شرق أوسط جديد: هل ثمة صفقة مع سورية؟الاربعاء 26/7/2006 ابراهيم غرايبة- "الغد" الاردنية
ثمة مبادرة تقوم على دور أوروبي وتركي في المنطقة وتتعاون معها سورية، وهكذا فإن مضمون الشرق الأوسط الجديد هو مشاركة إقليمية يكون لأوروبا فيها دور واسع وتأخذ سورية أيضا دورها الاقتصادي والسياسي في المنطقة على أساس معترف به، مقابل مساعدتها على تأهيل حزب الله وحماس سياسيا، والابتعاد عن إيران التي ستنسحب شرقا بنفوذ اقتصادي وسياسي في آسيا الوسطى وبحر قزوين وبمشاركة مع روسيا والصين. إن الصراع يعبر دائما عن معنى للجغرافيا، وقد تعددت الرؤى والتقديرات التي ترى جغرافيا سياسية فإيران في تمددها غربا إلى الخليج العربي والعراق ولبنان تجد ثغرة في الجدار يدل عليها الضعف الأميركي في العراق، والحياد الأوروبي السلبي الذي يبدو راغبا في الخسائر الأميركية بل والانهيار، والصعود الروسي والصيني والهندي، وارتفاع أسعار النفط، ولكنها مغامرة جيوسياسية قد تكون عواقبها كبيرة، فمثل هذه المغامرات تؤدي إلى انسحاب كبير أو انهيار، فقد كانت المغامرة الفرنسية والبريطانية في قناة السويس عام 1956 بداية لانسحابهما من المنطقة وغياب تأثيرهما منذ ذلك العام، وكانت المغامرة السوفيتية في أفغانستان عام 1979 بداية النهاية. ربما يعول المشروع الجيوسياسي الإيراني على الموقف الروسي، وأنه يمكن أن يقف وراءه بقوة، وقد يبدو الموقف الروسي ملتبسا، ويحتاج إلى تحليل وفهم، فالتعاون الروسي مع سورية في التسليح لا يعني بالضرورة تحالفا استراتيجيا في السياسات يصل إلى تغطية المواقف والحالة السورية، وحتى التعاون الروسي الإيراني في النفط والطاقة النووية وسائر المجالات إنما يستهدف أمرين لا علاقة كبيرة لهما بمنطقة الشرق الأوسط، وهما استيعاب الحالة في آسيا الوسطى أو في الجمهوريات والمناطق التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي، والحصول على تسهيلات اقتصادية واستراتيجية في الخليج العربي والمحيط الهندي. روسيا تنظر إلى منطقة الشرق الأوسط باعتبارها تقع ضمن امتدادات ومصالح أوروبا، وإذا استخدمت نفوذها وعلاقاتها لدى دمشق وطهران فسيكون باتجاه الضغط عليهما وتعديل مواقفهما وسياساتها باتجاه الانسجام والتوافق مع الموقف الغربي. فروسيا تبدو مستعدة لأجل مواجهة الامتداد الأميركي في آسيا الوسطى أن تتخلى نهائيا عن دور في الشرق الأوسط، وبالطبع فإن روسيا تدعم موقفا ودورا أوروبيا في المنطقة مستقلا عن الولايات المتحدة، وتفضل أن يكون لأوروبا الدور الرئيس في قيادة المنطقة والتعامل معها. ولا تنسى روسيا الدرس الذي تلقته في مصر عام 1972 ثم في أفغانستان ثم في اليمن ثم في العراق، وهي مشغولة بالحصول على التقنية وتطوير الصناعات النفطية أكثر من أي قضية أيدولوجية أو توسعية، ويمكن أن تضحي بالكثير لأجل الحصول على هذا الهدف، وربما يفسر هذا العزوف الروسي عن العالم العربي والممزوج أيضا بالشعور بالمرارة، وربما عدم الاحترام. بالطبع ثمة ثغرات وفرص ليست قليلة ستجعل الصراع في (وعلى) العراق وفلسطين ولبنان قادرا على التواصل، فالقوات الأميركية في العراق مهددة من قبل إيران، وتكاد تكون في قبضتها، وخطاب المقاومة مازال يجد أصداء واسعة برغم الخسائر والتضحيات الهائلة، والسياسات والممارسات الأميركية في المنطقة لا تشجع على فرص الاستقرار والتسوية، ولا تظهر جدية كافية بالتحول نحو الديمقراطية والمشاركة السياسية والعامة. ويحمل النظام العربي، القائم بعجزه وانتمائه لمرحلة سابقة لم تعد موجودة، عوامل ضعفه وعجزه عن التعامل مع الأحداث بفاعلية، ففي مرحلة تتطلع فيها الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران إلى أن تسد الفراغ الناشئ في المنطقة منذ الارتباك الأميركي في العراق فإن الدول العربية بحكوماتها ومجتمعاتها وشركاتها لم تبادر إلى نظام تعاون إقليمي يقيم على أساس من المصالح الملحة للبلاد وشعوبها منظومة تنموية واستثمارية تدمج مصالح الدول والمجتمعات بالمشروعات السياسية الإقليمية، وتخرج من دوامة خطاب لم يعد موجودا.
وقد أثبتت الولايات المتحدة أنها عاجزة عن فرض رؤاها للمنطقة بالقوة والهيمنة وأنها بحاجة إلى مشاركة أوروبا والتفاهم مع سورية.
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|