يبدو أن السيد زكي بني رشيد هو مرشح الإخوان المسلمين لتولي منصب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، ولم يتسرب خبر الترشيح للصحافة كما هي العادة لسبب بسيط، وهو أن"تيار حماس" في الحركة الإسلامية الذي دأب بعض أفراده على التسريب واستخدام الصحافة لأغراض تنظيمية ليس له مصلحة هذه المرة في التسريب، بل العكس فإن بقاء الأمر سرا ومفاجأة يضمن نجاحه.
وكان زكي بني رشيد قد منع من الترشح لانتخابات مجلس شورى الإخوان المسلمين عام 2002؛ لما أثير حينها حول صلاته بحركة حماس. وكان ثمة قرار تنظيمي إخواني يمنع العاملين في حركة حماس من إشغال مواقع قيادية في الإخوان والجبهة، وقيل إنه كان سيرشح لموقع المراقب العام للإخوان المسلمين لو نجح في الانتخابات حينها.
ربما يكون زكي بني رشيد مؤهلا لتولي أي موقع في الحركة الإسلامية ومن حقه ذلك أيضا، فهو من الإخوان المسلمين القدامى، وكان عضوا في مجلس شورى الإخوان عام 1990، ولكن هذا الترشيح سيكون مشوبا بكثير من الأسئلة ويفتح المجال للاستنتاج والتحليل حول مصير الحركة الإسلامية ومخاوف تحولها إلى ظل وامتداد لحركة حماس وأن تتكرر في الحركة الإسلامية تجربة الأحزاب والمنظمات الفلسطينية والتي أدت بالتالي إلى تفسخ الحركات نفسها والإضرار بالحركة الوطنية والعمل العام في الأردن وفلسطين أيضا.
وقد دأبت الحركة الإسلامية على إجراء انتخابات شاملة ودورية منذ تأسيسها، وبدأت هذه العملية منذ عام 1978 يرافقها إعداد أفكار وتوجهات وسياسات عامة يقدمها المكتب التنفيذي بعد انتخابه ويتقدم بها إلى مجلس الشورى لإقرارها، ويفترض أن تكون هذه الخطة العامة دليلا للسياسات والعمل لمدة أربع سنوات هي عمر المجلس المنتخب، ولم تكن هذه الانتخابات والخطط العامة تحكم بدقة العمل والبرامج والخطط التفصيلية، ولكنها كانت تعكس بأمانة على نحو عام التحولات التنظيمية والفكرية للحركة الإسلامية في الأردن.
وبدا واضحا منذ عام 2002 عندما أجريت الانتخابات التنظيمية للإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي صعود تيار قوي ومؤثر في الحركة الإسلامية قائم على امتدادات وتأثير حركة حماس في الأردن، والواقع أن تيار"حماس"، إن صحت التسمية، بعدما نجح في السيطرة على حركة حماس نفسها نجح أيضا في التأثير الكبير على جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، بل وكان له دور كبير وواضح في الانتخابات النيابية التي جرت عام 2003. ولم يقف هذا الدور عند الترشيح وإفشال مرشح للإخوان وإنجاح آخر، بل تعدى ذلك إلى مظنة ترشيح للانتخابات النيابية ليس لهدف سوى إفشال مرشح آخر للإخوان، وظهر هذا التيار بوضوح في الانتخابات التنظيمية وفي النيابية أيضا، ويبدو أنه يمتد إلى المؤسسات الإسلامية والنقابات المهنية، ومواقف وبرامج الحركة الإسلامية بعامة.
المشكلة تبدو بلا حل ولا أفق طالما أن الحركة الإسلامية تسلك في مغامرات سياسية وتنظيمية، لكن وفق قواعد ديمقراطية داخلية وأن هذه التوجهات خاضعة لقرار وتصويت الأكثرية. فقد بدأت توجهات الحركة الإسلامية تصوغها مجموعة جديدة وطارئة ولكنها متنامية ومؤثرة بفعل صعود حركة حماس وهجرة مجموعة كبيرة من كوادرها من الكويت، والذين لم يندمجوا في هموم وبرامج الحركة الإسلامية ولا البيئة المحيطة بعملها.
هناك تساؤلات مشروعة اليوم فيما إذا كانت تيارات في جماعة الإخوان تعبر عن أولويات وبرامج وطنية وإصلاحية وعن هموم المجتمعات وطبقاتها الوسطى والفقيرة أم رؤى ومصالح أخرى؟!
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo