إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



فلسطينيو 48: في قاع الفقر وعلى رأس البطالة

الاثنين 27/3/2006
برهوم جرايسي- الغد الاردنية

يعيش في اسرائيل حاليا حوالي 1,17 مليون فلسطيني، الذين اصطلح على تسميتهم فلسطينيو 48، من اصل 6,7 مليون نسمة في اسرائيل، أي أن نسبة العرب أقل من 18%، إلا ان احصائيات اسرائيل تتحدث عن ارقام مختلفة، فهي تضم لعدد العرب حوالي 240 الف فلسطيني من فلسطينيي القدس المحتلة، وحوالي 18 الف سوري في هضبة الجولان السورية المحتلة، بفعل قانون الضم الاحتلالي لمدينة القدس والهضبة السورية.
ويعيش أكثر من نصف الفلسطينيين في منطقة الجليل شمالا، من مدينة الناصرة اكبر المدن وحتى الحدود اللبنانية والسورية، بينما يعيش النصف الآخر ابتداء من منطقة المثلث المحاذية لشمال الضفة الغربية ووسطها وحتى صحراء النقب، ويعيش في مدن الساحل من عكا وحيفا ويافا واللد والرملة اكثر من مئة ألف فلسطيني.
ويعاني الفلسطينيون منذ 58 عاما من سياسة تمييز عنصري رسمية معززة بقوانين اسرائيلية انعكست على تفاصيل حياتهم اليومية، اعترف بها التقرير الدوري الذي صدر عن وزارة الخارجية الامريكية في شهر آذار (مارس) الحالي، ولكن دون أي ادانة لاسرائيل.
وبدأ ذلك من الأرض ففي حين كان يملك الفلسطينيون كملكية خاصة قرابة 80% من اراضي فلسطين، فإنهم اليوم يملكون لا اكثر من 2,5% من الاراضي، ويعيش الفلسطينيون في حوالي 80 مدينة وقرية عربية، وهناك 45 قرية عربية ترفض السلطات الاسرائيلية الاعتراف بها تمهيدا لاقتلاع اهاليها من اراضيهم ومصادرتها، وهذه القضية تستفحل بشكل خاص في صحراء النقب حيث يعيش 80 ألف فلسطيني في مثل هذه القرى، المحرومة من جميع مقومات الحياة الطبيعية من بنى تحتية وشبكات مواصلات ومرافق عامة مثل الصحة والتعليم وغيرها.
ومن ابرز معالم البؤس هي نسب الفقر العالية بين فلسطينيي 48، وذلك اعتمادا على تقارير رسمية وشبه رسمية، تصدر تباعا في اسرائيل، ففي ان نسبة الفقر في اسرائيل بشكل عام في حدود 22%، فإنها بين فلسطينيي 48 لوحدهم تصل الى 51%.
وفي حين نسبة الاطفال الفقراء في اسرائيل عامة تبلغ 33%، فإنها بين الاطفال الفلسطينيين لوحدهم تصل الى 60%، وهم يشكلون نصف الاطفال الفقراء في اسرائيل، وتستفحل هذه المعطيات في صحراء النقب حين نقرأ ان 80% من الاطفال في تلك المنطقة هم فقراء.
ويتقاضى العرب في اسرائيل ادنى الرواتب بشكل عام، فقد دلّ آخر تقرير لمركز "أدفا" الذي يعنى بالقضايا الاجتماعية، وتم فيه تدريج 210 بلدات في اسرائيل، على أنه من المرتبة الاولى الدنيا وحتى المرتبة 102 هناك 76 بلدية عربية اولى، في حين ان البلدات العربية "تسيطر" على ادنى 56 مرتبة من حيث المداخيل للفرد الواحد وتصل الفجوة بين ادنى مرتبة 0عرب) واعلى مرتبة (يهود) الى 11 ضعفا.
وهذا ايضا نراه من مستويات البطالة، ففي حين تزعم اسرائيل ان نسبة البطالة العامة فيها حتى نهاية العام 2005 كانت 8,8%، فإنها بين اليهود في حدود 7%، وبين العرب ترتفع الى 13% وحتى 15% في بعض الاماكن، وتصدر وزارة العمل الاسرائيلية شهريا قائمة بالبلدات التي تعتبرها منكوبة بالبطالة، وهي كل بلدة فيها نسبة البطالة 10% وما فوق، وأشارت جميع التقارير الصادر في الاعوام الخمسةالأخيرة على الاقل الى ان هذه القائمة تشمل شهريا من 24 الى 30 بلدة جميعها عربية، وفي بعض الاحيان تظهر بلدة يهودية او اثنتين، سرعان ما تتلقى المعالجة اللازمة من السلطات لتختفي من جدول نكبة البطالة في الشهر التالي.
ويعود ارتفاع نسبة البطالة الى عدة اسباب، ابرزها ان البلدات العربية تفتقر لمناطق صناعية ومصانع كبيرة كانعكاس لسياسة التمييز العنصري، ولهذا فإن 70% من القوى العاملة العربية تضطر يوميا لمغادرة بلداتها للتوجه للعمل في اماكن أخرى، بطبيعة الحال بلدات ومناطق يهودية، ويصل بعد المسافة في الكثير من الاحيان الى عشرات وحتى مئات الكيلومترات، فمثلا هناك آلاف العمال الفلسطينيين من الشمال يعملون في مناطق الجنوب الحارة.
كذلك فإن اسرائيل عملت على استقدام العمال الاجانب، بداية ليحلوا مكان فلسطينيي الضفة الغربية والقطاع، ولكن مع انتشار ظاهرة رواتب الذل والجوع لهؤلاء العمال، فقد اصبحوا يحتلون اماكن عمال فلسطينيي 48 وحتى العمال اليهود، وتعلن اسرائيل انها بدأت في العامين الأخيرين في تقليص عدد العمال الاجانب الذين يقدر عدد المرخصين منهم وغير المرخصين في حدود مئتين الف عامل، ويبلغ عدد العاطلين في اسرائيل 245 الف عاطل عن العمل.
وتنعكس هذه الاوضاع الاقتصادية الاجتماعية على الاوضاع الصحية والتحصيل العلمي، إلا ان الفلسطينيين وعلى مر السنين، وخاصة منذ منتصف سنوات السبعين بدأوا ينظمون انفسهم من خلال أطر شعبية تحركها الأحزاب الوطنية، عملت على رفع الوعي في كافة المجالات، وعقدت سلسلة من المؤتمرات التي عنيت بشؤون الأرض والتعليم والصحة والاوضاع الاجتماعية، ومع التطور الطبيعي للمجتمع فإن الظروف تتحسن بشكل محدود نتيجة لمختلف النضالات، وليس بسبب تغيير السياسات الحكومية التي لا تزال مستمرة بسياسة التمييز.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر