إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



تساؤلات حول الانتخابات الفلسطينية(1)

الثلاثاء 24/1/2006
لميس اندوني- "الغد" الاردنية

من حيث المبدأ فإن الانتخابات اي انتخابات تشريعية، هي جزء من عملية ديمقراطية تتيح للشعب ان يشارك في القرارات والتشريعات التي تحدد مصيره وحياته اليومية، ولكن في عهد الاستقرار الاميركي، فإن معظم العالم، بخاصة الدوائر الرسمية تنظر الى الانتخابات الفلسطينية وسيلة لانخراط القوى السياسية في عملية اوسلو.
المفارقة الصادقة بين مفهوم المشاركة الشعبية، واعطاء المواطن الفلسطيني القدرة على التأثير على مصيره، وطبيعة وواقع الاحتلال والاتفاقات المعبرة عن موازين القوى والاملاءات الاسرائيلية الاميركية تجعل من الانتخابات الفلسطينية حالة خاصة تخرج بين رغبة الشعب الفلسطيني بالامساك بزمام مصيره وبين واقع مفروض بقوة العسكر والنفوذ الاميركي لإعادة تشكيل الخارطة الفلسطينية بما يخدم الشروط الاسرائيلية التي تهدف وبصراحة الى ترسيخ السيادة الاسرائيلية على الارض الفلسطينية.
ليس هناك سبب للاحتفاء بدخول حماس والفصائل اليسارية الفلسطينية معترك التسوية غير الموجودة الا في تصريحات الرؤساء والمسؤولين من اميركيين وعرب وفلسطينيين لكن في الوقت نفسه من الممكن تفهم انخراط كل القوى في الانتخابات للتأثير على القرار الفلسطيني أملا في المشاركة في صنع استراتيجية فلسطينية.
لكن السؤال هنا: هل تستطيع القوى المعارضة التغيير من خلال الدخول في اللعبة التي تنتقدها وتعارضها؟
البرامج الانتخابية لأغلب القوى المعارضة لا تعبر عن تغيير جذري في رؤيتها للأهداف السياسية لعملية اوسلو. لكن في المقابل يبدو ان جميع القوى وصلت الى استنتاج مفاده أن عدم الدخول في المجلس التشريعي يترك المجال مفتوحاً لدائرة ضيقة في صنع القرارات الفلسطينية. هذا التفكير له منطقه، لكن هل تستطيع هذه القوى ان تتجنب الدخول في قفص الشروط الاسرائيلية كما حدث مع السلطة الفلسطينية؟
المشكلة هنا ان المجتمع الدولي (والعالم العربي) اصبح ايضاً في توجهه محدداً بشروط تسوية مبنية على القبول بإملاءات موازين القوى، فتقييم السلطة عربيا ودوليا يعتمد على"التزامها" بشروط اميركية واسرائيلية وكأن مصلحة الشعب الفلسطيني تقررها واشنطن وتل ابيب. فهذا المنطق المشوه هو السائد منذ اتفاقيات اوسلو وحتى قبلها.
لهذا اعتقد ان السؤال المطروح هو ماذا تريد القوى الفلسطينية من مثل هذا الانخراط؟
التطورات تشير إلى أن حركة "حماس" ببراغماتية مثيرة، تسعى الى تثبيت دورها كممثل رئيس للشعب، واذا كنت شخصياً احترم "حماس" المقاومة، ولا اتفق مع ايدولوجيتها، فإن كل تبريرات حماس للدخول في الانتخابات لا تفسر موقفها او بالاحرى رؤيتها المستقبلية.
لا اتفق مع النظرة التخوينية او الاتهامية المطلقة، فوضع الشعب الفلسطيني في الداخل صعب ومعقد، والمزايدات سهلة من اشخاص ومثقفين لا يخوضون غمار المعترك السياسي والحياتي اليومي الفلسطيني. لكن من حق الشعب الفلسطيني ان يشعر بوجود استراتيجية واضحة تتجاوز المكاسب السياسية الضيقة، عدا مخاطر ان يصبح هدف الفصائل المعارضة اثبات انها المفاوض الرئيس لكل من أميركا واسرائيل.
هناك جانب آخر من الضروري ان تقوم حركة حماس بتوضيحه؛ فوفقاً للتقارير الواردة، فإن قوائم حماس في بعض المناطق تركز على البعد الديني في محاولة لفرض طريقة حياة معينة على الفلسطينيين. فإذا ثبت ان هذا هو الاتجاه السائد فستدخل حماس في معارك تضر بالعمل الوطني الذي انطلق من بدايات لم تغلِّب المذهبية او الطائفية, عدا ان حماس اكتسبت شرعيتها من سجلها المقاوم.
للتذكير، ففي الانتخابات البلدية في بيت لحم ورام الله استطاعت حماس والجبهة الشعبية ان تحصدا اغلبية الاصوات, ثم اعطيا تأييدهما لمرشح مسيحي من اليسار لرئاسة البلدية، كما ايدا السيدة جانيت ميخائيل كرئيسة بلدية رام الله.
في المقابل فإنّ التأييد الكبير لحماس في الانتخابات، في رفيديا المسيحية بقرب نابلس، لم ينبع من اعتبارات مذهبية بل سياسية تعكس خيبة أمل من السلطة الفلسطينية.
القوى الاخرى تتوزع بين قوائم"مستقلة" وقوائم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية. فالجبهة الشعبية تشارك منفصلة عن بقية الفصائل اليسارية ببرنامج يرفض سياسة السلطة التفاوضية ورضوخها لكثير من المفاهيم المفروضة اسرائيلياً، وهناك"كتلة البديل" التي تمثل تحالفا بين حزب الشعب والجبهة الديمقراطية وحركة "فدا".
طبعاً المفاجأة كانت في قيام التحالف بين الديمقراطية وحركة فدا؛ اذ ان الثانية انشقت عن الجبهة الديمقراطية عام 1989 وانخرطت معظم قيادتها في السلطة، لكن في الاعوام الاخيرة قاد صالح رأفت اتجاها مغايراً لياسر عبد ربه، مقترباً اكثر من الجبهة الديمقراطية. فهذا التشكل السياسي الذي يقوده قيس عبد الكريم"ابو ليلى" يواجه ايضاً الاسئلة نفسها بإمكانية "كسر قيود اوسلو" من داخل النظام الفلسطيني المبني اصلاً على هذه الاتفاقيات.
lamis.andoni@alghad.jo

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر