الأطفال يرفعون البطاقة الحمراء ضد الإستغلالالجمعة 27/1/2006 جهاد عقل- الاتحاد الحيفاوية
يتعرض الأطفال في عالمنا المعولم، الى الإستغلال الفظيع، حيث يجري إستغلالهم في سوق العمل بشكل بشع، بدلاً من جلوسهم على مقاعد الدراسة للنهل من ينابيع العلم والمعرفة. سوق العمل العالمي وبشكل خاص الشركات العابرة للحدود أو العولمية يقوم بإستغلال أكثر من 250 مليون طفل في سوق العمل، اذا كان ذلك في صناعة النسيج، او السجاد أو الأحذية في دول آسيا، او قطف ثمار الكاكاو والعمل في مزارع الموز وغيرها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وحتى العمل في الخدمات بما في ذلك الخدمة في بيوت الأغنياء. بل هناك شريحة واسعة من هؤلاء الأطفال يجري إستخدامهم- إذا صح التعبير- في سوق الدعارة والجنس مثلما يحدث في شرق اوروبا، وذنبهم الوحيد أنهم ينتمون الى عائلات فقيرة تعاني من الجوع والفاقة فتضطر الى "بيعهم" في أسواق العمل هذه على مختلف أنواعها. هذا الوضع المؤلم والذي تنامى وتفاقم في العقدين الأخيرين في أسواق العمل العالمية، وفي ظل إنتشار وسيطرة العولمة "الغير سعيدة" على شراييين الإقتصاد العالمي، لدرجة أن الأمر لم يعد يُحتمل بتاتاً. مما أدى الى إستنهاض أصحاب الضمائر الحرة، والمنظمات المختلفة للقيام بحملات عالمية تدعو الى وقف هذا الإستغلال البشع لأطفال لم يقترفوا أي ذنب سوى كونهم فقراء... "لم يكن امامي سبيل سوى بيع طفلي الى مقاول جمع محصول الكاكاو من أجل توفير لقمة العيش لأخوته الآخرين.." هذا ما قاله احد الآباء من نيجيريا عندما أُعيد له طفله من إحدى مزارع الكاكاو في بنين.. حيث كان يجري إستغلاله ليل نهار في جمع محاصيل الكاكاو لصالح مقاول يعمل لشركة عالمية تنتج الشيكولاطة... هذه حالة من مئات ملايين الحالات التي يجري فيها إستغلال الأطفال في أسواق العمل... وهناك حالات أكثر بشاعة... منها تكبيل الطفال الذين يعملون في صناعة السجاد في سلاسل مع النول الذي يعملون عليه..
البطاقة الحمراء
على ضوء هذا الوضع التعيس قررت منظمة العمل الدولية القيام بحملات إحتجاج وتوعية في مختلف أنحاء العالم بالتعاون مع الإتحادات النقابية والحكومات والهيئات الإنسانية الفاعلة في قضايا حقوق الأطفال... ومن هذه الحملات التي تلقى النجاح والإهتمام، حملة "البطاقة الحمراء" التي بادر إليها فرع منظمة العمل الدولية الناشط في العاصمة المصرية القاهرة، الذي تأسس العام 1959. حملة "البطاقة الحمراء" هذه إنطلقت خلال الدورة الرابعة والعشرين لبطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم بالتعاون مع إتحاد كرة القدم العالمي والإتحاد الإفريقي لكرة القدم.. وخلال ألعاب البطولة لكأس كرة القدم قامت منظمة العمل الدولية والنقابات ووسائل الإعلام واتحادات كرة القدم بتوزيع المواد الإعلامية الداعية الى وقف الإستغلال للأطفال.. والمطالبة بوقف تشغيلهم... وقد لقيت هذه الحملة عام 2002 التأييد والدعم وكان لها أثر كبير على مختلف الهيئات الحكومية والشعبية في أفريقيا خاصة والعالم عامة... ووضعت إشكالية تشغيل الأطفال على جدول الإعمال اليومي.
كأس الأمم الإفريقية في القاهرة
قبل إنطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية الخامسة والعشرين لكرة القدم في 20 كانون ثاني الحالي (2006) والتي تستمر حتى العاشر من شهر شباط القادم، قامت منظمة العمل الدولية بفرعها الرئيسي في القاهرة وإتحاد كرة الدم العالمي والإفريقي والمجلس الوطني للطفولة والأمومة في مصر، بوضع برامج حملة "البطاقة الحمراء" ضد تشغيل الأطفال ومن أجل إعادتهم الى المقاعد الدراسية ضمن شعار "الأطفال للتعليم... الآباء للعمل.." وقال خوان سوموفيا الأمين العام لمنظمة العمل الدولية عند إفتتاح الحملة عشية إنطلاق البطولة في القاهرة أن الحملة تلقى الإهتمام الكبير خاصة في ظل البطولة التي تستقطب إهتمام الجيل الشاب ووسائل الإعلام، مما يؤدي الى إيصال مطالبنا الى مئات الملايين من المواطنين في افريقيا وغيرها من دول العالم. وأكد أن سوزان مبارك ترعى هذه الحملة أيضاً. وأكد سوموفيا أن منظمة العمل الدولية قامت بالتعاقد مع الإتحاد العالمي لكرة القدم الذي يمثل أكثر من 250 مليون مؤسسة ونادٍ لكرة القدم في العالم، وبذلك تتسع دائرة التوعية للهدف الذي تقوم به المنظمة وهو وقف عمالة الأطفال في العالم. وتشمل حملة "البطاقة الحمراء" هذه بطاقات باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية كتب عليها "بطاقة حمراء ضد عمل الأطفال" ورفعت لافتات في الملاعب بمختلف اللغات وبالونات ولوحات الكترونية... وتفتتح المباريات بإطلاق شعارات بهذا الخصوص، كما وتم توزيع قمصان كتب عليها نفس الشعار وقبعات وأشرطة توضع على اليد باللون الأ حمر وتحمل نفس الشعار، والقيام بعقد الندوات بخصوص عملية الإستغلال التي يتعرض لها الأطفال في سوق العمل، ورفعت صور لشخصيات تشارك في الحملة وهي ترفع في يدها البطاقة الحمراء باللغات الثلاث مع الشعار المذكور. هذه الحملة هامة جداً خاصة في منطقتنا العربية وفي القارة الإفريقية التي يعاني أطفالها- أطفالنا، من ظاهرة التشغيل والإستغلال بدلاً من الجلوس على مقاعد الدراسة، ومن خلال الحملة يجري التعريف بحقيقة الممارسات القمعية التي يتعرض لها الأطفال ضمن ما يعرف في قاموس العمل ب"عمالة الأطفال". أننا نعتقد ان هناك اهمية في مواصلة هذه الحملة من قبل الإتحادات العُمالية في الشرق الأوسط وأفريقيا ومن قبل منظمة العمل العربية التي تحتفل بذكرى تاسيسها هذه الأيام، كي يبقى صوت الإحتجاج والتوعية مرفوعاً من أجل القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال في منطقتنا خاصة وفي العالم عامة، ومن أجل عودتهم الى مقاعد الدراسة كي يعيشوا طفولتهم وينعموا بها أيضاً. ولنرفع جميعاً البطاقة الحمراء في وجه كافة الرأسماليين الذين لا يتورعوا عن القيام بإستغلال أطفال العالم الجياع هم وعائلاتهم... بل علينا مقاطعة كافة المنتوجات التي ينتجها هؤلاء الإستغلاليين بعرق ودماء أطفال أبرياء.
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|