بين فتح وحماسالثلاثاء 25/4/2006 لميس اندوني- "الغد" الاردنية
الصراع بين حركتي "فتح" و"حماس" قد بلغ مرحلة خطرة ولا بد ان يتوقف قبل اندلاع حرب اهلية تكلف الشعب الفلسطيني غاليا. في اوروبا التقت عوامل "الاسلاموفوبيا" والخضوع للموقف الاميركي فشكلت اجماعا لمقاطعة الحكومة الفلسطينية وتوقف الدعم عن الحكومة وبالتالي الشعب الفلسطيني. النزاع الفتحاوي- الحمساوي يغذي الموقف الاوروبي التابع لواشنطن، ويعطيه مصداقية خاصة وموقف الرئاسة الفلسطينية قبل ضمنيا المقاطعة الاوروبية، بشرط ان تحول هذه المساعدات الى الشعب الفلسطيني عن طريق "الرئاسة". قيادة حركة "فتح" تتصرف وكأن الموقف الاوروبي له مبرراته، بخاصة، ووفقا لتحليل احد الدبلوماسيين الفلسطينيين، انه من الصعب الدفاع عن موقف حكومة "حماس" امام الاوروبيين. امّا حركة "حماس" وبالرغم من المقابلات الذكية لقياداتها التي تنشر في الصحف الغربية، فتبدو مرتكبة في ظل الحصار السياسي الاقتصادي، بالتالي في قرارتها "العصبية" و"المتخبطة". فتعيين جمال ابو سمهدانة الفتحاوي، مسؤولا عن قوات امن تابعة لوزارة الداخلية هو لعب على التناقضات الفتحاوية، سيؤذي حركة حماس وحكومتها. موقف الرئاسة من التعيين اتصف ايضا بالاستفزاز المتعمد والاستفراد بالسلطات. ففي نهاية الأمر، لا يمكن أن يكون القرار الفتحاوي اعتراضا على تولي ابو سمهدانة جهاز الامن الوقائي "الفتحاوي" الذي تمرد على قيادته، وانخرط كالكثيرين للاسف من الشباب المناضلين بممارسات فوضوية، فمواصفات ابو سمهدانة، تنطبق على الكثيرين من مسؤولي الامن "الفتحاويين" الذين افسدتهم ظروف الفساد السياسي والاقتصادي في حقبة ما بعد اوسلو. من الواضح أنّ الرئاسة تسعى إلى سلب الحكومة من كل مقومات السلطة وصلاحياتها المالية والسياسية والأمنية وهذه لعبة خطرة، ترسل رسالة ضمنية الى العالم والدول العربية بمقاطعة الحكومة من اجل تهميشها واسقاطها. لكن عندما أدلى خالد مشعل بتصريحاته خلال خطابه بدمشق الأسبوع المنصرم متهما القيادات الفلسطينية بالتواطؤ مع اسرائيل واميركا، اعطى بعض المتنفذين في حركة "فتح" الفرصة للانقضاض في حملة هجومية على الحكومة. نعم، إنّ موقف الرئاسة وبعض قيادات "فتح" غير مقبولة وتعمل على تقويض الحكومة. لكن مشعل صب الزيت على النار بتصريحاته خاصة باستخدامه توصيف "العمالة" على قيادات "فتح"، فالوضع لا يتحمل فقدان الأعصاب بخاصة وان مشعل يعرف تماما ان الحالة الداخلية قابلة للانفجار داخل قطاع غزة. الموقف الفتحاوي الرسمي يبرر تصرفاته بأنّ موقف حماس غير مقبول عربيا ودوليا لعدم اعترافها بإسرائيل، هذه التفسيرات لا تبرر موقف حركة "فتح" لأسباب عديدة اهمها ان اسرائيل لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، وأنّ حكومتها تقوم بتدمير منهجي للكيان الفلسطيني. فحركة "فتح" تستطيع أن تطالب العالم الآن بالنظر إلى أفعال إسرائيل وتجاوزاتها وليس إلى أقوال حماس. عدا عن ذلك؛ حماس التزمت بالهدنة، فيما لم تلتزم عناصر كثيرة من كتائب الاقصى، ولذلك فإنّ اميركا والدول الغربية تستطيع اغتنام الفرصة واستعمال إدانة حركة "فتح" لـ "لحماس" ضد الرئاسة، وتتهم "فتح" وحتى "ابو مازن" بالإرهاب. حماس بدورها لم تساعد نفسها، موقفها الغامض من منظمة التحرير الفلسطينية ادى الى اضعاف دور القوى اليسارية والمستقلة في الوساطة بين حركتي فتح وحماس، فالتيار الثالث كما يصف نفسه، يعارض موقف الرئاسة، لكنه غير مرتاح لموقف حماس. معظم ممثلي التيار الثالث لا يؤيدون، بل يعارضون بشدة، الحصار السياسي والاقتصادي على الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس، باعتبارها حكومة انتخبت ديمقراطيا، عدا ان الموقف الدولي لا يمكن اعتباره موقفا ضد حماس، بل موقف ضد خيار الشعب الفلسطيني. فيما لا يخفي رئيس الوزراء الاسرائيلي نواياه عن ضم المستوطنات وفرض الجدار العنصري الفاصل كحدود دائمة. تساهم تصريحات "فتح" بتبرير الموقف الدولي الذي يخدم كلا من إسرائيل وواشنطن. في مقابلة مع "أبو مازن" مع الموقع الالكتروني الفلسطيني ، قال: ان المقاطعة الغربية يجب ان لا تتم على حساب الشعب الفلسطيني ويجب أن تستمر المساعدات "عبر اقنية اخرى" غير الحكومة الحمساوية، مؤكدا لدى سؤاله عن هذه الاقنية ان منها "الرئاسة الفلسطينية". تصريحات كهذه تقوي شوكة الموقف الأميركي؛ إذ إنّها تقبل ضمنيا بالمقاطعة الدولية للحكومة. قد يكون هدف الرئاسة، كما تقول بعض المصادر المطلعة، هو اجبار حماس على قبول بعض الشروط الدولية لتمكين "فتح" من المشاركة بالحكومة "مناصفة"، وبالتالي استعادة سيطرة حركة "فتح" على السلطة وتقوية سلطات الرئاسة. إنّ مثل هذا الهدف لا يستحق إضعاف الوحدة الوطنية، إن لم يكن تدميرها، وقد يدعم الموقف الاسرائيلي دوليا، فأولمرت يستغل الاهتزاز الداخلي الفلسطيني لتمرير خططه وسياسته التدميرية ضد الشعب الفلسطيني. في المقابلة نفسها وصف ابومازن الحكومة الاسرائيلية بانها "تبدو متوازنة"، واذا كان الأمر كذلك فماذا يمنع التعاون الايجابي مع "حماس" التي تتشارك مع حركة فتح في نضالها ضد الاحتلال الاسرائيلي؟ فلن تكون حكومة اسرائيلية تمارس التدمير للشعب الفلسطيني "متوازنة" وحركة حماس "متطرفة" وتمثل الخطر الاكبر على الشعب الفلسطيني!
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|