إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



حماس والأسئلة الجديدة

الخميس 26/1/2006
محمد ابو رمان- "الغد" الاردنية

الانتخابات التشريعية وما بعدها تمثل اختبارا حقيقيا لحركة حماس، هو الأصعب – سياسيا- منذ تأسيسها وانطلاقها من رحم جماعة الإخوان المسلمين عام 1987. بالتأكيد هناك مراحل اختبار صعبة وقاسية مرت بها الحركة سابقا أثرت على نشاطها وعملها ومثّلت تحديات حقيقية لها. ففي عام 1993 تعرّضت حماس لاختبار كبير عندما وقّعت منظمة التحرير على أوسلو، وتعرّضت الحركة، بعد ذلك، لضغوط أمنية وسياسية عنيفة، وإلى اعتقالات ومحاولات تفكيك بنيوية لخلاياها المسلحة من قبل القيادات الأمنية في السلطة. كما أدت عودة اليمين المتطرف الإسرائيلي إلى الحكم عام 2000 إلى ضربات أمنية وسياسية كبيرة للحركة، واغتيال قياداتها التاريخية (أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي 2004)، الأمر الذي مثل ضربة معنوية كبيرة لأفراد حماس وأنصارها في الداخل والخارج. إلا أن حماس، على الرغم من الظروف الحرجة التي مرت بها، تمكنت من الاستمرار في الساحة كأحد الأرقام الصعبة، التي لا يمكن تجاوزها حتى عند الحديث في التسوية النهائية.
وبقيت الحركة، خلال السنوات السابقة، متماسكة فكريا وتنظيميا، تتمتع بوحدة داخلية وقدرة على احتواء كل الخلافات الداخلية والحيلولة دون تأثيرها على مسار الحركة وعلى احتفاظها بميثاقها الأساسي، والإصرار على نهج المقاومة المسلحة. لكن، مع العام المنصرم، بدت علامات تحول استراتيجي في خطاب الحركة وممارستها السياسية، وظهرت تجليات ذلك بوضوح بمشاركة الحركة في الانتخابات البلدية وتحقيقها انتصارا كبيرا، وإعلانها عن عزمها على المساهمة الحقيقية في إعادة تشكيل المؤسسات السياسية الفلسطينية، وفي مقدمتها المجلس التشريعي، في حين بقي الجدل مفتوحا بإمكانية مشاركة الحركة في الحكومة الفلسطينية القادمة.
التوجهات الجديدة تطرح أسئلة حيوية على مستقبل الحركة وتصوراتها السياسية. فالخطاب السياسي الرسمي لحماس لا يزال، إلى اليوم، مصرا على عدم وجود تحول بنيوي معتبرا أن دخول حماس في المؤسسات السياسية الفلسطينية لا يعد قبولا باتفاق أوسلو أو تخليا عن ميثاقها الأساسي. وللتأكيد على ذلك حاولت الحركة أن تطرح برنامجا يوحي بأن الدخول في العملية السياسية يأتي في سياق تعزيز برنامج المقاومة وتجذير الوحدة الداخلية الفلسطينية من دون التنازل عن المقاومة المسلحة. وعوضا عن رفض العملية السياسية برمتها استوحى قادة حماس نموذج حزب الله، باعتماد ما سمي خيار "الطريق المزدوج" (المشاركة السياسية والمقاومة المسلحة في آن معا). وهي الرؤية المعتمدة إلى الآن لدى الحركة.
خيار "الطريق المزدوج" لم يقبل به كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية فضلا عن إسرائيل. وعلى الرغم من تسرب تقارير إعلامية مؤخرا عن مفاوضات بين الأوروبيين وحماس، إلاّ أنّ هناك شرطا غربيا صارما على قبول حماس كطرف سياسي، يتمثل بالتخلي عن السلاح والاعتراف بوجود إسرائيل، وهو الشرط الذي لا تزال حماس ترفضه بشدة.
المشكلة الحقيقية التي ستواجه الحركة تكمن في مرحلة "ما بعد الانتخابات التشريعية"، وحصول الحركة، كما هو متوقع، على نسبة جيدة من مقاعد المجلس التشريعي، وانخراطها في إدارة المؤسسات السياسية والمحلية في الداخل، وبروز قيادة داخلية قوية، تفكر في قضايا ذات طبيعة مختلفة عن المرحلة السابقة، وفي مقدمتها المشاركة في تحمل المسؤولية والسلطة واستحقاقاتها مع إسرائيل والدول الغربية. أهم المخرجات المترتبة على ذلك احتمال نشوء حالة أقرب إلى "ازدواجية القيادة" واختلاف الرؤية والأولويات، بين المكتب السياسي في الخارج الذي يسيطر على الثقل السياسي في الفترة الأخيرة، بعد غياب أحمد ياسين والرنتيسي، وبين القيادة الداخلية الجديدة المنخرطة في العملية السياسية واستحقاقاتها.
أحد أهم الملفات التي ستتعامل معها الحركة في المرحلة القادمة هي معادلة التحالف الحالي مع خط (ايران- سورية- حزب الله) من جهة والعلاقة مع مصر ودول الخليج العربي وديناميكيات المشاركة في العملية السياسية من جهة أخرى. ومن الواضح أن هناك تضاربا وارتباكا كبيرا في التصريحات الصادرة عن قادة حماس ومسؤوليها، في الأيام الأخيرة، حول التعامل مع الملفات الشائكة؛ ففي الوقت الذي يتمسك فيه المكتب السياسي وتيار داخلي برؤية الطريق المزدوج، بدأت تصدر أصوات متعددة، كتصريحات محمد أبو طير، أحد أبرز مرشحي حماس في الانتخابات التشريعية، لا تستبعد خيار التفاوض مع إسرائيل، والقبول بأراضي عام 67.
في المحصلة؛ تمر حماس اليوم بامتحان جديد، يتضمن أسئلة ذات صيغة مختلفة عن المرحلة السابقة أبرزها سؤال القيادة واستحقاق السلطة والتوجهات السياسية والوحدة التنظيمية.
m.aburumman@alghad.jo

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر