إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ليبرالي ولكن..

الاحد 22/1/2006
فؤاد ابو حجلة- الحياة الجديدة

يمكن لأي كائن يمتلك بعض العقل والقليل من الطيبة أن يكون ليبراليا، فالمسألة لا تحتاج إلى عبقرية أو دهاء، والموقف لا يكلف صاحبه شيئا، ولا يكسبه عداوة أحد، لأن الليبرالي يبقى محبوبا أو على الأقل غير مؤذ بالنسبة لليمينيين ولليساريين أيضا.
أتحدث بالطبع عن الليبراليين الأوروبيين الذين يشاركون في الحياة السياسية بنشاط من خلال أحزاب وأطر فاعلة ومؤثرة في المجتمع، وهم غالبا أشخاص طبيعيون غير مضطرين للارتزاق والتعاطي المشبوه في الشأن السياسي.
لكن الليبرالية في بلادنا، أعني الكيانات السياسية العربية، تشوهت مثلما تشوهت قبلها الماركسية والفكر القومي، ومثلما يتشوه الآن الاسلام السياسي، وهناك شواهد مقززة على هذه التشوهات التي تدفع الانسان العربي نحو المزيد من الحيرة والارتباك والضبابية عندما يرى شيوعيين يصفقون للاحتلال الأميركي في العراق، ويرى قوميين يدافعون عن واقع التقسيم والفرز الاقليمي ويتحدثون عن الأصول والمنابت، ويرى إسلاميين يفتون بتحريم الجهاد.
أسباب كثيرة تدفع الانسان العربي نحو الليبرالية التلقائية، وهي ليبرالية الموقف الذي يبدو حياديا في معظم الأحيان نتيجة لحالة الالتباس التي تهيمن على عقول الناس في التعامل مع القضايا الكبيرة. لكن الناس ليسوا ليبراليين، أو لنقل إنهم لا يرفعون يافطة الليبرالية ولا يتخذونها هوية ذهنية وسياسية، مثلما يفعل المثقفون والسياسيون من أبناء الموجة الجديدة في المنطقة العربية. لذا يبدو الفرق واضحا بين ما يطرحه الناس وما يطرحه المثقفون من شعارات ومواقف، وخصوصا فيما يتعلق بالموقف من المقاومة العراقية التي يراها الناس بطولة وكفاحا مجيدا ويراها الليبراليون ارهابا وتعبيرا ظلاميا، وكذلك الموقف من الأزمة السورية التي يعرف الناس أنها أزمة مصنوعة في واشنطن لتخريب الشام، ويراها الليبراليون نتيجة لممارسات النظام الحاكم، ومن يذهب إلى أبعد من ذلك فيقول إنها نتيجة رفض النظام الحاكم الانفتاح على واشنطن ودول مؤثرة في المنطقة، والمقصود هنا اسرائيل طبعا.
وإذا كان بين الليبراليين الجدد بعض الاسلاميين السابقين الذين ما زالوا يرتدون عباءة الوسط الاسلامي، فإن معظم أبناء هذا التيار الجديد هم من اليساريين السابقين الذين اكتشفوا بعد 11 أيلول نعمة التصافي والتصالح مع الولايات المتحدة ومع القيم الرأسمالية العريقة في الغرب فصاروا ينطقون باسم البرنامج الاميركي ويهتفون في الوقت نفسه للخبز وللحرية.
أحمد الله أنني اخترت منذ سنين طويلة الخط الوطني الذي أبعدني عن هذيانات اليمين واليسار العربي المشوه ومكنني من الحفاظ على فلسطينيتي غير المجروحة بشعار ليبرالي.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر