إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق

الثلاثاء 20/12/2005
ابراهيم غرايبة- "الغد" الاردنية

لم يعد الحديث عن المشهد القادم والمتضمن تحالفا أميركيا- إسلاميا مغامرة تحليلية كما كان الأمر قبل ثلاث سنوات أو أقل. فقد بدا أكثر وضوحا وواقعية بعد الانتخابات الافغانية والعراقية والمصرية، وإذا شاركت حماس في الانتخابات التشريعية والسلطة الفلسطينية فإن المشهد سيكتمل.
وفق هذا المشهد فإن إسرائيل ستتراجع أهميتها كثيراً، فهي لم تعد قاعدة متقدمة لمواجهة الاتحاد السوفيتي وتهديد الوطن العربي والمحافظة على تجزئته وتفرقته، وستزيد أهمية باكستان لتكون هي القاعدة الأطلسية في مواجهة المد والمعسكر الآسيوي. وهذا يقتضي بالضرورة تحقيق تسوية مرضية ومستقرة (وإن لم تكن عادلة) للقضية الفلسطينية، وإعادة ترتيب المنطقة باتجاه التنافس والصراع الجديد، وحشد المسلمين وطلائعهم من الحركات الإسلامية في تحالف جديد.
يحتاج هذا التحالف حتى ينجح موافقة الحركات الإسلامية على التسويات السياسية للأزمات في المنطقة، وبخاصة الحركات الإسلامية المعنية بها مباشرة، وإنهاء العداء مع الولايات المتحدة والغرب، وإنشاء علاقات وصداقات على أساس ثقافي مشترك توفر له مبادئ الحوار والتسامح بيئة مشجعة لتأسيس حكم وإدارة واستثمارات وتنمية، وهو ما يحدث اليوم بالفعل في العراق وأفغانستان وفلسطين، وفي الحوارات الجارية.
ويمكن أن تكون أيضاً قضية المسلمين في الصين (تركستان) عنواناً لقضية جديدة يتجمع المسلمون فيها لمواجهة الصين على غرار تجربة أفغانستان، وحتى القاعدة والحركات القتالية الأخرى يمكن أن تكون جزءاً من هذا المشروع (الجهادي).
هل ستقدم الحركة الإسلامية على إعادة إنتاج نفسها على نحو يتفق مع مرحلة تشكل فيها الحكومات القادمة أو تكون شريكا رئيسا فيها؟ هل ستقدم رؤية سياسية وإصلاحية حول مسائل تطبيق الشريعة الإسلامية والدولة الإسلامية والصراع العربي الإسرائيلي والتسوية السياسية؟ وما تأثير وتداعيات هذه التحولات المتوقعة على الحركة الإسلامية نفسها، وما المشهد المتوقع للحركة الإسلامية في حالة مشاركتها الواسعة في الحياة السياسية؟
الحركة الإسلامية تجري بالفعل مراجعة استراتيجية وأيدولوجية لمواقفها، وتمثلت في المشروعات والرؤى الإصلاحية الجديدة التي قدمتها جماعة الإخوان المسلمين في مصر وسورية والأردن، ويتوقع أن تتبعها حماس والتي قد تعدل ميثاقها ليستوعب تحولات وأسئلة واشتراطات أميركية، وهي مراجعات تشكل رؤية سياسية وإصلاحية تقترب كثيرا من رؤية حزب العدالة والتنمية في تركيا، وتحرر كثيرا من المواقف والبرامج السابقة من بعدها الأيدولوجي لإخضاعها لاعتبارات سياسية وواقعية، ونقلها من دائرة الفهم الديني الثابت إلى المصالح المتحولة.
ويتوقع أن تقبل الحركة الإسلامية بالواقع السياسي والاستراتيجي في المنطقة والقائم على المصالح الأميركية والقبول بإسرائيل في المنطقة، وربما الدخول في حالات من الشراكة والتعاون والتفاهم معها أيضا.
إن هذا المشهد الجديد سيؤدي حتماً إلى إعادة صياغة الحركة الإسلامية وإنتاجها من جديد لتكون جماعة سياسية تشتغل بالقضايا والهموم الميدانية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وتتحول إلى أحزاب أقرب إلى العلمانية، وقد تنتهي حالة "الإسلامية" لأنها ستكون مشتركة بين معظم الناس وتمثل قاعدة عامة للمجتمعات كلها لا تتميز بها حركة أو جماعة معينة.
الأمر يتوقف على مسألتين: التجربة المصرية القادمة للإخوان المسلمين في البرلمان، ويقال إن ما يحدث في مصر اليوم سيحدث في الدول العربية غدا، وموقع حماس في التسوية الجارية وفرص القبول بها في السلطة الفلسطينية. وهذه المشكلة لم تعد متوقفة على حماس كما كان يُظن في السنوات الماضية، ولكنها تتوقف على قبول إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا بها، ولكن اتجاه حماس الحاسم في هذا الخيار (المشاركة السياسية) سوف يسهل على الأغلب القبول الإسرائيلي والغربي بها.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر