إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



الكنيست الإسرائيلي بين دورة شتوية "باردة" ودورة صيفية "ساخنة"

الثلاثاء 3/4/2007
برهوم جرايسي- "المشهد الاسرائيلي"

*الدورة الشتوية ورغم مختلف الهزات والفضائح فإن الحكومة عززت ائتلافها *رئاسة الكنيست أجهزت على جدول الأعمال اليومي لدوافع حزبية وسياسية وشخصية *الدورة الصيفية دورة المتغيرات وحسم مصير عدة سياسيين، ولكن الانتخابات البرلمانية ليست واردة*

أنهى الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) في نهاية الشهر الماضي، آذار/ مارس، دورته الشتوية، التي عنوانها الأبرز كان برودتها، وهو مقبل على دورة صيفية بعد نحو أربعة أسابيع، ستكون ساخنة، وهذا ليس مرتبطا بحالة الطقس، وإنما لعدة عوامل نستعرضها هنا.

الدورة الشتوية

لقد طغى الروتين على عمل الكنيست في الدورة الشتوية، التي افتتحت في منتصف شهر تشرين الأول (أكتوبر) وكانت إسرائيل لا تزال متأثرة من أجواء الحرب التي شنتها على لبنان، وفي ظل حديث أولي عن مستقبل غامض لحكومة إيهود أولمرت، على خلفية الاخفاقات الميدانية في تلك الحرب.
إلا أن أولمرت نجح في مفاجأة الساحة السياسية والبرلمان بتعزيز إئتلافه الحكومي، وتحويله من إئتلاف هش متماسك، (67 نائبا من اصل 120 نائبا)، إلى إئتلاف واسع يسيطر تقريبا على ثلثي المقاعد (78 نائبا) بضمه الحزب اليميني، "يسرائيل بيتينو" بقيادة المتطرف أفيغدور ليبرمان مع كتلته التي تضم 11 نائبا.
كثيرون راهنوا على أن ليبرمان كان سيخرج من الحكومة بالسرعة التي دخل إليها، ليُحدث هزّة قوية قد تؤثر على مستقبل الحكومة، ولكن سلسلة من التحركات السياسية جعلت ليبرمان يعزز شراكته في حكومة أولمرت، في الأسبوع الأخير من الدورة البرلمانية، التي تم اختتامها بضم وزير جديد من حزبه إلى الحكومة.
فليبرمان الذي على ما يبدو يحتفظ بأوراقه قريبا جدا لصدره، في ما يتعلق بخفايا دخوله إلى الحكومة، ومن الصعب كشفها في هذه المرحلة، وهذا ما قد يظهر أكثر من خلال الممارسة اللاحقة، قد بدا يواجه تهديدات سياسية على مستقبل حزبه الذي تضخم بشكل مفاجئ من أربعة نواب إلى 11 نائبا في الانتخابات الأخيرة التي جرت قبل عام، وخاصة إقامة حزب تابع للثري الروسي اليهودي الملاحق دوليا، أركادي غايدميك، إذ أن الحزب الجديد سينافس ليبرمان على أصوات المهاجرين الجدد، وهو يحظى بدعم واضح من زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، الأمر الذي خلق تحديا جديدا لليبرمان، يجعله يتأنى ويتمهل في أي تفكير للخروج من الحكومة.
وهذا هو التناقض الأكبر الذي شهده البرلمان الإسرائيلي، فحكومة تعصف بها الهزات السياسي والفضائح الأخلاقية على مختلف أنواعها، وكثرة ملفات التحقيق التي فُتحت أو في طريقها لتفتح، ومحاكمة وزير القضاء الأسبق، وما ينتظر قادة الحكومة في لجنة الفحص الرسمية بمجريات الحرب على لبنان (لجنة فينوغراد)، كان من المفترض أن تبدأ بعد أيامها إلى حين سقوطها أو تغيير تركيبتها، ولكن ما حصل هو الأمر المعاكس.
على صعيد العمل البرلماني، فأيضا كانت دورة بادرة، وبادرة جدا، وهذا بسبب نهج رئيسة الكنيست، داليا ايتسيك، وطاقم رئاسة الكنيست حيث شلّ الإجماع الصهيوني، دون سماع معارضة في لجنة الرئاسة، العمل البرلماني ومبادرات النواب، وهذا مقارنة مع الولاية السابقة للكنيست، التي تميّزت بفتح جدول أعمال الكنيست على مصراعيه أمام ممثلي الشرائح والفئات الصغيرة في الكنيست، وليس العرب وحدهم، لطرح قضاياهم من على منصة الكنيست وبشكل خاص في اللجان البرلمانية، حيث العمل البرلماني الأساسي.
إلا أن ايتسيك اتبعت نهجا مناقضا لنهج الليكودي اليميني رؤوفين رفلين، الذي فاجأ الكثير من الأوساط بكيفية إدارته للكنيست، وتعاملت بفظاظة مع أكثر المواضيع حساسية، فمثلا رفضت طرح قضية مجزرة بيت حانون بشكل عاجل على جدول أعمال الكنيست، بتفسير خطير، وهو "أن الأمر لا يحتاج هذه السرعة".
وتواطأ مع ايتسيك ممثلو اليمين المعارض، خاصة في طرح القضايا التي تتعلق بالجانب الفلسطيني وقضايا الأقلية الفلسطينية، وساد شعور في الكنيست أن ما يجري في رئاسة الكنيست هو مزيج لمصالح سياسية وحزبية وشخصية ضيقة، تضرب أبسط أسس العمل البرلماني.

الدورة الصيفية

من المتبع في الكنيست أنه خلال العام البرلماني الذي يشمل الدورتين الشتوية والصيفية، فإن الدورة الشتوية تكون أكثر سخونة لكونها الأطول، وفيها تطرح اهم القضايا، وخاصة ميزانية الدولة التي أقرها الكنيست في هذا العام من دون صعوبات جدية تهدد الائتلاف الحاكم.
ولكن في هذا العام فإن المعادلة أصبحت معكوسة، فنحن أمام دورة صيفية ساخنة، كتوقعات الأرصاد الجوية، التي تقول ان أجواء الكرة الأرضية في صيف 2007 ستكون الأكثر سخونة في التاريخ.
فهذه الدورة التي ستمتد على مدى شهرين ونصف الشهر سيكون أمامها عدة مهمات، ولكن أيضا ستحدد مصير شخصيات سياسية بارزة، وعلى رأسها رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، الذي من المفترض أن يبدأ الدورة الصيفية في ظل أجواء تقرير لجنة فينوغراد واستنتاجاتها الأولية، التي لا تزال مجهولة، أو على الأقل التوجه العام فيها، وما إذا ستكون الاستنتاجات بهذه الحدة التي تلزم أولمرت تقديم استقالته من رئاسة الحكومة.
ولهذا من الصعب توقع كيف ستبدأ هذه الدورة، ولكن ما هو مؤكد ان على رأس جدول أعمالها سيكون التقرير الأولي في حال صدوره فعلا في النصف الثاني من الشهر الجاري، نيسان/ أبريل.
وليس أولمرت وحده، فهناك أيضا وزير الأمن (الدفاع)، عمير بيرتس، الذي عدا لجنة فينوغراد، وما يتعلق به من استنتاجات، فإن مصيره السياسي سيتحدد أيضا في الانتخابات الداخلية لرئاسة حزب "العمل" التي ستجري في جولتها الأولى في نهاية شهر أيار/ مايو القادم، وتدل استطلاعات الرأي على أن بيرس لن ينجح في البقاء في منصبه، وبالتالي فإنه من المفترض ان يفقد منصبه الوزاري الحالي.
كذلك فإن مستقبل وزير المالية، أبراهام هيرشزون، سينعكس هو أيضا على أجواء الحلبة السياسية، فقد يضطر للاستقالة من منصبه قريبا، على خلفية الفضائح المالية المنسوبة إليه، ووصلت إلى حد الاتهام بالاختلاس من جمعيات أقامها مع شركاء له تنشط في العمل الصهيوني، فاستقالة وزير مالية ليس بالأمر السهل، أولا بسبب حساسية المنصب، وثانيا لكثرة المتنافسين عليه، من داخل حزب "كديما" وغيره.
وعلى الأغلب فإن حكومة أولمرت بتركيبتها الحالية لن تبقى على حالها مع انتهاء الدورة الصيفية، لا بل قد تبدأ يومها الأول بتعديلات وزارية، وهذا لمختلف الأسباب السابقة، إضافة إلى احتمال قرار وزير القضاء السابق حاييم رامون العودة إلى العمل السياسي،
وانضمامه مجددا إلى الحكومة، بعد أن قررت المحكمة أن قضية التحرش الجنسي التي تمت إدانته بها لا تعتبر وصمة عار تمنعه من العودة إلى الحياة السياسية.
إضافة إلى هذا فإن الحدث الأبرز المتوقع لهذه الدورة الصيفية هو انتخاب رئيس جديد لإسرائيل، إما في الموعد الرسمي في نهاية شهر حزيران/ يونيو أو مطلع تموز/ يوليو، أو قبل هذا الموعد في حال استقال الرئيس الحالي موشيه كتساب، أو تمت إقالته على خلفية الفضائح الجنسية ولائحة الاتهام التي تنتظره.
وانتخاب رئيس الدولة دول امتحان واضح للحكومة، فحتى الآن لم يقرر الشركاء في حكومة أولمرت، دعمهم لمرشح حزب "كديما" لانتخاب رئيس الدولة، الوزير شمعون بيرس، فحزب "العمل" لديه مرشحة من طرفه، وهي النائبة كوليت أفيطال.
ويتنافس بيرس على هذا المنصب مرشح الليكود، ورئيس الكنيست السابق رؤوفين رفلين، وحتى الآن فإن الميزان يميل لصالح بيرس، خاصة إذ قرر حزب "العمل" سحب مرشحته، وأن ما تظهر من أنباء وكأن حركة "شاس" الأصولية الشرقية قررت دعم بيرس نظرا لعلاقته الخاصة بالزعيم الروحي للحركة عوفاديا يوسيف.
بالمجمل فإننا أمام دورة برلمانية، وعلى الرغم من التغييرات المتوقعة فيها فإنها ستكون دورة لتأجيل الأزمات السياسية، والابتعاد عن انفجار سياسي يقود إلى انتخابات برلمانية، لا تزال الأغلبية الساحقة، ولربما بشبه إجماع ائتلافي ومعارض، ليسوا معنيين بها في هذه المرحلة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر