيل، وكان من بين الوزراء والنواب في الليكود الذي تمردوا على بيغن، وفرضوا عليه قانون ضم القدس وهضبة الجولان السورية المحتلة، "كتعويض" عن الانسحاب من صحراء سيناء المصرية.
وفي العام 1983 كان شارون السبب الرئيسي الذي جعل بيغن يستقيل من منصبه رئيسا للحكومة وينسحب من الحياة السياسية، ويفرض على نفسه عزلة عن المجتمع وحالة احباط، دامت سنوات طوال، انتهت بوفاته في مطلع سنوات التسعين، على خلفية الحرب على لبنان، التي قادها شارون، وبلغت ذروتها بمجزرة صبرا وشاتيلا، التي خطط لها واشرف عليها شارون نفسه.
وحين تولى يتسحاق شمير رئاسة الحزب، ومن ثم رئاسة الحكومة، تزعم شارون تكتلا مناهضا له، وفجر في العام 1984 مؤتمر الليكود، الذي درج على تسميته "مؤتمر الكراسي"، نسبة الى ان جلساته انتهت بالتراشق بالكراسي والعصي بين انصار شارون والآخرين.
تنافس شارون مرارا على زعامة الليكود امام شمير ونتنياهو لاحقا، ولكنه كان يفشل ويحصل على نسب ضئيلة، بسبب تزعمه الجناح المتطرف في الحزب على مدى سنوات طويلة.
وفي سنوات حكومة يتسحاق رابين، (حكومة اوسلو) كان شارون القائد الابرز لمعسكر اليمين المتطرف، الذي حرض وعارض اتفاقيات اوسلو، ولدى اغتيال يتسحاق رابين، وجهت الكثير من اصابع الاتهام الى حملة التحريض التي كان من ابرز قادتها، وقادت الى عملية الاغتيال.
لدى انتخاب بنيامين نتنياهو في العام 1996 رئيسا للحكومة، حاول نتنياهو استبعاد شارون عن الحكومة، ولم يسند له حقيبة وزارية، مما ادى الى نشوب أزمة في داخل الليكود، وامتنع الوزير دافيد ليفي، في حينه، المنافس الأكبر لنتنياهو، من تسلم حقيبته (الخارجية) طالما لم يتسلم شارون حقيبة وزارية.
وفي تلك الفترة تم توزيع كافة الحقائب الهامة، ولم يعد ما يلائم شارون، لذلك تم تفصيل وزارة البنى التحتية، وتم اقتطاع صلاحيات هامة جدا من مختلف الوزارات، مثل الطاقة والبناء والاسكان وغيرها لتصبح تحت مسؤولية الوزارة الجديدة، التي تحولت عمليا الى واحدة من أهم الوزارات، ولكن شارون لم ينس لنتنياهو ما فعله، واستمر ليكون الحلقة الاشكالية الاصعب امام نتنياهو، خاصة في العلاقة والمفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية.
وحين سقطت حكومة نتنياهو، والهزيمة الكبيرة التي مني بها الليكود في انتخابات 1999، بهبوطه الى 19 مقعدا، لم يكن أمام الليكود سوى انتخاب اريئيل شارون، بعد إن اصطف المنافس الابرز لنتنياهو، دافيد ليفي، في قائمة حزب "العمل"، وعين وزيرا للخارجية في حكومة براك.
ومنذ ذلك العام بدأ شارون يبني الليكود بشكل جديد، ليعزز معسكره، ففتح الأبواب على مصراعيها، ليستقبل جهات يمينية متطرفة لا تصوت لليكود اصلا، وبالاساس من مجموعات المستوطنين، التي رأت بشارون طوال سنوات، اشبه بزعيمها الروحي، وبلدوزر الاستيطان، وتغلغلت في هيئات الحزب بهدف التأثر على قراراته وشخصياته.
ولكن شارون لم يدرك انه بذلك سمح للأفعى إن تلتف على عنق صاحبها، فتحولت هذه المجموعات الى كتلة تمرّد عليه، لم تفهم سياسته ولم تستوعبها، حين اختار الانسحاب من قطاع غزة، ليتفرغ لمهمة السيطرة على أكثر ما يمكن من اراضي الضفة الغربية، تحسبا لضغوط دولية قد تقف امامها اسرائيل، مستغلا الدعم المطلق من الادارة الامريكية الحالية.
اليوم يقرر شارون ترك الليكود كله، ليبني من جديد حزبا حسب تفاصيله، وعلى ما يبدو ينجح بذلك حاليا، ولكن منذ الآن كتب لهذا الحزب إن يكون حزبا لمرّة واحدة، مهما حقق نتائج في الانتخابات المقبلة، او تسلم الحكم من جديد، فشارون يعرف تماما كيف يقضي، حتى على حزب حاكم.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر