إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



على مفترق طرق..

الاثنين 9/1/2006
حيدر عوض الله- الطريق

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، يقترب النظام السياسي الفلسطيني برمته من لحظة الامتحان، أي ما إذا كان قادراً على الاستمرار بذات القوى المحركة وضمن نفس آليات الحكم والهيمنة، أو أنه سينكفئ، ولو لمرحلة انتقالية، أمام معطيات جديدة وآليات أخرى من ضمنها تآكل القوة السياسية الكبرى التي طبعت النظام السياسي بطابعها لعدة عقود، وصعود متواصل لقوة أخرى تتقدم بثبات وسط التآكل المطّرد للقوة التقليدية التي وشمت النظام السياسي الحالي بما له وما عليه.
واللافت للنظر، أن المخاطر الجدية التي تحدق باستمرار هيمنة حركة فتح، كحزب للأغلبية المطلقة، على السلطة، بما في ذلك نتائج الانتخابات البلدية، المرحلة الرابعة، واكتساح حماس للمدن وبعض المعاقل التقليدية لفتح، لن توقف، كما يبدو، النزاع الحاد على وراثة حركة فتح وامتداداتها السلطوية بين تيارين مركزيين في داخل الحركة. وبغض النظر عن "الوجاهات" التبريرية التي يسوقها كلا التيارين لتبرير حضوره، إلا أن كليهما لا يملك رؤية أو برنامجاً يمكن أن تشكل مشروعاً موضوعياً يفترق عنده كلا التيارين، وإذا أمعنّا النظر في بعض رموز كلا التيارين، سنعثر بوضوح على شراكة كاملة بينهما، من حيث مسؤوليتهما المشتركة عن إدارة البلاد ، وما آلت إليه أوضاع مناطقنا الفلسطينية في ظل إدارة التيار المركزي للحركة السياسية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية.
إن وحدة قائمة حركة فتح إلى الانتخابات التشريعية بعد طول لأْي لا تفعل في الحقيقة سوى تبريد عناصر الأزمة وتأجيل انفجارها، فقد لاحظنا اشتداد هذه الأزمات في كل محطة تتعلق باستحقاقات ذات طبيعة انتخابية وسلطوية وسنلحظ اشتدادها في محطات أخرى.
لقد استنفدت حركة فتح أو كادت إلى حدود كبيرة، قدرتها على هضم تناقضاتها الداخلية، ولم تعد قادرة على تدوير أزمتها الداخلية باستخدام العصا والجزرة، فالسلطة التي امتلكت على مدار العشر سنوات الماضية القدرة على التوظيف والتعيينات ونثر الامتيازات هنا وهناك، تجد صعوبة بالغة في الإيفاء بأبرز ما تبقى فعليا من مظاهر وجودها، ألا وهو رواتب جهازها الوظيفي الضخم، بعد تحطم مكانتها وقدرتها على ممارسة دورها في إدارة البلاد!!.
لقد وقعت السلطة وحركة فتح في إعادة تراجيدية، لسيرورة نمو وهرم الأحزاب الشمولية الكبيرة التي دمجت سلطة الدولة بسلطة التنظيم، ونهشتها ذات الأمراض التي دبت في أوصال النظم الشمولية، مع فارق واحد، أن استمرار النضال الوطني الفلسطيني، وطبيعة المرحلة التحررية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، يقلل إلى درجة كبيرة من مخاطر تآكل حركة فتح إلى درجة النزول عن مسرح الصراع، ويمكن لهذا الهامش الواسع الذي تتيحه طبيعة الصراع أن يؤمن لحركة فتح القدرة على إعادة بناء نفسها، ضمن آليات جديدة للحكم والهيمنة، تحفظ لها القدرة على إعادة بناء ثقة قواعدها وجمهورها بها. فليس أمام حركة فتح، التي اندغمت سياسياً وتنظيمياً بالسلطة، سوى فك هذا الإدغام، الذي أكل من حضورها وجماهيريتها، وإعادة ترميم جسدها التنظيمي، دون إسقاط إمكانية التحول إلى حزب سياسي ببرنامج يؤمن لها تحالفات حقيقية مع قوى اجتماعية وسياسية تجد في صعود حماس البارز، خطراً سياسياً واجتماعيا على مكانها ومكانتها. ستشهد الساحة الفلسطينية، إذا ما تمت الانتخابات، اصطفافات من نوع جديد تتميز بانتهاء الأغلبية المطلقة لأي من مكونات الحركة السياسية الفلسطينية، ما يفتح الآفاق جديا على تحالفات وشراكة من نوع جديد لم تألفه الساحة الفلسطينية على مدار بضعة عقود، وستجد القوى الصغرى، التي تجاوزت نسبة الحسم، نفسها في موقع يحسم لصالح من ستؤول السلطة، وهذا بحد ذاته سينمي الحياة السياسية الداخلية وسيقعّد التحالفات المستقبلية على أسس سياسية واجتماعية أكثر وضوحا.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر