جرائم حرب في غوانتنامو!الخميس 15/5/2006 منار الرشواني- "الغد" الاردنية
أخيرا، نجح ثلاثة من معتقلي أقفاص غوانتنامو الأميركية في انتزاع حق وحيد لهم، إنما الأول والأخير منذ اعتقالهم أو اختطافهم، هو الحق في الموت! حق قد يبدو غريبا في زمن قيل إنه نهاية التاريخ بعولمة الحقوق التي تصون الحياة بمشتملاتها الإنسانية كافة، لكنه يبدو حقا منطقيا تماما، في المقابل، بعد أمركة تلك الحقوق المعولمة على حساب صفتها الإنسانية حتى صار الموت مطلبا! لكن، هل نجح المعتقلون الثلاثة فعلا، ضمن مئات معتقلين آخرين مكافحين على ذات الدرب، في انتزاع حقهم في الموت بأيديهم، بعد معارك قانونية فاشلة رغم تدخل محامين ومنظمات دولية لصيانته؟ للأسف، قضى المواطنان السعوديان وشقيقهما اليمني في غوانتنامو مجردين من كل حقوقهم، بما فيها حقهم في الموت، لأنهم وبكل بساطة قُتلوا ولم ينتحروا! ليس القول بالقتل تجنيا على الإدارة الأميركية البريئة، ولا هو محاولة لاستثارة الحقد عليها بغير حق؛ فصنائع الرئيس الأميركي وأركان قيادته -وكما تظهر استطلاعات الرأي الأميركية ذاتها، وآخرها الصادر أول من أمس عن مركز بيو (Pew Research Center Project)- تكفي لصب الزيت على نار الكراهية العالمية، وليس العربية والإسلامية فقط، لهذه الإدارة لسنوات ولربما عقود قادمة، إنما هي جريمة قتل وفق أدلة مستندة إلى مبادئ قانونية مقرة عالميا بشكل واضح وصريح، تجعل من إدعاء الانتحار ناجما إما عن جهل أو عن رغبة في الكذب والتضليل. شنق المعتقلون الثلاثة أنفسهم فعلا، لكنهم في عملهم هذا كانوا وفق التعبير القانوني "فاعلين بالواسطة"، أو مجرد أداة بيد القاتل الحقيقي الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الجريمة التي دفعهم إلى ارتكابها دفعا؛ ليس باستخدام التعذيب الجسدي فحسب، بما فيه الإطعام القسري، بل عبر التعذيب النفسي الذي يتولاه مع المحققين والجنود الأميركيين فريق طبي متخصص ومؤهل هو "فريق العلوم السلوكية الاستشاري" (Behavioral Science Consultation Team). وطبيعة عمل أفراد هذا الفريق، مضافا إليها خبرتهم الدقيقة المكتسبة بعد أربع سنوات من العمل-التعذيب في غوانتنامو، تجعل من المنطقي استنتاج قدرة هؤلاء "الخبراء" على تحذير الجنود الأميركيين من انتحار قادم في أقفاص مكشوفة للعين المجردة أو العكس، أي الدفع باتجاه هذا الانتحار. بناء على ذلك، هل يمكن اعتبار ردة فعل الرئيس بوش على الجريمة، والمتمثلة بالتعبير عن "قلقه العميق"، بمثابة إقرار ضمني بالمسؤولية، وهو الذي يحتل مكانة "العراب" في هرم القيادة، أم أن قلقل الرئيس مبعثه نقص عدد المعتقلين بما يهدد الصورة المرعبة الكافية لاتّعاظ كل من يعادي الإدارة الأميركية، أو حتى يخالفها دونما حاجة إلى محاكمته، وسامي الحاج مصور قناة الجزيرة مثال واحد معروف حتى الآن؟! الإجابة جاءت واضحة لا لبس فيها على لسان الأدميرال الأميركي هاري هاريس، قائد معسكر غوانتنامو، والتي ترقى إلى مستوى التمثيل بأرواح الضحايا بعد أن استهلكت أجسادهم؛ إذ اعتبر هاريس انتحار المعتقلين "عملا قتاليا" موجها ضد الولايات المتحدة من أناس "لا يحترمون الحياة" أكانت حياتهم أم حياة غيرهم! لكن هل من دليل قانوني على أن أيا من معتقلي غوانتنامو إرهابي؟ إلى الآن، وحتى قتل أو نحر آخر معتقل، يبدو حد اليقين أن الإجابة بالنفي ستظل هي الإجابة الوحيدة الصحيحة. ولأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة، فإن كل عمل مفض إلى قتل أي معتقل في معسكر غوانتنامو، وقبل ذلك تعذيبه، هو بموجب قانون الحرب "اتفاقيات جنيف الأربعة"، جريمة حرب تمارسها الولايات المتحدة بحق أبرياء. لكن هل هناك من يستطيع ردع الإدارة الأميركية أو اقناعها بوقف إرهابها الذي يغذي كل أشكال الإرهاب الأخرى؟
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|