إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



جرح الميت

الاربعاء 2/8/2006
ايمن الصفدي- "الغد" الاردنية

حتى بعد مجزرة بحجم قانا، حالت الولايات المتحدة الأميركية دون اتخاذ مجلس الامن قرارا يدعو اسرائيل الى إنهاء عدوانها اللاإنساني على لبنان.
تريد واشنطن للحرب أن تستمر. موقفها أساسه اقتناعها بالوهم الاسرائيلي الحالم بإمكانية القضاء على حزب الله عسكرياً. وهي اذ تتعامل مع لبنان بهذه السطحية وبهذا الاستهتار بدماء الأبرياء، تضع واشنطن نفسها في موقع الشريك في الإجرام وتخلق البيئة الكفيلة بقتل اصوات الاعتدال في المنطقة.
قوة حزب الله لا تكمن في سلاحه فقط. قوته أساسها ايمان محزبيه بصدقيته وبعدالة حربه ضد اسرائيل. ولم يعد حزب الله الآن في عيون اللبنانيين والعرب قوة لبنانية مرتبطة بالنظام الايراني ومدعومة من البعث السوري.
أصبح حزب الله الآن البطل الذي يتوق له العرب في زمن الذل الذي فرضته اسرائيل بدعم اميركي عليهم. وبات حسن نصرالله في عيون ملايين العرب والمسلمين رمزا للتضحية والعنفوان ومقاومة عدو أزلي لا يفهم الا لغة القوة ولا يكبح جماحه الا القدرة على ايذائه.
وستدفع المنطقة طويلا ثمن القرصنة الاسرائيلية والعنجهية الاميركية. ذلك ان العالم العربي دخل الآن حالا من اليأس والغضب والإحباط والرغبة في الانتقام ستترجم لجوءا الى كل وسيلة ممكنة لحماية كرامة استبيحت والانتقام لدم عربي سال ظلماً.
قال العرب قديما إنه لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها. وقالوا انه ما لجرح بميت ايلام. وهذا تحديداً ما يشعر به العرب راهنا.
يؤمن العرب الآن انه ما عاد هناك شيء يخسرونه. احتُلّت ارضهم. قتل اطفالهم. شردت نساؤهم. سرقت اوطانهم. ذُلّ رجالهم. وتكالب العالم عليهم.
كانوا قد كظموا الغيظ وعضوا على الجرح ودخلوا في عملية سلمية سارت خطوات محدودة الى امام بعد ان قدموا تنازلات سيلعنهم اجدادهم عليها. ورغم ذلك, لم يحصلوا على شيء.
فاسرائيل ظلت دولة ارهابية تسفك دمهم وتهضم حقهم. وبقيت اميركا الدرع الحامي لاسرائيل وجسر الدعم الأعمى الذي لا ينقطع لها. وظل المجتمع الدولي عاجزا عن إنصافهم. وثبت للعرب ان كل ما سمعوه عن امكانية التعايش مع آخر يحتقرهم محض اوهام.
تلك هي نتاجات العدوانية الاسرائيلية والسياسات الاميركية. وسيكون الشرق الاوسط الجديد، الذي يريد الرئيس الاميركي جورج بوش بناءه على جثث اللبنانيين والفلسطينيين، وطن اليأس والقهر الذي لا بد سينفجر كرها لكل ما هو اسرائيلي، ورفضا لكل ما هو اميركي, وتمسكا بكل من يعاديهما.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر