إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



المغامرة الجيوسياسية

الاثنين 17/7/2006
ابراهيم غرايبة- "الغد" الاردنية

لم تكن صواريخ حزب الله عاجزة عن الوصول إلى طبريا وحيفا قبل عام 2000، ولكن الجغرافيا السياسية كانت أبعد من صواريخ حزب الله، والجغرافيا تتغير كما يقول عالم الجغرافيا السياسية الأميركي أشعيا بومان بسرعة لا تقل عن سرعة تغير الأفكار نفسها، أو التغير في مجال التكنولوجيا أو بتعبير آخر فإن معنى الظروف الجغرافية يتغير، وهكذا فإن الأحداث التي تدور اليوم في فلسطين وفي لبنان تختلف في معناها وتفسيرها وتقديرها عما كانت عليه قبل الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، وقبل توقف الانتفاضة الفلسطينية ثم إجراء الانتخابات التشريعية.
فيصعب تفسير عملية حزب الله الأخيرة بأنها تستهدف تحرير الأسرى اللبنانيين، فبعد الانسحاب الإسرائيلي ثم الانسحاب السوري من لبنان بدأ الحزب يتجه إلى العمل السياسي والاجتماعي والإعلامي، بل ويدخل في التزام بوقف العمل العسكري ضد إسرائيل.
وكذلك الأمر بالنسبة لحماس التي التزمت بوقف العمل العسكري تماما حوالي ثمانية عشر شهرا، ثم شاركت في الانتخابات التشريعية وشكلت الحكومة الفلسطينية وأبدت استعدادا كبيرا للانضباط وعدم الاستدراج للاستفزاز الإسرائيلي، ولكنها فجأة خرقت التزامها، ونفذت عملية نوعية مختلفة عن سياق العمليات السابقة، فلماذا إذن كانت عملياتها في السابق تكاد تقتصر على العمليات الانتحارية في المحلات التجارية وفي محطات الحافلات؟
الحرب تبدو استدراجا إيرانيا وسوريا لإسرائيل على نحو يشبهه المعلق السياسي الروسي فلاديمير سيمونوف باستفزاز اللاعب الإيطالي ماتيرازي لقائد الفريق الفرنسي زيدان لأجل طرده من الملعب، وقد نجح وساهم بذلك في حصول فريق بلاده على بطولة العالم في المونديال.
لماذا يعرض كل من حماس وحزب الله نفسهما للخطر في المرحلة التي يحتاجان فيها إلى العمل السياسي والاجتماعي، وقد تحولا إلى هذا المجال بالفعل منذ فترة من الزمن؟ الإجابة تبدو في عملية جيوسياسية كبيرة جديدة لا ترى في الأسرى سوى ضغوط لتراتيب إقليمية جديدة تهدف إلى تفعيل مكاسب سورية وإيران وتعزيز نفوذهما في العراق ولبنان وفلسطين، وهكذا فقد تزحزحت الجيوسياسيا إلى تنافس إقليمي جديد يستعيد أجواء الحرب الباردة.
لقد شكلت الأحداث التي بدأت بالحادي عشر من أيلول عام 2001 وحتى منتصف عام 2005 خريطة جغرافية سياسية جديدة تعيد فهم الأحداث وتقديرها والتخطيط المستقبلي برمته، ففي العراق الذي أجريت فيه انتخابات أفضت إلى حكومة دائمة تحولت خريطة التحالف التي قام عليها غزو العراق لتشارك العرب السنة في المعادلة السياسية وفي التحالف مع الولايات المتحدة في مواجهة الميليشيات المدعومة من قبل إيران، والتي تحولت من أداة للدولة العراقية إلى متمردين عليها، وانسحبت سورية من لبنان، وتشكلت خريطة سياسية جديدة مختلفة عما كان عليه الحال منذ عقدين من الزمان، وفي فلسطين تتشكل وقائع جديدة ذات تأثير عميق في مستقبل البلد والناس والمنطقة، ومن أهمها المشاركة السياسية للحركة الإسلامية.
ومن وجهة نظر إسرائيلية فإن المشهد الاستراتيجي في المنطقة يسير في اتجاه جديد مختلف عما كان عليه بين عامي 2002- 2005 ومن هذه التحولات المقلقة لإسرائيل: عودة إيران إلى تطوير السلاح النووي وانتخاب المحافظ المتشدد أحمدي نجاد رئيسا لإيران، وتوظيف التحولات الديمقراطية في المنطقة لصالح الحركات الإسلامية، وتراجع الضغط العالمي على سورية وحزب الله بسبب الانشغال بإيران والعراق، وارتفاع أسعار النفط.
ولذلك فإن إسرائيل وتدعمها في ذلك الولايات المتحدة تتعاطى مع الأزمة كما لو أن مفتاح الحل لدى دمشق، فالعملية باعتقاد المسؤولين الإسرائيليين تخدم أهدافا وسياسات سورية، وقد حملت الولايات المتحدة سورية وإيران عملية اسر الجنديين الإسرائيليين التي نفذها حزب الله.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر