إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



اتساع المعارضة في إسرائيل لخطة "فيسكونسين" لمعالجة البطالة

الثلاثاء 17/10/2006
برهوم جرايسي- "المشهد الاسرائيلي"

*الحكومة بدأت قبل 15 شهرا، بتطبيق خطة هولندية، طبقت بداية في الولايات المتحدة ثم في أوروبا *تقودها شركات تجارية، لإلزام العاطلين عن العمل بالعودة إلى سوق العمل *الوزير إيلي يشاي عارض في الماضي الخطة واليوم قرر إدخال تعديلات عليها*


اشتد النقاش في إسرائيل في الآونة الأخيرة حول ما يسمى بـ "خطة فيسكونسين"، وهي خطة بالأساس منبعها هولندا، وتطرح أساليب تحت غطاء تحفيز العاطلين عن العمل على العودة إلى سوق العمل، ولكنها عمليا تبعد العاطلين عن العمل، عن دائرة تلقي المخصصات الاجتماعية الحكومية، بشكل تجري، يحقق أرباحا للشركات التجارية التي تطبق الخطة، وهذا الأمر بالأساس في دول تدفع مخصصات اجتماعية للعاطلين عن "العمل".
ومن الجدير ذكره أن الأجيرين في إسرائيل ملزمون بدفع نسبة محددة، وهي 5,35% من راتبهم الكلي، وهذه النسبة من المفترض أن تكون تأمينا لهم في عدة مجالات ومن بينها إصابة العمل أو المرض والإصابة بإعاقة، ومخصصات الشيخوخة (عدا الراتب ألتقاعدي)، والبطالة، وللتعويض في حال إفلاس صاحب العمل.
بمعنى أن الأجيرين حين يصبحون عاطلين عن العمل من المفترض أنهم مؤمنين، إلا أن الحكومة الإسرائيلية، ومنذ خمس سنوات، بشكل خاص، بدأت تفرض قيودا مشددة على الحصول على مخصصات البطالة، فقد رفعت السن القانوني من 18 عاما إلى 20 عاما، بعد أن تبين أن من هو معرض ليكون عاطلا عن العمل في عمر 18 عاما هم العرب لأن اليهود يخدمون في الجيش، والآن تنوي الحكومة رفع جيل الحد الأدنى إلى 28 عاما، ولكن هناك شك في أن يسري هذا الأمر.
كذلك فإن حجم المخصصات تم تقليصه، وتم تقصير الفترة التي يستحقها العاطل عن العمل، وهذا مرتبط بعمره، ومدة الفترة التي عمل فيها قبل أن يصبح محروما من العمل، إلى جانب قيود أخرى، وبعد انتهاء الفترة القانونية للحصول إلى مخصصات البطالة، ينتقل العاطل عن العمل إلى قسم "تأمين الدخل" حيث يحصل على مخصصات أقل بكثير وبشروط أصعب.
وقد بدأت الحكومة في تطبيق خطة فيسكونسين اقل بقليل من 16 شهرا، بعد ان تم تطبيقها في ولاية فيسكونسين في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من أن هذا المشروع لم يلق النجاح المرجو، إلا أن الحكومة الإسرائيلية أصرت على استقدام هذا المشروع لتطبيقه بشكل "تجريبي"، في أربع مناطق، وهي الناصرة ونتسيرت عيليت المجاورة، والخضيرة والقدس، وتبين ان هذه المناطق مليئة بالعرب بالأساس وبالمهاجرين الجدد واليهود الشرقيين.
وتقود هذه الخطة شركات تجارية، تتعهد للحكومة بتقليص عدد العاطلين عن العمل المسجلين لديها، وفي المقابل فإنها تحقق أرباحا بالنسبة المئوية، من الأموال التي توفرها الحكومة على نفسها من تراجع عدد العاطلين عن العمل.
ومنذ أن بدأ تطبيق الخطة في مطلع شهر تموز/ يوليو 2005، إتضح ان الشركتين اللتين تديران هذا المشروع في إسرائيل "أغام" و"مهليف"، تعتمدان على أساليب تعجيزية يضطر فيها العاطلين عن العمل للهرب والاستغناء عن مخصصات تأمين الدخل.
ومن بين هذه الأساليب إجبار العاطلين عن العمل على الجلوس ساعات طويلة في مكاتب الشركة، أو إجبار الزوجات على الحضور إلى مكاتب الشركة، رغم أنهن ربات منزل ولم ينخرطن أبداً في سوق العمل، وظهر الأمر بقسوته، حين تم إجبار نسوة عرب تشارفن على الستين من العمر على الحضور إلى الشركة لساعات طويلة يوميا، ليتقلى أزواجهن في نهاية الشهر مخصصات أقل بقليل من الحد الأدنى من الأجر.
كذلك فإن الشركة تعاملت بقسوته مع التقارير الطبية للمرضى والمعاقين، وبدأت ترفض الكثير منها، من اجل جني الأرباح.
ويقول الناشط الاجتماعي غيلي ريعي في مقال له في الصحافة الإسرائيلي: "خلال عام وبضعة أشهر مضت بدأ تطبيق خطة لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل، ونحن نشهد فشلا لا يمكن أن يتصوره العقل في هذا المشروع ومراقبته، ومن بين هذا: ربط أرباح الشركتين بشكل مباشر بالمبالغ التي توفرها الحكومة من تراجع عدد طالبي مخصصات البطالة، والصلاحيات التي أعطيت لهاتين الشركتين لرفض طلبات عاطلين عن العمل، ولم يؤخذ بعين الاعتبار سوق العمل وإمكانياته، وشريحة العاطلين عن العمل وإمكانيات انخراطهم في فرص العمل المتوفرة".
ويضيف ريعي: "بناء على الكثير من الشهادات، فإن الشركة تستخدم أطباء تدفع لهم رواتب، ينقضون تقارير طبية من مختصين، حول وضعية المرضى من بين العاجزين عن العمل، أو الذين ليس باستطاعتهم الانخراط في مجال العمل، وهذا إلى جانب حقيقة انه يوميا يتم المس بكرامة العاطلين عن العمل وحقوقهم الأساسية".
ويقول ريعي: "وعدا الفشل في تطبيق خطة فيسكونسين، فلدينا نقاش مبدئي مع موجهي ومشغلي هذه الخطة، والنقاش حول الطريقة التي قررت فيها الحكومة السابقة لمعالجة مشكلة البطالة في إسرائيل، وما نراه اليوم هو التخلي عن مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها وخصخصة ليس فقط معالجة قضايا العاطلين عن العمل ونقلها إلى شركات خاصة، وإنما أيضا وضع صلاحيات تقرر مصير مخصصات معيشية بيد شركات تجارية لغاية الربح".
ويتابع ريعي، "إن التخلي عن المسؤولية ليس خطأ بمحض الصدفة، بل هو جزء من سياسة اقتصادية ونهج مخطط، ونتائجها المريرة نراها من خلال غالبية المواطنين الذين يعانون من الأزمة".
ويؤكد ريعي ان فشل خطة فيسكونسين أصبح واضحا ليس فقط لدى الجمعيات والأطر الاجتماعية وإنما أيضا لدى أوساطا سياسية عدة، مثل لجنة المالية البرلمانية ولجنة مراقبة الدولة في الكنيست وفي مؤسسة التأمين الوطني (مؤسسة الضمان الاجتماعي)، وحتى في وزارة الصناعة والتجارة والتشغيل، المسؤولة عن تطبيق الخطة.
في الآونة الأخيرة صدرت تقارير تؤكد ان العاطلين عن العمل الذين توقفوا عن التوجه إلى مكاتب خطة فيسكونسين، لم يتوجهوا إلى مشاريع عمل
في الآونة الأخيرة اقر وزير الصناعة والتجارة، إيلي يشاي، الزعيم السياسي لحركة "شاس"، سلسلة من التعديلات على تطبيق الخطة، ومن ضمنها تخفيض عمر الذين يتم توجيههم إلى مكاتب الشركتين، فحتى الآن يتم توجيه كل شخص حتى ولو بقي لخروجه إلى سن التقاعد بضعة اشهر، كذلك هناك تخفيضات تعلق بالنساء.
ورغم أن تفاصيل هذه التعديلات لم تنشر بعد، والعناوين العريضة تقول أنها ليس بالقدر المطلوب، خاصة وأن يشاي حين كان عضو كنيست كان من المعارضين للخطة، إلا أن الشركتين اللتين تديرا المشروع تدعيان ان هذه التعديلات ستخفض من مستوى أرباحهما.
وفي المقابل ففي الكنيست حاليا لوبي برلمان، يطالب بإلغاء مشروع فيسكونسين، ويضم نوابا من جميع الكتل البرلمانية تقريبا، من أقصى اليمين المتطرف إلى أقصى اليسار والكتل الناشطة بين الفلسطينيين في إسرائيل.
وإلى جانب هذا هناك مشاريع قوانين الإلغاء هذه الخطة كليا، ومن المفترض أن تبدأ مناقشتها في الدورة الشتوية التي افتتحت هذا الأسبوع.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر