إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



قراءة مرحلية لاستطلاعات الرأي

الحملة الانتخابية الاسرائيلية تنتقل الى مرحلة البرود

الثلاثاء 20/2/2006
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

*سلسلة من استطلاعات الرأي تتحدث عن تراجع نسبة التصويت المحتملة *توقف الاندفاع نحو "كديما" الذي أظهرت الاستطلاعات تراجعه الى مرحلة شارون *مسألة صدارة "كديما" باتت شبه محسومة والسؤال بأي حجم*

بدأت الحملة الانتخابية في اسرائيل تتراجع الى معدلاتها الطبيعية، بعد ان دلّت استطلاعات سابقة على انها ستكون واحدة من اشد الحملات الانتخابية التي شهدتها اسرائيل في سنواتها الثماني والخمسين، وفي 17 حملة انتخابية سابقة، ففي ان معدل نسبة التصويت العام في الانتخابات البرلمانية في اسرائيل هو في حدود 76% او اكثر بقليل، فقد جرى الحديث عن نسبة اكثر من 80% في هذه الانتخابات، كما كانت الاندفاعة نحو الأحزاب، وبشكل خاص نحو حزب "كديما"، وسبقه لبضعة اسابيع قليلة حزب "العمل" في اعقاب انتخاب الرئيس السابق اتحاد النقابات "الهستدروت"، عمير بيرتس رئيسا للحزب.

نسبة المقترعين

وكان استطلاع للرأي حول نسبة الذين سيقترعون يوم الانتخابات، قد ظهر في الاسبوع الماضي في القناة الأولى للتلفزيون الاسرائيلي أشار الى ان نسبة المقترعين المتوقعة ستهبط الى حدود 75%، إن لم يكن اقل، بعد ان أشارت استطلاعات سابقة الى ان نسبة التصويت ستكون في حدود 80%، وطبعا فإن نسب التصويت متفاوتة في القطاعات المختلفة، فأعلى النسب على الاطلاق نجدها في قطاعي المتدينين الاصوليين، "الحريديم"، حيث تصل نسبة التصويت الى حوالي 90%، ونسبة مماثلة نشهدها في مستوطنات الضفة الغربية، أما أضعف نسب التصويت فنشهدها في مدينة تل ابيب لاسباب عدة.
أما بين العرب فقد دلت سلسلة من استطلاعات الرأي التي جرت بين العرب الى ان 64% اعلنوا عزمهم المشاركة في الانتخابات فيما قال 15% انهم لم يقرروا بعد، وتراوحت نسب رفض المشاركة كليا ما بين 22% الى 28% في بعض الاستطلاعات، وعمليا فإن احتمال ارتفاع نسبة التصويت بين العرب مقارنة بالانتخابات الماضية فهي واردة، فقد بلغت نسبة التصويت بين العرب في العام 2003 في حدود 63%، وبين اليهود في حدود 71% الى 72% لتكون النسبة العامة 69%.
وغالبا ما تتأثر نسبة التصويت بين العرب بنسبة التصويت العامة، إلا ان هناك فجوة دائمة بين اليهود والعرب، إذ يكون اقبال اليهود اعلى من العرب على الانتخابات البرلمانية، وتعمل القوائم الناشطة بين العرب في اسرائيل على رفع نسبة التصويت بين العرب في هذا العام.
ومسألة نسبة التصويت في هذا العام سيكون لها اثر كبير على شكل الخارطة السياسية بتفاصيلها الدقيقة في هذا العام بعد رفع نسبة الحسم من 1,5% الى 2% وكلما ارتفعت نسبة التصويت فإن كمية اصوات نسبة الحسم سترتفع وستضع القوائم الصغيرة في خطر السقوط، وفي هذا المجال تتأثر القوائم الناشطة بين العرب، وايضا قوائم أخرى غالبا ما لامست نسبة الحسم مثل احزاب البيئة وما شابه.
ويبلغ عدد ذوي حق الاقتراع في هذا العام 5,1 مليون شخص، وجرى الحديث بداية عن ان نسبة الحسم قد تحتاج الى 80 ألف صوت، ولكن في الاسبوع الماضي بدأ الحديث عن اكثر بقليل من 70 ألف صوت.

بريق كديما بدأ يخفت

عادة تتأثر استطلاعات الرأي بسرعة بأي خطوة سياسية معينة داخلية ام خارجية، إلا ان الاسبوع الماضي لم يحمل أي "مفاجأة" سياسية، او تحرك سياسي غير طبيعي، ورغم ذلك فإن استطلاعات الرأي أجمعت في الاسبوع الماضي على
ان تراجعا معينا طرأ على قوة حزب كديما في استطلاعات الرأي ووصل التراجع من 10% الى 15%، ولأول مرة منذ سبعة اسابيع هبط حزب "كديما"، عن مستوى 40 مقعدا، من اصل 120 مقعدا في الكنيست، وكان استطلاعات الرأي منحته في الاسابيع الاخيرة من بين 42 الى 44 مقعدا.
فقد دلّ استطلاع الاذاعة الاسرائيلية الاخبارية على ان "كديما" سيحصل على 38 مقعدا، وقال استطلاع صحيفة "معاريف" ان الحزب نفسه سيحصل على 39 مقعدا، ومنح استطلاع صحيفة "هآرتس" كديما 40 مقعدا، أما استطلاع يديعوت احرنوت فقد منح كديما 41 مقعدا (بهبوط ثلاثة مقاعد)، وأكدت جميع معاهد استطلاعات الرأي التي شاركت في هذه الاستطلاعات، انه على الرغم من الاختلاف في النتائج إلا ان "كديما" تراجعت في الاسبوعين الاخيرين.
وعمليا فإن "كديما" بدأ يتراجع الى الحجم الذي كان عليه حتى قبل اسبوعين من سقوط مؤسسه رئيس الحكومة اريئيل شارون على فراش المرض، ولا نعلم ما هي المفاجآت التي ستحملها الاسابيع الخمس المتبقية للانتخابات لنعكس على النتيجة النهائية.
ولكن المشهد الماثل امامنا هو ليس مجرد زحزحة مقاعد هنا وهناك، فوزن الحزب الذي سيشكل الحكومة القادمة سيحدد ايضا سياسته المقبلة، بمدى حاجته الى احزاب أخرى لتشكيل ائتلاف حكومي ثابت يسيطر على اكثر من 70 مقعدا، فكلما كثرت الاحزاب التي ستشكل الائتلاف الحكومي، وتتنوع اختلافاتها السياسية فهذا سينعكس مباشرة على ثبات الائتلاف.
وحتى قبل اسبوعين تنبأت استطلاعات الرأي حصول "كديما" على ما بين 42 مقعدا الى 44 مقعدا، مقابل حوالي 20 مقعدا للشريك الاقوى لكديما، حزب "العمل"، وكلاهما يظهر وكأنها يشكلان اغلبية من دون حاجة لحزب ثالث، مما يعزز مكانة "كديما" في مفاوضتها لاحزاب أخرى وعلى رأسها الليكود، ولكن تراجع كديما أعاد المشهد السابق الذي دلّ على ان هذا الحزب بحاجة في المرحلة الأولى لحزبين لتشكيل اغلبية اولى.
إلا أن الملفت للنظر ان تراجع "كديما في استطلاعات الرأي لم يكن لصالح الحزبين المنافسين "العمل" الذي بقي في حدود 19 الى 21 مقعدا، و"الليكود" الذي بقي في قاع 13 الى 15 مقعدا، وقد ذهبت المقاعد للقوائم الصغيرة، فلا شك ان "العمل" و"الليكود" استرجعا قسطا من اصوات "كديما" ولكنهما بنفس الوقت خسرا من الاصوات الجديدة التي عادت الى الأحزاب الصغيرة، فمثلا القوائم الثلاث الناشطة بين العرب، التي كانت تتنبأ لها استطلاعات الرأي ثماني مقاعد مجتمعة، فإن غالبية استطلاعات الرأي منحتها عشرة مقاعد، بمعنى ارتفاعا بنسبة 25% لقوتها، وهذا يعني انحسار قوة الأحزاب الصهيونية في الشارع العربي.
كذلك فإن احزاب اليمين الأخرى زادت قوتها مقارنة مع الاسابيع الماضية بثلاث وحتى اربع مقاعد.
ولكن بالمجمل العام فإن الصورة بدأت تتضح أكثر وهي ان حزب "كديما" سيحافظ على الصدارة حتى الانتخابات، قوته الحالية هي اكثر من قوة "العمل" و"الليكود" مجتمعين، وهذه المعادلة قد تتغير قليلا ولكن تفوق "كديما" يبقى شبه مضمون، كما تظهر الصورة المرحلية.

انحسار قوة اليمين المتطرف والليكود

من المؤشرات الهامة التي نجدها في مختلف استطلاعات الرأي هو انحسار قوة اليميني المتطرف المعدوم من حزب الليكود، فالى جانب الليكود تخوض الانتخابات، بالأساس، قائمتان لها فرص اجتياز نسبة الحسم، وهما يسرائيل بيتينو التي يقودها المتطرف افيغدور ليبرمان، والثانية "هئيحود هليئومي" التي تضم حزب موليديت الذي يدعو للترانسفير (الطرد الجماعي) للعرب، وحزب "المفدال" الديني الصهيوني، والطرف الثالث في القائمة هم الذين انشقوا عن المفدال حتى قبل عام.
وقد اعطت استطلاعات الرأي لهذه القوائم الثلاثة في حدود 30 مقعدا، بحيث حصة الليكود ما بين 13 الى 15 مقعدا، وفي المرتبة الثانية قائمة هئيحود هليئومي الذي سيحصل على ما بين 8 الى 10 مقاعد، ويسرائيل بيتينو حوالي 7 مقاعد.
وبطبيعة الحال فإن للتوجهات المتطرفة هناك تأييد في كتل أخرى مثل "كديما" نفسها التي ضمت في صفوفها عددا من الشخصيات اليمينية البارزة من امثال شاؤول موفاز وتساحي هنغبي ورئيس الشاباك السابق آفي ديختر وغدعون عيزرا، كما هناك من قادة المستوطنين السابقين في هذه القائمة، كذلك هناك في حزب "شاس" بعض النواب الذين يميلون لليمين، ولكن "شاس" عادة تتأقلم سياسيا مع الحزب الذي يقود الحكومة في حال مشاركتها في الائتلاف الحكومي وحصلت على كافة متطلباتها الذاتية من تمويل.
ورغم ذلك فإن هناك انحسارا ملحوظا لقوة اليمين المتطرف مقارنة مع الكنيست السابقة التي كان فيها تكتلا يمينيا متطرفا يصل في بعض الاحيان من 45 نائبا الى 50 نائبا، ولكن هذا الانحسار جاء لمصلحة القوى التي تعتبر نفسها في مركز الخارطة السياسية، رغم ان هوية هذا المركز ليست واضحة كليا، ولم يستفد اليسار الصهيوني المتمثل بحزبي "العمل" و"ميرتس" من هذا الانحسار لا بل انه في حين كانت قوتهما مجتمعة في الدورة المنتهية في 27 مقعدا، فإنه في استطلاعات الرأي هناك تراجع بمقعد او مقعدين، كما يظهر حتى الآن.

تشكيك في استطلاعات الرأي

تحولت استطلاعات الرأي في اسرائيل الى سوق لم يسبق له مثيل في أي من الجولات الانتخابية السابقة، وعلى ما يبدو فإننا لم نصل الى الذروة في هذا المجال، والتنافس يظهر جليا بين وسائل الاعلام، فقد كانت نتائج استطلاعات الرأي تقليديا في اسرائيل تظهر يوم الجمعة، بعد ان تجري يومي الأربعاء والخميس في نهاية اسبوع تحركات سياسية، أما اليوم فإن السباق لم يعد يحدد يوما لظهور هذه الاستطلاعات.
وأمام هذا الزخم في استطلاعات الرأي فقد ظهر تقرير في القناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي يكشف من خلال كاميرات سرية ان بعض معاهد استطلاعات الرأي تزور في نتائج الاستطلاعات، بعد ان تبين ان الموظفين الذين يوجهون استطلاعات الرأي يكتبون الأجوبة بانفسهم من دون توجيه الاسئلة كلها لمن يتم سؤاله، وحسب التقرير فإن خللا واضحا برز في اكبر معاهد استطلاعات الرأي في اسرائيل "داحف" الذي تعمل فيه أشهر معدة استطلاعات رأي في اسرائيل، مينا تسيمح، فقد تبين هناك ان الفوضى عارمة، ويعمل الموظفون من دون رقابة، الى درجة التلاعب بالنتائج، والأمر نفسه في معهد "بانوراما شفاكيم" الذي يجري استطلاعات رأي للقناة الثانية للاذاعة الاسرائيلية، وتبين ان كل شخص بامكانه ان يعمل في هذه المعاهد، الى درجة ان بعض الاحزاب الكبيرة بامكانها الزج بموظفين تابعين لها من دون الكشف عن هويتهم السياسية، وهذا كله ينعكس على نتائج استطلاعات الرأي.
يشار الى ان استطلاعات الرأي قبل اقل من ستة اشهر فشلت مرتين في ما يتعلق بنتائج انتخابات داخلية في الليكود، وايضا في الانتخابات لزعامة حزب "العمل"، وقبل ذلك لم تتنبأ بشكل دقيق لنتائج الانتخابات البرلمانية السابقة، ولكن مهما اخطأت استطلاعات الرأي، فليس من المؤكد ان هامش الخطأ قد يصل الى حد الانقلاب في النتيجة العامة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر