إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



حسابات بيرتس واستقالة حلوتس

الثلاثاء 23/1/2007
برهوم جرايسي- "المشهد الاسرائيلي"

*بيرتس اعتقد أن تعيين وزير عربي" عن الحزب سيحسن من وضعيته، إلى أن جاءت استقالة حلوتس لتفتح عليه المعارك والضغوط من جديد*

إن العنوان العريض لمجمل تحركات عمير بيرتس في الأسبوعين الأخيرين، هو أن يسعى لقلب المشهد العام في حزب "العمل"، وقلب تنبؤات الاستطلاعات التي تشير إلى أنه سيفقد رئاسة الحزب في الانتخابات الداخلية التي ستجري في نهاية شهر أيار/ مايو من العام الجاري، ولكن بعض حسابات بيرتس لم تأخذ بالحسبان ما أقدم عليه رئيس الأركان دان حلوتس بتقديمه الاستقالة من منصبه.
فقبل نحو أسبوعين "قرر" عمير بيرتس تعيين عضو الكنيست من حزبه، غالب مجادلة، وزيرا في الحكومة، بدلا من الوزير المستقيل أوفير بينيس، الذي استقال من الحكومة فور ضمها للوزير العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان احتجاجا من طرفه، ولم تنفع جميع صياغات بيرتس بأن هذه الخطوة جاءت لتكون "ردا على العنصري ليبرمان"، وهذا لأن الهدف كان واضحا.
فبيرتس نظر إلى الحضيض الذي وصل إليه في استطلاعات الرأي في داخل حزب التي لم تمنحه أكثر من 14% كحد أقصى في الانتخابات لرئاسة الحزب، ليحل بالمرتبة الرابعة بعد إيهود براك وعامي أيالون، وأوفير بينيس.
و"تنبّه" إلى أنه بالإمكان تجنيد 10% من أعضاء الحزب، الذي هم من العرب، إذا ما عيّن الشخص القوي من بينهم وزيرا، وهو مجادلة نفسه، وأكثر من هذا فإن بيرتس يعرف أن نسبة التصويت بين 80 ألف عضو في الحزب (حسب السجل السابق وقبل إقفال الجديد) ستكون أقل بكثير من نسبة التصويت بين 10% من هؤلاء، أي العرب، بمعنى آخر فإن نسبة 10% قد يصبح وزنها عمليا في تلك الانتخابات ما بين 15% إلى 20%، وهذا يعود إلى ارتفاع نسبة التصويت، ناهيك عن أن جميع انتخابات حزب "العمل" التي جرت في السنوات الأخيرة في هذا "القطاع" (العربي) كان يجري بعدها الحديث عن شبهات تزوير وتزييف، وتصويت بدلا من أعضاء لم يصلوا إلى صناديق الاقتراع.
وتسربت إلى وسائل الإعلام أن بيرتس قبل أن يقرر تعيين مجادلة، فحص الموضوع مع قطاع آخر، وهو "القطاع العربي الدرزي"، الذي يفصله الحزب عن القطاع العربي، ليعين منه شكيب شنان، الذي كان يحتل المرتبة 20 في قائمة الحزب للانتخابات التي حصلت على 19 مقعدا، ولكن بيرتس أدرك أن خلافات كبيرة تدور في هذا القطاع وانه لا يجوز الاعتماد عليه، في حين أن منافس مجادلة الأبرز بين عرب حزب "العمل"، النائب السابق نواف مصالحة المقرب من بيرتس، أعرب عن دعمه لتعيين مجادلة.
وقد استقبلت الحلبة السياسية هذه الخطوة بتنديد واسع لما فيها من مصالح شخصية ضيقة، وجاءت الانتقادات الأقسى من داخل حزب "العمل".
وبتزامن مع "قرار" بيرتس، فقد سرّب بعض المقربين منه إلى وسائل أعلام إسرائيلية فكرة أن يستقيل بيرتس من وزارة الأمن (الدفاع)، كخطوة أخرى لتعزيز مكانته في استطلاعات الرأي التي يدفع فيها ثمن قبوله بهذه الحقيبة التي لم تلائمه.
وكانت هذه المعلومات أشبه ببالون تجريبي لفحص ردود الفعل، ولكن لم تصمد هذه الأنباء بضع ساعات حتى ظهرت استقالة رئيس أركان الجيش دان حلوتس من منصبه على خلفية اخفاقات الجيش في الحرب على لبنان، التي أثارت على الفور مطلب استقالة بيرتس من منصبه هو الآخر، وأيضا رئيس الحكومة إيهود أولمرت.
وإذا اعتمدنا على ما ذكرته الصحافة الإسرائيلية فإن الاستخفاف بعمير بيرتس وصل إلى ذروة جديدة، وحسب ما نشر فإن حلوتس توجه بداية باستقالته إلى أولمرت، يوم الأحد قبل الماضي، دون إبلاغ بيرتس، إلا أن أولمرت طلب من حلوتس التريث ليعيد التفكير على الأقل ليومين، وبعد يومين أبقى حلوتس على إصراره فأبلغ أولمرت، ثم أبلغ الوزير المسؤول عنه مباشرة.
إلا أن استقالة حلوتس ستغير حسابات بيرتس أيضا في ما يتعلق باحتمال أن يتخلى عن الحقيبة التي بين يديه، ليحسن وضعيته في فرص البقاء في رئاسة الحزب، فما كان بالإمكان أن يكون قبل استقالة حلوتس، وأن "يتفهم" الشارع وكأن هذه خطوة تمت بناء على قدر من المسؤولية، فإنها اليوم سيتم فهمها بشكل آخر.
على الأغلب فإن بيرتس إذا ما قرر الاستقالة فإن هذا سيُفهم وكأنه رضوخ للضغوط عليه للاستقالة في أعقاب استقالة حلوتس، وهو المطلب الذي ظهر فور انتهاء الحرب على لبنان في الصيف الماضي.
وهناك احتمالان واردان، وثالث يطرحه معلقون، فالاحتمال الأول هو أن يقرر عمير بيرتس البقاء في منصبه حتى انتخابات رئاسة حزب "العمل" وعندها فإن النتيجة ستقرر مصير الحقيبة التي بين يديه، بمعنى إذا فاز مرّة أخرى فإنه سيحتفظ بالحقيبة، أو يقرر بنفسه الانتقال إلى حقيبة رفيعة أخرى، وفي هذه الحالة فإنه سيواصل مواجهة الضغوط من عدة اتجاهات من داخل حزبه والحكومة ومن الشارع أيضا.
أما الاحتمال الثاني فهو أن يقرر بيرتس الاستقالة بعد تعيين رئيس الأركان الجديد، وهناك سيدعي بيرتس أن قرار الاستقالة من هذا المنصب اتخذه قبل فترة طويلة، ولكنه تريّث إلى حين تعيين رئيس أركان جديد، "من منطلق المسؤولية"، وهو خطاب شبيه بخطاب حلوتس، الذي زعم أنه انتظر إلى حين استقرار الأوضاع داخل الجيش "من منطلق المسؤولية".
ولربما أن خطوة كهذه ستحسن قليلا من وضعية بيرتس في داخل حزبه، ولكن هناك شك في ما إذا هذا سيضمن له الفوز في انتخابات "العمل"، لأن بيرتس في استقالة كهذه سيطلب ضمان حقيبة كبيرة ذات طابع اجتماعي، وهنا قد يجد معارضة في داخل الحكومة ورئيسها إيهود أولمرت.
أما الاحتمال الثالث فهو يطرحه بعض المعلقين، وهو أن يعترف بيرتس بأمرين، أولهما انه لا يستطيع الاستمرار بحمل حقيبة الأمن، وأن يقرر الاستقالة، وثانيا أن لا أمل له في البقاء في رئاسة الحزب، ولهذا ولكي لا يغيب كليا عن الساحة فإنه يلجأ إلى الشخص الأقوى، وهو حاليا إيهود براك، ليكون الشخص الثاني في الحزب، ولكن من يعرف شخصية بيرتس، على الأقل حتى الآن، فإنه يستصعب الاعتقاد أن يُقدم بيرتس على خطوة كهذه، لا يعرف في أي إتجاه ستتطور على صعيده الشخصي.
ومثل باقي الأمور المتعلقة بحزب "العمل"، فإن الصورة ستتضح أكثر مع انتهاء الشهر الحالي، حين يتم باب الانتساب لحزب "العمل" ونعرف "حصاد كل مرشح"، وما هو عدد المنتسبين وقوة كل مرشح، فهل سيكون هذا أمر جدي، أم أننا سنعود إلى مشهد سابق جرى فيه تزوير الانتسابات بكمية هائلة، وتم تأجيل الانتخابات.
إن جميع الاحتمالات والسيناريوهات تبقى مفتوحة أمام حزب، عُرف عنه في الماضي أنه حزب مؤسساتي، واليوم انهارت فيه جميع المؤسسات، وتعم فيه الفوضى.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر