قانا 2006الاثنين 31/7/2006 ايمن الصفدي- "الغد" الاردنية
أندينها مجزرة؟ أنستنكرها مذبحة؟ أنرسخها في وعينا العربي جريمة اسرائيلية أخرى تسقط كل طروحات التعايش السلمي مع عدو عنصري همجي؟ أننظرها مرآة لواقع عربي مخزٍ؟ أنرى فيها نتاجا طبيعيا لزمن عربي رديء ذليل؟ أنتجرعها حصاداً لنظام عالمي سقط؟ أنعتبر الولايات المتحدة، التي وفرت لإسرائيل كل ادوات القتل التي تملك، شريكا في الجريمة؟ أنستهجن هزالة هيئة الأمم المتحدة التي تحولت شاهد زور عاجزا عن اتخاذ موقف أخلاقي يدين قتل الاطفال؟ نفعل كل ذلك. لكننا نظل نخجل من هذا العجز عن الحفاظ على حياة اطفال مزقت اجسادهم ادوات الارهاب الاسرائيلية في ملجأ كانوا سكنوه اصلاً هرباً من الحرب الصهيونية. نغضب اذ ترتفع الأعلام الاسرائيلية في عمان والقاهرة في حين ترتفع اصوات ضحايا إرهاب اسرائيل في سماء لبنان وفلسطين. نشاهد جثامين الاطفال تنتشل من ركام ملجئهم ونستذكر قانا قبل عقد قصير حين بدت صورة اسرائيل بأوضح تجلياتها دولة ارهابية قاتلة لا تستحق ان تنعم بلحظة امن واحدة في ارض العرب، التي اغتصبتها قبل عقود، أيضا قصيرة، لتبني مجتمعاً اجرامياً منبوذاً. نتذكر دير ياسين. نفكر بضحايا قبية. نتذكر جنين وغزة والقدس ورام الله والخيام وصور وبيروت. نتذكر كل القتل الإسرائيلي لنكوّن الصورة الحقيقية لإسرائيل الدولة المارقة المبنية على الكراهية والمجبولة بالحقد، دولة يوقّع اطفالها صواريخ الدمار التي تقتل الاطفال اللبنانيين، دولة تستمد الحياة من الموت. ليس العرب من يربون اطفالهم على الحقد والكراهية وتقديس القتل. اسرائيل هي التي تفعل ذلك. وليس العرب من يبررون الارهاب. رئيس الولايات المتحدة الاميركية جورج بوش هو الذي يفعل ذلك، يدعم ارهاب الدولة الإسرائيلية ويبرر استباحتها حياة الابرياء على انه دفاع مشروع عن النفس. ليس العرب من حكم على الشرق الاوسط بأن يكون أبداً ساحة للصراع. اسرائيل هي التي فعلت ذلك، بمساعدة اميركية، وبعجز دولي، وقبل ذلك، بعجز عربي ما بات يحتمل. لن تنتج اجرامية اسرائيل شرق اوسط جديدا آمنا. ولتكف اميركا عن الاستخفاف بعقول العرب وعن اهانة مشاعرهم وهي تعد بهذا الشرق الجديد. نتاج الاجرام الإسرائيلي والتواطؤ الاميركي بيئة لا ينبت فيها الا العنف ولا يعيش في بؤسها الا الرغبة في الانتقام ولا يصمد في ضيقها الا التصميم على الانتقام من ظالم يقتل بلا رحمة ويدمر بلا هوادة. كوندوليزا رايس "حزينة" الآن. أرّقتها مشاهد اطفال الجنوب اللبنانيين ملطخين بالدم ومسلوبي الحياة. لا أحد يريد حزنها. قليل هم الذين يصدقونه. أوليست هي ورئيسها من برر الحرب ومنع المجتمع الدولي من المطالبة بوقف العدوان؟ أوليست دولتها من زود اسرائيل بصواريخ جديدة لتلحق المزيد من الدمار بلبنان؟ وتقول اليوم إنها حزينة! طفح الكيل. المستقبل رُسمت ملامحه: مزيد من الحروب ومزيد من القتل ومزيد من الكراهية. وعلى من يريد غير ذلك ان يواجه الجرائم الإسرائيلية وأن يدرك أن اسرائيل هي مصدر الحرب ورمق التطرف. وفي راهن كهذا، لا يجوز أن يظل سفراء لإسرائيل في القاهرة وعمان. ولا يجوز أن يظل سفيرا مصر والأردن في تل أبيب. ليتجسّد الغضب الأردني والمصري على الجرائم الاسرائيلية سحباً، ولو حتى احتجاجياً، للسفراء.
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|