إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



إمرأة جبهويّة عربية في الكنيست الآن الآن!

السبت 17/12/2005
خلود بدوي

يجب التأكيد أولاً أن معركة الانتخابات البرلمانية القادمة حاسمة وبالغة الأهمية، وليس كغيرها من المعارك الإنتخابية السابقة. وهذا بحكم وتيرة التطورات والتغيرات
السياسة السريعة المتجهة بقيادة أريئيل شارون، بالذات، يمينًا والى الأمام (شرقـًا الى الضفة!)، وشمعون بيرس الى اليسار، بصهيونية خبيثة مطلقة. وفي كلتا الحالتين كلاهما ينويان عبور الانتخابات من خلال الشارع العربي بحيث لا يتوانى كل منهما عن كسب اكبر عدد من اصوات العرب!
وعلى الرغم من زخم التطورات على الساحة السياسية العامة، وما قد تقودنا اليه من تحليلات واجتهادات سياسية وفكرية وانتخابية إلاّ انه يتوجب علينا، وفي السياق نفسه، التطرق الى مسألة مكانة المرأة العربية في حركتنا، الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة. يجب ان نسأل انفسنا كرفاق ورفيقات جبهويين وجبهويات عن مدى التزامنا باحد اهدافنا الأساسية في برنامجنا الحزبي والسياسي وهو تدعيم او تعزيز مكانة المرأة في مجتمعنا.

منذ تأسيس الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، يتصدّر بند تعزيز مكانة المرأة برنامجنا الحزبي، ولم نتوانَ ابدا عن ذكر هذا البند، خاصة في المعارك والحملات الانتخابية ومن خلال عملنا البرلماني ايضًا.
إن أحد أهمّ ما يميز الجبهة كحركة عربية يهودية
ترتكز بالاساس على اصوات الجماهير العربية في البلاد عن غيره من الأحزاب العربية، هو كوننا استطعنا الحفاظ على خطنا اليساري العربي اليهودي المشترك منذ تأسيس الجبهة
ومن خلال الكوادر والتمثيل البرلماني، في الوقت الذي انهار فيه ما كان يسمى معسكر اليسار في اسرائيل. صحيح ان الكتلة البرلمانية الاخيرة لم تعكس هويتنا المشتركة الا ان هذا لا يعني تغييرًا في مبدأ العمل المشترك انما خطأ تقنيًا، ومن الخطأ تكراره.
ميزة اخرى بالغة الاهمية تميّز الجبهة عن باقي الاحزاب كافة هي وجود قاعدة نسائية فعالة وناشطة ليس فقط على الصعيد الحزبي انما على صعيد المجتمع الاسرائيلي بشكل عام والمجتمع الفلسطيني في البلاد
بشكل خاص، وهذه ليست ميزة فقط انما حقيقة لا يمكن المرور عليها مر الكرام. فلا يمكن التغاضي عن الحقيقة المشرفة بأن غالبية النساء الفعالات قي المجتمع العربي والمجتمع الاسرائيلي بشكل عام هن نساء جبهويات اولا، وعربيات بالأخص، ويمثلن الجبهة في مواقع عديدة ومختلفة من خلال نشاطهن اليومي،
ان كان هذا من خلال الحركات الطلابية في الجامعات والمعاهد الاسرائيلية، جمعيات المجتمع المدني، الحركات النسائية والنسوية، النقابات العمالية، الحركات اليسارية الناشطة ضد الاحتلال ( تعايش, بنت السلام، نساء بالسواد، حركة النساء الدمقراطيات, ائتلاف النساء من اجل السلام، اللجنة الاسرائيلة ضد الجدار وغيرها وغيرها). ومن المهم جدا الاشارة الى ان مجتمعنا يتعامل مع قسم من نسائنا النشيطات في هذه المجالات على انهن قياديات كاملات الحقوق وليس اقل من ذلك أبدًا.
ولكن في الوقت الذي يتعامل فيه مجتمعنا مع نسائنا النشيطات في هذه المجالات على انهن قياديات وليس اقل من ذلك، فإن الاحزاب العربية و اليهودية عامةً تفتقر في صفوفها الى مثل هؤلاء النساء ومثل هذه القاعدة المتينة والملتزمة لحزبها وخطه السياسي ولجماهيرها.
الا انني ومن خلال هذه الحقيقة المشرفة، اطرح السؤال الذي بات مستهلكًا وتقليديًا لكنه وقبل كل شيء سؤال مبدئي من الدرجة الأولى ولا يمكنني ان اضعه جانبا خاصة انني انتمي بفخر وباعتزاز الى حزب يضع نصب أعينه في الاساس مناصرة وتمكين الطبقات المضطهدة او المغبونة الحق. وسؤالي هو: لماذا لم يتم حتى الآن ترشيح امرأة عربية جبهوية للكنيست من خلال قائمة الجبهة في مكان مضمون؟ ولماذا لا يتم طرح هذا السؤال بشكل جدي الآن، اليوم في سياق الانتخابات القادمة؟
سنة 1948 قامت مجموعة نساء رفيقات بتأسيس "جمعية النهضة النسائية" ومن خلال عملها التقت" بجمعية النساء التقدميات اليهوديات" التي كانت أهدافها تطابق أهداف جمعيه النهضة النسائية فتوحدت الجمعيتان و شكلت منظمة النساء الديمقراطيات التي ضمت النساء اليهوديات والعربيات معا . وفي مؤتمرها سنة 1973 تم تغيير اسم المنظمة "لحركه النساء الديمقراطيات".
ورغم هذا النشاط الذي قادته الرفيقات والصديقات الجبهويات على مدى عشرات السنين حيث تضمن العديد من الانجازات والنجاحات مما يؤكد وجود قياديات لديهن القدرة بتبوء اهم المراكز التمثيلية لم تسر ترجمت ذلك في صفوف الجبهة الى تمثيل مناسب للنساء في الهيئات الجبهوية والحزبية وفي القوائم الإنتخابية بما في ذلك السلطات المحلية، عدا حالات قليلة جاءت اكثر فقط لتسجيل موقف ولم تكن كافية لتعكس الطاقات والقدرات النسائية الكامنة في كوادرنا.
ومن هنا فانني لا اعتقد ان المشكلة تكمن
بوجود مأزق قيادة نسائية ونسوية في صفوف الجبهة، انما تكمن المشكلة في وجود فارق كبير بين المبدأ المعلن وبين الممارسة الفعلية وسلم الاولويات المدرج والذي لا تتصدره وللاسف النساء ومكانتهن، عندما يتعلق الأمر بانتخابات الكنيست وبوجه الجبهة امام جمهور مصوتيها من خلال قائمة المرشحين في الأماكن المضمونة. مع العلم ان جمهور مصوتينا الاكبر، وهو جمهور عربي في غالبيته يؤيد ويدعم ترشيحها,
ففي استطلاع للرأي اجرته جمعية نساء ضد العنف من خلال مشروعها "حقوق المرأة" تبين ان 78,1 % من مجتمعنا يؤيد انخراط المرأة في العمل السياسي و 73,2% عبروا عن استعدادهم للتصويت لقائمة تترأسها امرأة و 83,2% من الجمهور يرى ان على الاحزاب العربية ان تضع تحسين مكانة المرأة في صلب جدول اعمالها.
المرأة الوحيدة التي تم ترشيحها وانتخابها للكنيست من خلال قائمة الجبهة كانت الرفيقة تمار غوجانسكي، والتي كانت فترتها البرلمانية مليئة بالانجازات والعمل الدؤوب من اجل مناصرة ليس فقط قضايا المرأة انما ايضا كل ما يتعلق بالاجحاف اللاحق بالطبقات المستضعفة، العربية واليهودية على حد سواء.
ولكن منذ خوض الجبهة انتخابات الكنيست للمرة الأولى وحتى يومنا هذا وفي الوقت الذي تحتل فيه مكانة المرأة، وخاصة العربية, لم نجد حتى الآن اية مبادرة فعلية او نوايا جدية على ترجمة هذه الخطابات او الشعارات الى فعل عندما يتعلق الأمر بقائمة الجبهة في انتخابات الكنيست. اقصد بذلك اننا حرصنا دائما ومنذ المعركة الانتخابية الاولى التي خضناها للكنيست (وهذا مثبت تاريخيا) على ان نحافظ على الخط السياسي اليساري التقدمي الدمقراطي من خلال الحفاظ على الهوية العربية - اليهودية المشتركة للجبهة وهذا يزيد ايضا من الاعتزاز بمبدئية الالتزام بهذا الخط... إلاّ ان سؤالي وبعد عقود من تأسيس الجبهة هو: إلى اي مدى كان هذا الحزب ديمقراطيًا ويساريًا وتقدميًا تجاه جمهور نسائه الرفيقات والصديقات في صفوفه؟ ولماذا تنتهي الدمقراطية بالاعتزاز والافتخار بالنساء اللواتي اثبتن جدارتهن بالمجتمع على انهن قياديات، بينما لا تترجم الدمقراطية بشكل فعلي الى مرآة انجازاتنا كنساء في المجتمع؟


كشابة جبهوية ناشطة سياسية يؤسفني ويحزنني ايضا حقيقة عدم برمجة نجاحنا السياسي الجماهيري القيادي كنساء
من خلال بيتنا الام الجبهة، وعدم تحول الجبهة الى دافع باتجاه تغيير مجتمعي ووسيلة لرفع الوعي بما يتعلق بمكانتي كامرأة، وذلك من خلال منحنا الثقة من خلال حزبنا على اننا كنساء نستحق هذه الثقة بان نكون الوجه الذي تمثل به ليس فقط الجبهة في الكنيست انما مجتمعنا باسره.
وهذا في الوقت الذي نجد انفسنا فيه دؤوبين على ضمان التمثيل اليهودي في القائمة وفي مكان مضمون، وانا لا اقلل من اهمية التمثيل العربي اليهودي، فهذا ليس فقط مجرد تمثيل انما مبدأ وخط سياسي نؤمن ونلتزم به، الامر الذي يقودني في الوقت نفسه الى طرح السؤال: وماذا عن مدى مبدئية والتزام الجبهة تجاهي كإمرأة وبالذات عربية؟ لماذا يتم التبرير دائما بأن موضوع المرأة قابل للتأجيل بسبب الخارطة السياسية الحزبية الداخلية، بينما هناك أموراخرى وتمثيلات اخرى لا تحتمل التأجيل وان اجلت تعتبر كارثة؟!
الم يحن الوقت ان نفهم ونتقبل حقيقة على ان المرأة العربية الجبهوية باستطاعتها ايضا ان تكون قيادية برلمانية ان لم يكن ذلك افضل من غيرها من الرجال؟ ألم يحن الوقت الى تكليل انجازتنا الجماهيرية كنساء جبهويات من خلال حزبنا؟ الم يحن الوقت لرصد انجاز تاريخي للجبهة من خلال دعم المرأة العربية وإيصالها الى الكنيست؟ مع العلم ان هذا سوف يعتبر انجازًا وليس سابقة. فستبقى السابقة محفوظة لصالح "ميرتس"، الحزب الصهيوني! الم يحن الوقت لمنحنا الثقة؟
لا يوجد لديّ ادنى شك ان امرأة جبهوية من داخل البيت الجبهوي، اثبتت في مجتمعها على انها حريصة عليه من خلال نشاطها للقيادي، وتستطيع ان تمثل الجبهة وبامتياز، يمكنها ان تمثل اليهودي والعربي منا، المرأة والرجل على حد سواء. وكما نجحت الرفيقة تمار غوجانسكي بتمثيلي كامرأة عربية جبهوية يسارية اعتقد انه حان الوقت لدعمنا في الفرصة القريبة القادمة
لنحدث التغييرولنثبت للعالم اجمع اننا قادرات حتى النهاية.
فما هي مدى مصداقيتنا في المعركة الانتخابية القادمة امام جمهور النساء والرجال الدمقراطيين التقدميين عربا ويهودَ، والذين يسألون وبإلحاح: كيف تعرّف الدمقراطية واليسارية عندما يتعلق الأمر بمكانة المرأة العربية بعد عقود من وجود الجبهة في الكنيست؟

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر