إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ليبرمان الدموي داعية الترانسفير

االسبت 21/10/2006
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

لا يحتاج من يبحث عن دلائل وإثباتات حول مدى العنصرية والشراسة الدموية لدى عضو الكنيست الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، إلى الكثير من الجهد، ففي كل يوم بالإمكان رصد تصريحات ليبرمان لتكون إثباتا جديدا عليه، فهذا المقال أنجزته بداية في ساعة متأخرة من مساء الخميس، ولكن في صبيحة أمس الجمعة، اضطررت لتعديله، على ضوء مقابلة واسعة مع ليبرمان في صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.
واسمحوا لي أن أدخل في تفاصيل قد تكون هامشية في طريقة إعداد هذا المقال، فمن عادتي ان أضع علامة تحت الأسطر التي تشير إلى الهدف، وبيدي قلم لونه أحمر، وبدأت أضع إشارات واسطر تحت كل دعوة دموية يطلقها ليبرمان في هذه المقابلة، وما أن انتهيت من هده "المهمة"، كانت صفحتان من أصل ثلاثة مليئة باللون الأحمر الدموي، ولربما ان المشهد الحاصل يعكس بالضبط طبيعة ليبرمان.
لفت نظري أن ليبرمان هذا أطلق قبل أسبوع أو أكثر تصريحات "مطمئنة" للأردن والدول العربية مدعيا أنه ليس معنيا بطرد الفلسطينيين من وطنهم، ولربما انه أصبح على قناعة انه قريب من الدخول إلى الحكومة الإسرائيلية، برئاسة إيهود أولمرت، رغم ان الكثير من العقبات السياسية الداخلية في انتظاره، خاصة على صعيدي اليمين والأصوليين اليهود.
ولهذا فإنه يحاول تخفيف حدة تصريحاته، ليظهر وكأنه السياسي الذي بالإمكان التعايش معه، وليس هذا العنصري الشرس، إلا أن الصحفية الإسرائيلية البارزة، سيما كدمون، تشير في المقابلة التي أجرتها مع ليبرمان ونشرتها، أمس الجمعة، إلى أن ليبرمان لا ينجح في ضبط نفسه.
وفي المقابلة أمس كرر مطالبته، وبصياغة ملتوية، بقصف إيران، مشيرا إلى أنه دعا إلى هذا في العام 2001، حين قال "إيران طهران"، فنبهته الصحفية إلى أنه مقولته الشهيرة في حينه كانت "طهران أسوان"، ولم يتراجع ليبرمان، وقال طبعا، على مصر أيضا أن تحذر منا.
ولم يترك ليبرمان ساحة عربية واحدة إلا وأطلق التهديد نحوها، فيقول صراحة انه ما كان يسمح بعقد مهرجان النصر في بيروت، وانه كان يجب استخدام سلاح الجو الإسرائيلي بمعنى قصف المهرجان، ويدعو إلى اغتيال السيد حسن نصر الله، وأنه كان على إسرائيل ان تستخدم قوات برية أكثر بكثير في لبنان، وان لا تخرج منه.
ويكثر ليبرمان في الحديث عن "ملاعب كرة القدم"، فهو يريد تسوية، بمعنى تدمير، كل مكان لجعله "معلب كرة قدم"، مثل "الأحياء الراقية في قطاع غزة"، حيث الأثرياء، واغتيال القادة الفلسطينيين، ويقول أيضا، أنه ما كان يجب اعتقال قادة فلسطينيين في سجن أريحا بل هو أيضا كان يجب تحويله إلى "ملعب كرة قدم".
أما في قضية طرد الفلسطينيين من وطنهم، فهذه مسألة أخرى نأتي عليها هنا، ولكن يطالب ليبرمان مصر والأردن بتحمل مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين، وهذا أمر مدون بشكل واضح في برنامجه الانتخابي، الذي عرضه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت هذا العام.
ففي إسرائيل هناك قانون خجول، مليء بالثغرات، حسب المصطلح المتبع، "مثل الجبنة الهولندية"، يمنع الدعوة الواضحة للطرد الجماعي على أساس عرقي، ويحظر القانون مشاركة أحزاب تتبنى هذه الدعوة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
ولهذا فقد "اخترعت" أحزاب اليمين المتطرف والعنصري في إسرائيل مصطلحا جديدا، "ترانسفير بالاتفاق"، بمعنى طرد الفلسطينيين من وطنهم بالاتفاق معهم، والدمج غير المعقول بين شقي هذه العبارة، يشير إلى ضرورة وجود أساليب غير طبيعية، لتقود إلى نتيجة غير طبيعية كهذه.
فلكي "يقتنع" الفلسطيني أن عليه مغادرة وطنه، الذي لا وطن له سواه، وأن يترك أرضه ومصدر رزقه، فيجب ان يكون ما "يحفزه" من وجهة نظر العنصريين، ولكن المقصود هو وجود ما يضغط عليه.
وليبرمان وأمثاله يعرض الكثير من هذه الأساليب، فبداية، يدعو ليبرمان إلى تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات فلسطينية ضيقة، بعد أن يسلخ عن الضفة الغربية جميع مناطق المستوطنات، حتى أصغر مستوطنة أو بؤرة استيطانية، وبناء جدار حول خط البناء القائم في التجمعات السكنية الفلسطينية، لا بل و"يتكرم" ليبرمان، داعيا إلى تحويل منطقة المثلث المحاذية للضفة الغربية، وتقع في مناطق 1948، إلى كانتون جديد ودمجها بالضفة الغربية، تحت شعار "التبادل السكاني".
وبطبيعة الحال أمام سجن كهذا، لن يكون أمام الفلسطينيين سوى أن "يقتنعوا" بالرحيل، من دون أن تكون حاجة للطرد والتحميل على الشاحنات وإلقائهم إلى ما وراء الحدود الشرقية والجنوبية والشمالية.
ولكن ليس فقط فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، بل أيضا الفلسطينيين في إسرائيل، فلسطينيي 48، يندرجون في "برنامج الإقناع" الذي يطرحه ليبرمان، فبعد ان يدمج مئات الآلاف منهم في "سجن" الضفة الغربية، فمن تبقى منهم عليهم "تقديم الولاء" صباح مساء لدولة إسرائيل، ويستيقظون على إنشاد نشيدها "الوطني" الصهيوني، الذي حتى بعض اليهود يعترفون بعنصريته، وأن يحيوا العلم الإسرائيلي في كل ساعة، وأن لا يشاركوا في العملية السياسية، وينتظرون رحمات ليبرمان.
ويقول ليبرمان في برنامجه الانتخابي، من يرضى بهذا "فأهلا وسهلا"، ومن لا يرغب فعليه المغادرة، لأن هذه دولة اليهود، ويقول ليبرمان في المقابلة التي نشرت أمس، "ليس معقولا ان تكون الدولة الفلسطينية أحادية القومية، وأن تبقى إسرائيل دولة ثنائية القومية مع 20% من العرب"، وهذا لوحده يقول كل شيء، عن حقيقة أفكار ليبرمان.
يذكر في هذا السياق ان استطلاعا نشر قبل عدة اشهر أظهر ان 60% من اليهود في إسرائيل يوافقون على مبدأ، "الترانسفير بالاتفاق"، و50% يوافقون على إجبار العرب على الرحيل.
لا أعلم إذا هناك مواصفات أخرى للإرهاب، لا تنطبق على تصريحات ليبرمان ومواقفه ونشاطه، الكثير من دعوات سفك الدماء والإبادة الجماعية كانت في هذه المقابلة، فليبرمان لم يختبئ هذا الأسبوع في مغارة ما في الجبال، ولم يطلق هذه التصريحات عبر شريط فيديو ليبثه في إحدى الفضائيات، بل جلس في مكتبه الخاص في برلمان إسرائيل، التي تصف نفسها "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وجاءت إليه صحفية من الدرجة الأولى، وجلست أمامه ساعات، وحاورته لتنشر تصريحاته في أكبر صحيفة إسرائيلية.
وليبرمان ليس بحاجة إلى أن يخاف، على العكس فتصريحات كهذه تزيد من شعبيته في الشارع الإسرائيلي، وحتى أن رئيس الحكومة إيهود أولمرت يسعى بقوة لضمه إلى حكومته، كما لن تجد في إسرائيل قانونا يعاقبه، وأكثر من هذا، فإنه حين دعا قبل خمسة أشهر إلى إعدام أعضاء الكنيست العرب من الكتل الوطنية، اعتبر المدعي العام الإسرائيلي ان هذه تصريحات تندرج في حصانة ليبرمان البرلمانية.
يستطيع ليبرمان ان يوضح وأن يفسر، وأن يتقنع بوجه حمامة، إلا أنه لا يستطيع ضبط نفسه كثيرا، لأن الدماء التي تخرج من أنيابه، غزيرة وغزيرة جدا، ولا حاجة لوصف ليبرمان بالفاشية والنازية، لأن سلفه بهذه العقلية رحبعام زئيفي، الذي تمت تصفيته في العام 2001 على يد خلية فلسطينية، كان يؤكد مرارا انه يحمل الأفكار الصهيونية الحقيقية.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر