*بقاء حزب "العمل" في حكومة أولمرت بعد ضم ليبرمان، يعتبر تصعيدا جديدا لأزمة الحزب *عمير بيرتس بدأ طريق النهاية السياسية، *المعركة على رئاسة الحزب بدأت منذ الآن أكثر احتدادا *القرار فرصة لأوفير بينيس لإثبات مصداقيته، ولتسريع تحركاته نحو القمة* المحللون والمراقبون أجمعوا على انتقاداتهم لحزب العمل، ووصل بعضها إلى درجة السخرية من الحزب*
يشكل قرار اللجنة المركزية لحزب "العمل" الإسرائيلي، مساء يوم الأحد الأخير، الموافقة على بقاء الحزب في حكومة إيهود أولمرت، حتى بعد ضم النائب العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان، وحزبه "يسرائيل بيتينو" إلى الحكومة، تصعيدا آخر في الأزمة التي يعايشها الحزب منذ سنوات طوال، وتتصاعد من حين إلى آخر.
فقد افرز القرار الذي اتخذ بالأغلبية في اللجنة المركزية التي تضم 2400 عضو معسكرين واضحين، ولكن كل معسكر يضم عدة أقطاب ومعسكرات، وإذا كنا اليوم نتحدث عن حالة تمرد متفاوتة في داخل الكتلة البرلمانية التي تضم 19 نائبا، فإن هذا القرار سيحول التمرد إلى حالة شرخ دائم، وعدم تماسك الكتلة البرلمانية، وهو شرط يحتاجه كل حزب، لتثبيت مكانته في الحلبة السياسية.
لقد اعتمد رئيس الحزب عمير بيرتس في هذا القرار على عدة أجنحة لها وزنها في الحزب، أهمها، قطاع القرى التعاونية، الكيبوتسات والموشافيم، فحسب تحليل المحلل للشؤون الحزبية في الإذاعة الإسرائيلية، حنان كريستال، فإن هذا القطاع يعاني من أزمة مالية، ووجود مندوبه، الوزير شالوم سمحون في وزارة الزراعة سيساعده كثيرا في تخطي الأزمات.
كذلك اعتمد بيرتس على موظفي اتحاد النقابات العامة، الذي هجره قبل نحو عام، إلا أن أنصاره لا يزالوا يتحركون فيه، إضافة إلى معسكره الثابت داخل الحزب.
وفي المقابل فإن المعارضة العقائدية ضد البقاء في الحكومة، لم تنجح في اجتياز عقبة هذه المعسكرات، وهي تضم حاليا ثمانية نواب من اصل 19 نائبا، وهي قوة لا يستهان بها، وعلى الرغم من أن الإنشقاق حاليا في الكتلة البرلمانية هو أمر مستبعد، إلا أن هذا لا يعني انه لن يكون على المدى البعيد، خاصة بعد ظهور نتائج الانتخابات لرئاسة الحزب، التي من المفترض ان تجري في شهر أيار/ مايو القادم.
إلا أن كتلة "العمل" منذ الآن ستتحرك ككتلتين في داخل كتلة واحدة، وهذه ضربة مركزّة وموجهة ضد رئيس الحزب عمير بيرتس، الذي يفقد سيطرته على الحزب باستمرار.
ويشار هنا إلى ان قرار اللجنة المركزية لا يعني إطلاقا نصرا لعمير بيرتس، بل هو نتيجة لتلاقي مصالح بعض الأجنحة في الحزب، ومن بينها من تعارض بيرتس في رئاسة الحزب.
ويرى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرطر، أن القرار في حزب "العمل" نابع من دوافع شخصية، وبشكل خاص التنافس على رئاسة حزب "العمل" في ربيع العام القادم 2007، ولكن هذا أمر سيحكمه تصرف النواب الذين عارضوا انضمام ليبرمان، في الأشهر المقبلة.
"كل شيء في حزب "العمل" يبدأ وينتهي حول التنافس على رئاسة الحزب، ففي السنوات الست الأخيرة استبدل الحزب خمسة رؤساء له، والآن يستعد لانتخاب الرئيس السادس".
ويوجه فيرطر أسئلة ثاقبة إلى الأسماء البارزة في الحزب بعضها نأتي عليها لاحقا، ولكن من بينهم، وزيرة المعارف يولي تمير، ويقول: "لقد كانت من قادة حركة السلام الآن، يسارية تثير الاعتزاز، ومن يؤمن الآن، أنها تؤيد الجلوس كشريكة لليبرمان في الحكومة، ولكن على ما يبدو من الصعب عليها الانفراد من حقيبة التعليم التي تمنت كل حياتها السياسية الوصول إليها".
أما عامي أيالون، من وجهة نظر فيرطر، فإنه يؤيد البقاء في الحكومة، لأنه يقرأ تفوقه في استطلاعات الرأي، وبرأيه أنه حين سيفوز في الانتخابات لرئاسة الحزب فإنه سيستبدل عمير بيرتس في حقيبة الأمن (الدفاع).
ونفس وجهة النظر نقرأها لدى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "معاريف" نداف إيال، الذي يفتتح مقاله بالقول: "هناك إثباتات جيدة على انسلاخ حزب "العمل" عن الجمهور الإسرائيلي".
ويقول إيال، إن حزب العمل سيكون مشغولا في الفترة المقبلة بالانتخابات لرئاسة الحزب، وهناك عدد مثير من المتنافسين على منصب رئيس الحزب، عمير بيرتس وبنيامين بن أليعيزر وأفيشاي برافرمان، وعامي أيالون، ولربما يتسحاق هيرتسوغ وإيهود براك وداني يتوم وأوفير بينيس، ولهذا فإن أي تحرك في الحزب سيكون مرتبطا بهذه المنافسة.
أما المحلل السياسي البارز في صحيفة "هآرتس" عوزي بنزيمان، فإنه ينعى الأيديولوجيا في حزب "العمل" ويقول في مقال له تحت عنوان، "عراة من كل أيديولوجيا": إن القرار المتوقع في اللجنة المركزية لحزب "العمل" حول بقاء الحزب في حكومة أولمرت، هذا يجعلنا نستحضر وصفا جديدا للحزب، أكثر حدة من سابقيه: موت الأيديولوجيا في الواقع السياسي الحالي في إسرائيل".
ويضيف بنزيمان، "إذا عمير بيرتس ويولي تمير قادران على الجلوس في حكومة واحدة مع ليبرمان، فهذه إشارة كافية ولا حاجة لكل الكلام، ليس فقط لأن بيرتس أعلن في الماضي انه لن يوافق على الشراكة مع ليبرمان، وإنما لأنه وحزبه تبجحا بالادعاء بأن لديهما وجهة نظر مغايرة عن حزب يسرائيل بيتينو (بقيادة ليبرمان)".
إن هذا النقاش العاصف في وسائل الإعلام الإسرائيلية، دون استثناء، سيكون له انعكاس كبير على مستقبل حزب "العمل"، فمثل هذه الحملة شهدناها في نهاية العام 2000، ضد رئيس الحكومة الأسبق إيهود براك، وقادت إلى انهيار حكومته وخسارته رئاسة الحكومة أمام أريئيل شارون، في شهر شباط/ فبراير من العام 2001.
لقد ترسخت في المجتمع الإسرائيلي فكرة أن حزب "العمل" حزب يفتقر للبرنامج السياسي، وللنهج السياسي الواضح، وأنه أصبح حزباً تابعاً لكل رئيس حكومة يظهر على الساحة الإسرائيلية، دون الأخذ بالاعتبار التباين في وجهات النظر، وأن ما تبقى من قوة للحزب في الساحة الإسرائيلية هو فقط نتيجة التأثيرات السابقة له في الساحة الإسرائيلية، ومن مؤشرات هذا تراجعه الحاد بين أوساط الشباب في إسرائيل، الذين بغالبيتهم الساحقة إما يتوجهون إلى اليمين، أو إلى الامتناع عن التصويت، وفي الانتخابات الأخيرة، كانت أعلى نسبة بين اليهود الممتنعين عن التصويت لدى الجيل الشاب.
بيرتس وبدء النهاية
لا يختلف اثنان في إسرائيل حول حقيقة أن عمير بيرتس بدأ طريق نهايته السياسية، منذ أن قبل بتولي حقيبة الأمن (الدفاع) في حكومة إيهود أولمرت، ومن ثم شن حرباً على قطاع غزة، وفي أوجها شن حربا على لبنان، واليوم يهدد بحرب ثالثة على قطاع غزة، بعد أن هجر كل أجندته الاقتصادية الاجتماعية، التي جعلها رافعة له في الحلبة السياسية، ووصل من خلالها إلى زعامة حزب "العمل".
جرت العادة أن يكون تمايز في الآراء في الصحافة الإسرائيلية في الموقف من قضية معينة، وحتى في هذه الحالة، بقبول حزب "العمل" بالبقاء في الحكومة حتى بعد ضم ليبرمان، فكان من المفترض ان يكون من المحللين من يحيوا الحزب بزعم انه اتخذ موقفا مسؤولا، إلا أن الحال واحدا كان هذه المرّة، الكل هاجم الحزب وعمير بيرتس، في عدة اتجاهات.
بداية لكون بيرتس أعلن جهارة انه يرفض أية شراكة مع ليبرمان، وثانيا لأن بيرتس نقض جميع وعوده الانتخابية، مقابل فتات حصل عليه من أولمرت، كما انه لم نلمس عامل المفاجأة في الحلبتين السياسية والإعلامية لهذا التقلب في موقف حزب "العمل"، وهناك من راهن، وكسب الرهان، بأن حزب "العمل" سيبقى في الحكومة بعد ضم ليبرمان.
وتستذكر المراسلة والمحللة للشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، مازال معلم، أنه في نفس هذه الفترة من العام الماضي، 2005، وتحديدا في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر، كان عمير بيرتس، الذي انتخب حديثا لرئاسة الحزب (في حينه)، "يتجول وفي جيبه رسائل استقالة وزراء حزب "العمل" من حكومة أريئيل شارون، التي استخرجها منهم تحت ضغط".
وتقول معلم، "إن بيرتس لم يضيع الوقت في حينه، حين أراد ان يرسم لنفسه الحدود بصفته صاحب البيت (رئيس الحزب)، وبالأساس أمام رئيس الحكومة أريئيل شارون، لقد أراد ضمان استقالة وزراء حزب "العمل" وتقديم موعد الانتخابات البرلمانية، وقبل مرور عام على هذا، فإن نهجي بيرتس لا يزال على حاله، تحرك متردد وصمت طويل إزاء القضايا الحارقة، إن نهج بيرتس يتميز بالالتوائية، وتصريحات لا أساس لها، وتراجعات أضرت كثيرا بمكانته كقائد للحزب، وبالأجندة الاجتماعية والسياسية التي لوح بها على مدى سنوات".
وتعدد مازال معلم وعود بيرتس التي نقضها، وأولها انه تسلم حقيبة لا تمت لتميزه بأي صلة، حقيبة الأمن، بدلا من حقيبة المالية أو حقيبة اجتماعية، وتقول معلم، "إن موافقته على حمل هذه الحقيبة تسببت له بكارثة سياسية".
وتتابع معلم، أن بيرتس وعد برفع الحد الأدنى للأجر من 750 دولارا إلى ألف دولار، وهذا ما لم يتحقق، كما أنه وعد بإخلاء البؤر الاستيطانية، وقد صرح عدة مرات أنه أصدر أوامر للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لإخلائها، وآخر تصريح له كان قبل أسبوعين، وبعد ذلك تبين أن بيرتس ذهب إلى المستوطنين لإقناعهم بإخلاء البؤر بإرادتهم.
وتقول معلم، في يوم الثلاثاء الماضي تراجع بيرتس عن تصريحه الذي أطلقه منذ أسبوعين، حين إتضح له ان رئيس الحكومة إيهود أولمرت ينوي ضم ليبرمان للحكومة، وقال بيرتس قبل أسبوعين، "إنني لا أرى أية إمكانية لائتلاف مشترك مع حزب يسرائيل بيتينو، ولا يجري الحديث عن شطب على أساس شخصي، وإنما بنهج ورؤية مختلفة تماما في جميع المجالات بين يسرائيل بيتينو والعمل".
ويوم الخميس الماضي صدرت صحيفة "هآرتس" بمقال لهيئة التحرير، حاد عن عنوان: "ما الذي تبقى من عمير بيرتس"، وذهب الصحيفة للدعوة إلى انشقاق في الحزب، وبشكل مباشر، إذ جاء في الكلمة: "إذا هناك لحظة ملائمة للانشقاق في حزب "العمل"، على أساس قضية مبدئية، انضمام أفيغدور ليبرمان ويسرائيل بيتينو للحكومة، فإن هذه هي اللحظة".
وتابعت الكلمة: "إذا ما صادقت اللجنة المركزية لحزب العمل انضمام ليبرمان للحكومة، ومقابل هذا الخضوع الكامل يحظى حزب "العمل" برشوى هامشية على شاكلة منصب نائب وزير الأمن (الدفاع) لأفرايم سنيه، فإننا نأمل أن يكون من الذين حتى الآن مسيرتهم السياسية معقولة ومنطقية، مثل أوفير بينيس وإيتان كابل ويولي تمير، أن يعلنوا أن لا مكان لهم في الحكومة".
وتقول "هآرتس" في كلمتها: "لقد خيب بيرتس أمل ناخبيه في كل ناحية ممكنة، فخلال نصف سنة على ولايته، فقد خادع بيرتس بمهمته الشعبية، حين امتنع عن الحصول على حقيبة اقتصادية اجتماعية، وبدلا منها تولى حقيبة الأمن، وهو مجال لا شأن له فيه".
وجاء في الكلمة: "إن بيرتس تنازل عما تبقى من تأثيره السياسي الأمني حين وافق على تسليم المجال الحساس المتعلق بالتهديد الاستراتيجي في يد الشخص غير الملائم (ليبرمان)، وبموافقته على هذا الأمر فقد عكس عدم فهمه الكامل في الأمن والاستراتيجية والردع، وبهذا فقد عزز الانطباع بأنه غير ملائم للمنصب".
وتشير الكلمة إلى ان عمير بيرتس "وعد ناخبية بعد الشراكة مع ليبرمان، وهذا الوعد قدمه قبل أيام قليلة من الانتخابات، حين تخبط الكثير من المصوتين في مسألة إذا يصوتوا لحزب "العمل" أم لا، وخلافا لجميع الوعود الأخرى، فإن هذا الوعد كان بسيطا جدا لتطبيقه، فلو أن حزب "العمل" هدد بالاستقالة في حال دخل ليبرمان إلى الحكومة فما كان ليبرمان قد انضم إلى الحكومة، أما بيرتس فإنه لم يستطع أن يفي حتى بهذا الوعد الصغير، واشترى استمرار ولايته في وزارة الأمن بثمن بخس".
بيرتس قبض ثمنا حزبيا
لقد وصل عمير بيرتس فجأة إلى زعامة الحزب، وجرى الحديث فيه حينه عن تزويرات في الانتسابات للحزب، وعن أن بيرتس استفاد من تنظيم الأقلية، أمام الأغلبية اللا مبالية في حزب "العمل"، ولهذا فإن انتخاب بيرتس، وكما كان متوقعا، لم يؤد إلى استقرار في القيادة، وحتى الأسماء التي جلبها بيرتس إلى الحزب، كنجوم داعمة، انقلبت عليه الآن، وتقف في المعسكر المضاد له، مثل البروفيسور أفيشاي برافرمان، والصحفية شيلي يحيموفيتش.
بالإمكان القول إن الحكم على بيرتس كان ميدانيا هذه المرة، وقد حكم الإعلام والشارع الإسرائيلي بأن عليه أن يرحل عن الحلبة السياسية، وكل استطلاعات الرأي تشير إلى أنه سيهزم في الانتخابات الداخلية لزعامة الحزب، التي من المفترض أن تجري في شهر أيار/ مايو من العام القادم 2007، ولكن بيرتس يسعى لتأجيلها.
وتشير كل الدلائل إلى أن بيرتس الذي لم يدعمه أيا من أعضاء الكنيست من الولاية السابقة سوى النائبة، والوزيرة لاحقا يولي تمير، اليوم من بينهم من قرر دعمه، وعلى ما يبدو فإنه بيرتس قبض ثمنا ليس فقط أولمرت، بل أيضا من قيادات في حزب "العمل" معنية بالبقاء في الحكومة، وأبرزها الوزير سمحون شالوم، مندوب القرى التعاونية، الكيبوتسات والموشافيم، الذي يعمل حاليا على تأجيل الانتخابات لرئاسة الحزب إلى موعد أبعد مما يحدده دستور الحزب.
وكما يظهر فإن بيرتس سيحظى أيضا بدعم الوزير بنيامين بن أليعيزر، وقد يكون أيضا يتسحاق هيرتسوغ، بمعنى أن بيرتس طلب من الوزراء الثلاثة الذي أيدوا منذ البداية البقاء في الحكومة، دعمهم المستقبلي له في الحزب في مواجهة منافسيه.
ويقول فيرطر في المقال المشار إليه سابقا، "إن بيرتس من أجل أن يبقى في منصبه إتحد مع الوزراء الثلاثة، بن أليعيزر وسمحون وهيرتسوغ، الذي قادوا حملة التأييد لضم ليبرمان، وفي محادثات مغلقة يصفهم بيرتس بـ "عملاء أولمرت، وهو يعرف أن اياً منهم لن يدعمه في المنافسة القادمة، ولكن هذا مريح الآن له ولهم".
إلا أن الأشهر المتبقية إلى حين إجراء الانتخابات الداخلية للحزب سيحاول استغلالها بيرتس لتحسين وضعيته في داخل الحزب، رغم ان مسيرته في الحكومة حتى الآن مليئة بالتعثرات، فهو يظهر في نظر الجمهور انه مجرد وزير ليس لديه أي تأثير في الحكومة، ولم تظهر بصماته في أي مجال، سوى نقض وعوده الانتخابية، ومن الصعب رؤية كيف من الممكن أن ينجح بيرتس في تصحيح وضعيته طالما انه مستمر بالشراكة مع ليبرمان في حكومة لا تأثير له عليها.
بينيس والفرصة الذهبية
قبل عددين من "المشهد الإسرائيلي"، كانت معالجة لشخصية أوفير بينيس، الذي يتوقع منه البعض ان يكون "توني بلير" الإسرائيلي، بمعنى ذلك الشاب (45 عاما)، الذي سينجح في إنقاذ حزبه من حالة السبات وحتى التقهقر، وإعادته إلى الحكم، كما فعل ذلك توني بلير، بعد غياب طويل لحزب "الليبور" البريطاني عن سدة الحكم.
إلا أن بينيس لم يفلت هو الآخر من حملة التشكيك في موقفه، والقول انه نابع هو الآخر من دوافع شخصية، فعلى الرغم من قول يوسي فيرطر، إن "بينيس شخصية محترمة، فإنه يضيف، "إن أوفير بينيس جلس في ائتلاف (ليس وزيرا) مع ليبرمان ورحبعام زئيفي قبل خمس سنوات (في حكومة أريئيل شارون في العام 2001)، وهو على قناعة الآن أن هذه فرصته للاندفاع إلى مقدمة المنصة (القيادة) وإذا ما قرر الحزب البقاء في الحكومة، فإن على بينيس أن يستقيل من الحكومة، وإلا فإن كل تصريحاته وتحركاته ستظهر كانتهازية، وبينيس هو شخصية محترمة".
ولكن بغض النظر عن هذه الفكرة، فإن بينيس إذا ما اتخذ الخطوة المتوقعة منه، الاستقالة خلال الأسبوع الجاري، فإن الجمهور لا يستطيع محاسبته على موقفه قبل خمس سنوات، كون إسرائيل كانت في أوجه عدوانها وحربها على الضفة الغربية وقطاع غزة، "وفي حينه كان كل شيء مباح".
وسيصبح بينيس منافسا قويا لرئاسة الحزب، لأنه قرر التخلي عن مقعده "المخملي" في حكومة أولمرت من منطلقات مبدئية، وهذا ما سيحرج شخصية مثل يولي تمير بالأساس، التي لا تزال تحظى باحترام الشارع الإسرائيلي، وتعتبر من السياسيين القلائل النزيهين في سدة الحكم الإسرائيلي.