إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



الحركة الإسلامية وتحولات التسعينيات

الأحد 2/7/2006
ابراهيم غرايبة- "الغد" الاردنية

كانت جماعة الإخوان المسلمين عام 1989 حركة دعوية واجتماعية، وقد تحولت بسرعة ومن دون إعادة تأهيل إلى حزب سياسي أو جماعة اجتماعية تشتغل بالسياسة، فكانت الانتخابات التنظيمية الداخلية التي جرت في الجماعة عام 1990 مؤشرا على أزمة التحولات التنظيمية وتداعياتها الداخلية والفكرية، فقد أوصلت تلك الانتخابات مجموعة جديدة لقيادة الجماعة، وأبعدت مجموعة أخرى ظلت تقود الجماعة لثمانية عشر عاما (1972- 1990)، ولكن هذه المجموعة من أعضاء مجلس النواب وأعضاء المكتب التنفيذي للجماعة لعقدين من الزمان كانت تملك أدوات التأثير في الجماعة وإن خرجت من القيادة.
هكذا فقد انقسمت الجماعة داخليا إلى مجموعتين، واتخذ هذا الانقسام صيغة الاعتدال والتشدد، أو ما سمي في الصحافة "الصقور والحمائم" وفي واقع الحال فقد كان صراعا معقدا من الأجيال والأفكار والقيادة والتأثير والمؤسسات والموارد.
وأظهرت تطورات العمل السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي اتجاها ثالثا في الحركة الإسلامية قائما على الحزب والنواب ينزع للعمل بعيدا عن قرار الإخوان وتأثيرهم، ولكنه في الوقت نفسه يريد ويحتاج إلى مظلة الإخوان ودعمهم، وتحولت العلاقة بين قيادة الإخوان وقيادة الجبهة إلى أزمة متصاعدة بلغت ذروتها عام 1997 عندما قررت جماعة الإخوان المسلمين مقاطعة الانتخابات النيابية.
كان قرار مقاطعة الانتخابات النيابية عام 1997 كبيرا في أثره وتداعياته السياسية والتنظيمية، ربما أكبر بكثير مما قدرت قيادة الإخوان، ولعله كان السبب المباشر في تحولات وتحالفات جديدة في الحركة الإسلامية وعلاقات جديدة مع الحكومة ظهرت نتائجها في الانتخابات التتظيمية التي جرت عام 2002.
وظهر أيضا لاعب رابع قوي ومؤثر في جسم الحركة الإسلامية في الأردن هو "حماس"، وكما عصفت المقاطعة عام 1997 بتيار الجبهة في الحركة الإسلامية، فقد عصفت حماس بالمكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين الذي كان يعبر عن اتجاه في الحركة الإسلامية حاول أن يؤثر في موقفها واتجاهاتها، وكان له دور مؤثر بين عامي 1990 و 2002.
فأظهرت الانتخابات التنظيمية التي جرت عام 2002 تحولا كبيرا ومهما في الحركة الإسلامية لعله الأكثر راديكالية وأهمية منذ عام 1970، أثر وسيؤثر في تركيبة الحركة ومواقفها واتجاهاتها، وظهرت نتائج هذه التحولات بوضوح في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2003 وفي الاتجاهات القيادية والسياسية الجديدة للحركة الإسلامية، وعبر هذا الحضور القوي لحماس في جسم الحركة الإسلامية عن نفسه على نحو واضح وخطير باختيار زكي بني رشيد أمينا عاما لحزب جبهة العمل الإسلامي.
وجاء الصعود السياسي الكبير لحركة حماس في فلسطين وحصولها على أكثرية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني وتشكيلها للحكومة الفلسطينية ليضع هذا التداخل والتأثير في الأردن في موضع المراجعة والأزمة الكبرى، فلم يعد الأمر تداخلا تنظيميا وسكانيا ولكنه يتخذ أبعادا سياسية وإقليمية لا يمكن تجاهلها.
الأزمة القائمة تتخذ من الأحداث اليومية والتصريحات الصحافية مناسبة للتعبير عن نفسها والتفاعل، وسيصرف الانشغال بهذه الأحداث والمشكلات اليومية الأزمة عن منشئها ومسارها الحقيقي، ولكن الحل الجذري والحقيقي يقع في مبادرة لتصحيح هذا التداخل والتأثير، ولا نحتاج للكلام الطويل والسياقي حول التعاطف والتأييد والتداخل والوحدة الوطنية والمساواة واستدعاء كل الأفكار والمقولات التي تبعد المسألة عن النقطة الأصلية.
فلم تكن الأزمة التي بدأت باختيار الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي متعلقة بهذه المسائل وتداعياتها، وسيكون استخفافا ساذجا أن توضع المسألة في سياق التعاطف مع حركة حماس وتأييدها أو معارضتها والاختلاف معها، أو كما مضى بعيدا أحد الكتاب، مؤيد لحماس، في أن انتقاد اختيار زكي بني رشيد كان إساءة تستهدف الأردنيين من أصل فلسطيني! فالفكرة تكاد تكون لوغاريتمية يصعب فهمها ولا حتى في سياق الرابط العجيب.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر