إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



مشهد جانبي في إسرائيل

الأحد 10/2/2007
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

أثارت الحفريات الإجرامية التي تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي عند باب المغاربة، على أسوار المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف، ردود فعل منتقدة حتى في داخل إسرائيل، من حركات وجمعيات مناهضة للاحتلال، وأيضا في اليسار الصهيوني، حتى وإن اقتصرت هذه الاحتجاجات الأخيرة على إطلاق البيانات والتصريحات، إلا أنها ليست سهلة في ظل الأجواء العدائية، التي تطغى على الشارع الإسرائيلي، الذي يتغذى على الاستراتيجية العامة، التي تقود كل حكومات إسرائيل.
وكثيرا ما يطرح سؤال كيفية التعامل مع مثل هذه القوى، التي كانت في منتصف سنوات التسعين بحجم أكبر بكثير مما هي عليه اليوم، فهناك من يدعو إلى تجاهلها، ولكن الرأي السائد لدى الفلسطينيين إن كان في مناطق 1948 أو في مناطق 1967، وإنها قوى جديرة بالتعامل معها، بنفس القدر الذي تقدمه لمناهضة الاحتلال.
وهناك الكثير من الحركات والجمعيات الإسرائيلية التي تنشط في المعركة ضد الاحتلال في الميدان، وبعيدا عن الحلبة السياسية، ومن الصعب حصر عدد هذه الحركات، فهي حركات صغيرة، منها ما يعد بالعشرات وأخرى تعد بالمئات، وهناك البعض مشارك في أكثر من حركة.
وقد يستغرب البعض حينما يعلم ان بعضا من هذه الحركات تقود نضالا ميدانيا بارزا، مثلا حين نتحدث عن المعركة المتواصلة منذ أكثر من عامين ضد بناء جدار الفصل العنصري في قرية بلعين في الضفة الغربية، فإن من يقود المعركة هناك هي حركة الفوضويين اليهود الشبابية، الذين يداومون باستمرار في كل يوم جمعة في المظاهرات ضد بناء الجدار، ومعهم الأهالي في القرية، ويقفون في الصف الأول في الصدام مع قوات الاحتلال، وغالبا ما تنتهي هذه الصدامات باعتقالات، كما ان من بينهم من اصيبوا بإصابات بالغة جدا.
كذلك حينما نتحدث سنويا عن موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية وما يواجهه الفلسطينيون من اعتداءات إرهابية من جانب المستوطنين، فإن أكبر إطار يهب لمساعدة المزارعين الفلسطينيين، هي حركة تعايش، التي بغالبيتها الساحقة من اليهود وتضم بعضا من فلسطينيي 48، كما تنضم لهذه الحركة في معركة الزيتون حركة "حاخامات من أجل السلام"، وهم رجال دين يهود يؤمنون بالسلام، ويناهضون الاحتلال.
كما أن الأمر لا يقتصر عند هذا الجانب بل هناك جانب لا يقل أهمية وهو ملاحقة الاحتلال قضائيا محليا ودوليا، والأهم كشف مؤامرات ومخططات الاحتلال قبل ان تصل إلى حيز التنفيذ، ونذكر في هذا المجال حركة "السلام الآن" الإسرائيلية التي تعنى بشؤون الاستيطان في الضفة الغربية، رغم ان هذه الحركة لا تتابع الاستيطان في منطقتي القدس وهضبة الجولان السورية المحتلتين بفعل قانون الضم الاحتلال، وهذا مأخذ كبير على هذه الحركة، ولكنها تقدم معلومات هامة جدا عن مخططات الاستيطان في باقي أنحاء الضفة الغربية.
كذلك هناك من بين الصحفيين الإسرائيليين من يُسجّل لصالحهم الكثير من كشف المخططات الإحتلالية، ونخص هنا الصحفيين البارزين في صحيفة "هآرتس" ميرون ربابورت وعقيبا إلدار.
وبالا مكان ان نسند إلى الصحفي ربابورت الكشف عن أخطر مخططات الحفريات تحت الأرض في البلدة القديمة المؤدية إلى الأقصى المبارك، إلى جانب مخططات استيطانية في المدينة المحتلة.
والى جانب كل هذا هناك مراكز وجمعيات حقوقية تلاحق جرائم الاحتلال، مثل مركز "بتسيليم" وجمعية حقوق المواطن، وغيرهما من الحركات.
لغرض ما هناك نوعا من التعتيم الإعلامي، خاصة العربي، على هذه القوى وفي بعض الأحيان يجري الاستفادة من تقارير هذه الحركات دون ذكر مصدرها، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا يفيد المعركة ضد الاحتلال، بالتأكيد لا.
فهذه القوى تنشط في قلب الشارع الإسرائيلي بظروف صعبة جدا، فهم بغالبيتهم متهمون بالخيانة من قبل قوى اليمين، وهذا كأقل تعبير، ومنهم من تتم مطاردته، أو يكون منبوذا في مجتمعه، خاصة رافضي الخدمة في جيش الاحتلال، ولهذا فإن دعما معنويا خارجيا يساهم في رفع الحصار عن هذه القوى ويشجعها على العمل.
إن استعادة قوتها السابقة وزيادتها من شأنه ان يلعب دورا ضاغطا على الحكومة الإسرائيلية، وعلى المؤسسة العسكرية الأمنية التي تفرض الاستراتيجية العامة للسياسة في إسرائيل،
وفي هذا ما يخدم الكثير المعركة ضد الاحتلال.
إن المعركة ضد الاحتلال تتطلب معرفة حقائق تركيبة مجتمع الطرف الآخر إسرائيل، بكل تعقيداته وتفاصيله، وبقدر معرفة الواقع على حقيقته، بقدر ما هذا على وضع الاستراتيجية القادرة على تحقيق الهدف.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر