البطالة في إسرائيل تسجل أدنى مستوى لها منذ 10 سنواتالثلاثاء 6/3/2007 برهوم جرايسي- "المشهد الاسرائيلي"
*ولكن... هذه الإحصائيات التي تعتمد التقارير الرسمية تنقضها بشكل حاد تقارير الجمعيات والمراكز التي تعنى بالشؤون الاجتماعية *قسم كبير من هذا الانخفاض يعود إلى استفحال ظاهرة الأعمال الجزئية واضطرار الكثير من العاملين للعمل في ظروف عمل قاسية وبرواتب متدنية*
أعلنت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، أن نسبة البطالة في الربع الأخير من العام الماضي 2006 سجلت أدنى مستوى لها منذ عشر سنوات، إذ بلغت 7,7%، إلا أن معدل البطالة في نفس العام كان 8,4%، وهي أقل من نسبة العام 2005، حين كانت 9%. إلا أن هذا الانخفاض ليس بقدر نسب النمو الاقتصادي في العام 2006، فقد تجاوزت نسبة النمو بالمعدل 5%، أي أكثر من التقديرات، التي انخفضت في أعقاب الحرب على لبنان، وكانت 4,7%، وفي الربع الأخير من العام الماضي لوحده سجل النمو الاقتصادي ارتفاعا بنسبة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة لتصل إلى 8%. وحسب تقرير الدائرة فإنه في العام الماضي دخل إلى سوق العمل 80 ألف عامل جديد، وبلغ حجم القوة العاملة في إسرائيل أكثر بقليل من 2,829 مليون عامل، من بينهم 236 ألف عاطل عن العمل، و2,574 يعملون. وكانت نسبة الرجال في سوق العمل المدني 61,2%، مقابل 50,3% من النساء، وقد سجل عدد العاملين في سوق العمل المدني في العام الماضي 2006 ارتفاعا بنسبة 2,5%، كذلك فإن نسبة النساء العاملات سجلت ارتفاعا طفيفا، من 50% في العام 2005 إلى 50,04% في العام 2006. وتقول محللة الشؤون الاقتصادية الاجتماعية في صحيفة "هآرتس"، روتي سيناي، إن كل المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية مدعاة للفرح، فقد انخفضت البطالة من 10,9% في العام 2004 إلى 7,7% في الربع الأخير من العام الماضي 2006، والحلم الوردي لدى مسؤولي الاقتصاد هو أن تنخفض البطالة إلى 6%، وفق النسبة العامة في الدول المتطورة. وتتابع سيناي في مقالها التحليلي، "في الحقيقة فإن معطيات 2006 ليست بهذا القدر الجيد، لأن معدل نسبة البطالة في العام 2006 كان 8,4%، ولكن إذا ما تطبقت توقعات العام الجاري 2007 فإن البطالة من المفترض أن تنخفض أكثر". وأضافت سيناي، "على الرغم من الانخفاض الكبير في البطالة، فإن ظروف العمل أصبحت أكثر سوءا، وهذا بسبب ازدياد عدد العاملين من خلال شركات القوى العاملة، والأعمال المؤقتة والجزئية، كذلك فإن 36% من العاملين يتقاضون حتى 60% من معدل الأجور في إسرائيل، الذي بلغ في العام 2006 بالمعدل حوالي 7400 شيكل (1760 دولار). ومقابل هذا التقرير فإننا ننتظر تقارير موازية تصدرها جمعيات ومراكز تعنى بالقضايا الاجتماعية، تعطي صورة مغايرة عما نقرأه هنا في معطيات دائرة الإحصاء المركزية، فالكثير من هذه المراكز تؤكد أن تراجع البطالة هو أمر شكلي بمعنى أن الخارجين من دائرة البطالة لم يجدوا وظائف كاملة أو برواتب طبيعية، فمثلا في العام الماضي 2005، وجد 93 ألف شخص فرص عمل جديدة، وبنظرة أولى فإن هذا العدد يعني أنه تم استيعاب جميع المنخرطين الجدد في سوق البطالة ثم تم تخفيض عدد العاطلين عن العمل بثلاثين ألف شخص. إلا أن الحقيقة على أرض الواقع هي غير ذلك، فحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية للعام 2007 فإن 54 ألف شخص فقط وجدوا وظائف بنسبة كاملة، أي 35 ساعة عمل أسبوعيا وما فوق، بينما 39 ألف شخص وجدوا وظائف جزئية. وتقول بعض التقارير إن أكثر من 80% من الذين وجدوا عملا يتقاضون رواتب متدنية وحتى أقل من الحد الأدنى من الرواتب الذي يبلغ في إسرائيل حوالي 840 دولارا، ناهيك عن شروط العمل غير طبيعية، على ضوء انتشار مكاتب القوى العاملة التي أصبحت تتغلغل حتى في المؤسسات الرسمية مثل المجالس البلدية والقروية، وأيضا في كبرى الشركات، وحتى في البنوك، وتعمل هذه الشركات عن طريق المقاولة، أي إنها تأخذ قسما من عمل هذه المؤسسات وهي توظف من عندها بشروط عمل مخالفة كليا عن القائمة في تلك المؤسسات، وهي شروط عمل الحد الأدنى، عدا عن انه يتم فصل العامل والموظف قبل أن يكتمل العام لكي لا يستحق إمتيازات العامل المثبت. وإذا كانت هذه معطيات 2005، فإن حتى دائرة الإحصاء المركزية تؤكد أن هذا نمطا مستمرا، بمعنى انه استفحل أكثر في العام 2006، وهذا أحد أسباب استمرار ارتفاع معدلات الفقر، على الرغم من تراجع نسب البطالة. وكما في كل تقرير بطالة هناك ضرورة للإشارة إلى أن البطالة ليست متساوية في جميع القطاعات، فالبطالة بين العرب في إسرائيل هي ضعف البطالة بين اليهود، وحين نتحدث عن نسبة 8,4%، فإن البطالة بين العرب تصل إلى 15%، بينما بين اليهود فإنها في حدود 7%. ففي كل شهر تصدر سلطة التشغيل قائمة بالبلدات المنكوبة بالبطالة، وهي كل بلدة تعد أكثر من ألفي نسمة، وفيها نسبة البطالة من 10% وما فوق، وفي المعدل فإن في العام الماضي 2006 كان في إسرائيل ما بين 30 إلى 34 بلدة منكوبة بالبطالة ودائما هي بلدات عربية، وفي بعض الأشهر تظهر بلدة أو بلدتين يهوديتين سرعان ما تختفيان من القائمة السوداء في الشهر التالي. ولكن المشهد السوداوي للبطالة أكثر بين النساء العربيات، ففي حين أن أكثر من 50% من النساء اليهوديات منخرطات في سوق العمل، فإن هذه النسبة تهبط إلى ما دون 30% بين النساء العربيات، وهذا ليس كما تدعي السلطات بفعل التقاليد، فهذا أمرا يتراجع من عام إلى آخر، والسبب الأساسي يعود إلى غياب أماكن العمل في البلدات العربية، وعدم قدرة النساء على السفر يوميا عشرات الكيلومترات للوصول إلى مكان العمل كما هو الحال عند غالبية العاملين العرب.
تحضير للطباعة أرسل لصديق - |
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر
|