إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



نهضة في الكتاب العربي

الجمعة 16/12/2005
ابراهيم غرايبة- "الغد" الاردنية

تشهد حركة النشر العربي حالة ترجمة واسعة للإنتاج الفكري العالمي والغربي، ويواجه المثقف المتابع والصحافي المتخصص بالنشر والأكاديمي العربي تحديات كبيرة في القدرة على الإحاطة بحركة الترجمة والنشر، فحركة النشر العربية المتاحة تفوق قدرة المؤسسات والمثقفين على استيعابها وتنظيمها معرفيا، وهي عمليات ترجمة ونشر لكتب جادة في الأدب والفكر والسياسة وسائر فروع المعرفة. وتكاد لا تتأخر أكثر من سنة عن تاريخ نشرها باللغة الأصلية.

ويمكن على الفور تذكر مجموعة كبيرة من المؤسسات العاملة في الترجمة، مثل المجلس الوطني للثقافة والفنون في الكويت، والمجلس الأعلى للثقافة في مصر ومشروع الألف كتاب، والمنظمة العربية
للترجمة، ومركز البابطين للترجمة، بالإضافة إلى عدد كبير من دور النشر النشطة، مثل العبيكان، وجرير، والأهلية والساقي والمركز الثقافي العربي في المغرب وغيرها كثير جدا.

وقد بدأ مجلس التعاون الخليجي مشروعا عملاقا للترجمة والنشر بخاصة في مجال الكتاب الجامعي مستفيدا من فرصة الطفرة النفطية الجديدة سوف تنعكس بالتأكيد على حراك التعليم الجامعي والعمل الأكاديمي بالإضافة بالطبع إلى الثقافة والفكر.

والكتاب العربي المؤلف والمترجم يبدو بخير على الأقل بالنظر إلى حركة النشر والعرض، فهذه المؤسسات القائمة على النشر والترجمة وتسويق الكتب يغلب عليها الطابع الاستثماري وإن كانت تستفيد من العمل الحكومي والرسمي في النشر والثقافة، وقد نجحت مجلة "الكتب: وجهات نظر" في الحضور ثقافيا وتجاريا (كما يبدو من الإعلانات المنشورة فيها)، ومن الواضح أنها تحقق انتشارا عربيا كبيرا، وتنشر سلسلة عالم المعرفة خمسين ألف نسخة من كل عنوان تنشره شهريا، ويغلب أن تنفد جميعها، ويعاد طباعة بعضها، وأعتقد أن هذا الرقم من النشر يجعل سعر الكتاب القليل مجديا من الناحية التجارية أو الكلفة على الأقل بالنسبة
لمؤسسة حكومية مقتدرة.

وفي معرض عمان للكتاب الذي أقيم في خريف العام الماضي كانت تبدو حركة البيع معقولة على الأقل كما يبدو في الانطباع الأولي، فجناج المجلس الوطني الكويتي كان في اليوم الثالث قد باع جميع كتبه، وقال لي الشاب الذي يعمل في دار الفارابي ناشر كتاب حسين مروة "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" أنه باع حتى اليوم الثالث من المعرض خمسين نسخة من الكتاب، وهو رقم يبدو مرتفعا بالنسبة لكتاب فلسفي متخصص ويبلغ حجمه أربعة مجلدات.

أعتقد أن حركة النشر تبدو أفضل من الانطباع السائد ومن ملاحظات
تقرير التنمية الإنسانية العربية أيضا، فدور النشر العربية الناشطة والمتزايدة ليست جمعيات خيرية بالتأكيد، وقد توسعت دار الأهلية مؤخرا في عرض الكتب لتنتقل من مكتبة صغيرة إلى معرض واسع وأنيق في وسط عمان، وهي خطوة تؤشر على استثمار واسع في النشر والتوزيع.

وبالطبع فإنه ثمة مشكلات كثيرة تواجه حركة النشر والثقافة العربية. وليس المقصود نفي الأزمة، ولكن يبدو أنه يبالغ في تقديرها وحجمها، وأنها تستخدم لجلد الذات، أو في سياق نزعة عامة للحديث عن الخسائر والتراجع وتردي الواقع. لكن المتابعة العامة للمجلات الثقافية ومعارض الكتب ومكتبات البيع والتوزيع وقوائم النشر التي تصدرها المكتبات الوطنية العربية ومواقع الإنترنت المتخصصة بالكتاب العربي تدفع إلى الاعتقاد بأن رقم خمسة آلاف عنوان سنويا على مستوى الوطن العربي هو رقم أقل بكثير من الواقع والحقيقة، وأنه ينشر في الوطن العربي على الأقل عشرين ألف عنوان يطبع منها على الأقل خمسون مليون نسخة. ويعني هذا أن صناعة النشر العربية تتحرك في إطار خمسمائة مليون دولا سنويا، صحيح أنه رقم ضئيل بالنسبة للوطن العربي الذي يتوقع أن صناعة "صالونات الحلاقة والتزيين" تساوي فيه على الأقل ملياري دولار سنويا. ولا بد أن الكتاب العربي يجدر به قياسا إلى تصفيف الشعر أن يكون ضمن عشرة مليارات دولار سنويا، ولكن يجب أيضا ألا نبخس أنفسنا حقها، فهناك مع الكتاب أيضا المجلات والصحف والكتب التعليمية ومواقع الإنترنت ومؤسسات ومحطات الإذاعة والتلفزيون والإعلان وهي صناعة وحركة تجارية واستثمارية لا تقل عن خمسين مليار دولار سنويا.
وهنا يجب الإشارة إلى الدور الرائد لقناة الجزيرة التلفزيونية في خدمة حركة النشر عبر برنامجها الأسبوعي "الكتاب خير جليس" للزميل خالد الحروب، وعروض الكتب في موقع قناة الجزيرة على الإنترنت (الجزيرة نت) والذي يعرض بمعدل كتابين أسبوعيا، وقد أمكن عبر هذين البرنامجين على القناة والإنترنت التعريف بحوالي خمسمائة كتاب على الأقل في السنوات الخمس الماضية.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر