إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



عكا وحيفا ويافا واللد والرملة

مدن فلسطين الساحلية تعيش النكبة من جديد

الثلاثاء 15/5/2007
برهوم جرايسي- "الغد"- الاردنية

تعيش المدن الفلسطينية التاريخية، على الساحل الفلسطيني (مناطق 1948)، عكا وحيفا ويافا واللد والرملة، في السنوات الأخيرة، مرحلة جديدة من النكبة الفلسطينية، لا بل تصعيدا واضحا، يستهدف البقية الباقية من الشعب الفلسطيني صاحبة هذه المدن التاريخية، واقتلاعها من بيوتها وأراضيها.
وتسن إسرائيل بشكل دوري سلسلة من القوانين طبقا لظروف المرحلة، بحيث تكون هذه القوانين والأنظمة مفصلة بشكل خاص من أجل اقتلاع الفلسطينيين من بيوتهم، كان آخرها قانون جديد نأتي عليه هنا، يهدف إلى إخلاء آلاف البيوت الفلسطينية، خاصة من مدن عكا ويافا واللد والرملة.
وكانت العصابات الصهيونية، ومن ثم المؤسسة الحاكمة في إسرائيل تعمل على مدى سنوات على تغيير طابع هذه المدن الخمس، من خلال دفع ما تبقى من فلسطينيين على الرحيل من مدنهم، وبرزت هذه المؤامرة بشكل خاص في مدينة، عكا التي أجبرت آلاف العائلات فيها، على مدى السنوات للانتقال والسكن في قرية المكر المجاورة، ولكن نفس المؤامرة تكررت في باقي المدن وبوتيرة أخف.
وفي كل واحدة من هذه المدن تشهد مؤامرة من نوع، خاص، إضافة إلى المؤامرات المشتركة، ولربما أن القضية في حيفا أخف وطأة، وبشكل نسبي جدا، بينما تشتد في باقي المدن.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد وضعت أياديها على البيوت العربية التاريخية التي تم ترحيل أهلها في العام 1948، وسلمتها لشركات حكومية مختصة بالإسكان، وتضع بين الحين والآخر أنظمة وقوانين لتبعد العرب عنها.
وكان آخر القوانين هذه هو منع الحفيد من تملك بيت جده ووالده، وتطالب آلاف العائلات في هذه المدن بمغادرة بيوتها تمهيدا لمسحها عن الوجود، أو لبيعها لمستثمرين مستوطنين يهود.
اللد والرملة، هاتان المدينتان التوأمان في خارطة فلسطين، إذ من الصعب ذكر إحداها من دون الأخرى، هما إحدى المدن الخمس، اللواتي نجح الفلسطينيون في البقاء فيها ولو جزئيا، في هاتين المدينتين، نجد مشهدا فاضحا للسياسة العنصرية، حيث يلتقي "العالم العصري" بظروف "العالم الثالث"، التي فرضت على أهل المدينة الفلسطينيين الأصليين.
ولا يزال في مدينة اللد 20 ألف فلسطيني يشكلون 27% من سكان المدينة، و14 ألفا في مدينة الرملة، وهم 20%، ولكن غالبيتهم الساحقة مهددة بتدمير بيوتها، لأن السلطات الإسرائيلية تحرمهم من بناء بيوتهم على أرض الآباء والأجداد.
المهندسة المعمارية بثينة ضبيط ابنة الرملة، ناشطة سياسية واجتماعية، وتركز قضايا المدن الخمس في جمعية شتيل، تقول لـ "الغد"، إن ما بين 70% إلى 80% من الأهالي الفلسطينيين في اللد والرملة اضطروا للعيش في بيوت ترفض السلطات الإسرائيلية ترخيصها.
ويجري الحديث حسب المهندسة ضبيط، عما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف بيت "غير قانوني"، بموجب الأنظمة الإسرائيلية، وهناك أكثر من 700 أمر هدم لبيوت في المدينتين، وخلال السنوات الثلاثة الأخيرة تم هدم أكثر من 150 بيت في اللد والرملة، وقد تم مسح الحي المركزي في البلدة القديمة في اللد منذ سنوات، ونحن اليوم بسباق مع الزمن، إذ لم يبق من أحياء مدينة الرملة التاريخية سوى 15%،
ونسعى للحفاظ على ما تبقى من تاريخ هاتين المدينتين.
وتؤكد ضبيط، إن النكبة الفلسطينية بالنسبة لنا هي قضية مستمرة، من خلال سياسة هدم البيوت، والأراضي التي صودرت، إن مطلبنا الأساسي في مدننا بات الحق بالسكن، وهذا هو نضالنا اليومي، إن إسرائيل ترفض الاعتراف بأحياء فلسطينية كاملة، وهي تبني أسوارا للفصل بين الأحياء الفلسطينية والأحياء اليهودية،
وتقول ضبيط، إن المؤسسة الإسرائيلية تتعامل معنا كمشكلة بيئية، وجميع الخرائط الهيكلية التي تضعها السلطات، تطالب بإزالة الأحياء الفلسطينية من هذه المدن، وعمليا نحن نعاني من ملاحقة وجودنا على المستوى اليومي.
وتضيف المهندسة ضبيط، إن إسرائيل تضع قوانين جديد تهدف إلى منع الجيل الثالث بعد النكبة من البقاء في بيوت الآباء والأجداد، وهذا ما يجري خاصة في يافا وعكا على وجه الخصوص.
ولا يختلف الأمر في يافا، عروس فلسطين، عروس البحر، فرضت عليها السلطات الإسرائيلية ان تكون ملحقا لمدينة تل أبيب، أكبر المدن الإسرائيلية، فهناك المؤامرة لم تتوقف للحظة منذ العام 1948، كيف وهذه المدينة من رموز فلسطين، ويقول الناشط عبد سطل، عضو رابطة يافا الفلسطينية، في حديث لـ "الغد"، إن السعي الإسرائيلي لترحيلنا من يافا لم يتوقف، لقد دمروا غالبية المدينة.
ويضيف عبد سطل، من أصل 12 حياً كانت تقوم عليها يافا لم يبق منها سوى ثلاثة أحياء فلسطينية، كلها مهددة بالمحو الكامل عن وجه الأرض، أكبرها حي العجمي، ثم الجبلية والنزهة، ولم يبق من مركز المدينة سوى مسجد حسن بيك، الذي يواجه المؤامرات باستمرار، أما الحي القديم، فقد تم تسلميه لشركة يهودية حكومية، تمنع العرب من العودة إليه، ويتم تأجير مساكنه لليهود فقط.
ويقول عبد سطل، إن غالبية البيوت تعود إلى أهل يافا الذين تم إجبارهم على الرحيل، ووضعت السلطات الإسرائيلية يدها عليها، وسُمح بداية لأقاربهم وأبناء عائلاتهم العرب البقاء فيها بشكل مؤقت، لتظهر لاحقا سلسلة من المضايقات، والضغط من أجل ان يرحلوا ويغادروا المدينة، واليوم يعيش فيها 23 ألف نسمة فلسطينية.
ويقول عبد سطل، إن السلطات الإسرائيلية تسعى الآن لإخلاء 500 عائلة من بيوتها، وقسم من هذه البيوت مهدد بالتدمير الكلي وبيع الأراضي القائمة عليها لمستثمرين يهود، في حين سيتم بيع البيوت التاريخية العريقة بالمزاد العلني أيضا للمستثمرين اليهود.
ويتابع عبد سطل قائلا، إن السلطات الإسرائيلية أعدت مخططا لبناء 5 آلاف وحدة سكنية لليهود فقط على أنقاض حي العجمي، الذي تنوي السلطات تدمير اكبر قسم منه، فيكفي أن نشير إلى أن السلطات هدمت منذ العام 1970 وحتى 1985 لا أقل من 3127 وحدة سكنية في غالبيتها الساحقة بيوت تاريخية في غاية الجمال المعماري.
أما عكا التي قهرت أسوارها نابليون، لا تزال تئن من آلام النكبة المتواصلة، فعكا منارة البحر، ومن أبرز معالم فلسطين، اضطرت آلاف العائلات فيها على الرحيل، فقد فرضت عليهم سلطات الاحتلال ظروفا معيشية قاسية، ولم يبق في عكا اليوم سوى 15 ألف فلسطيني، وهم يشكلون 33% منن السكان في المدينة.
وتقول الناشطة السياسية عايدة توما، ابنة المدينة، إن عملية ترحيل أهل عكا لم تتوقف منذ العام منذ العام 1948، وكل يوم تصدر إسرائيل قوانين وأنظمة جديدة لهذا الغرض، ونحن اليوم بصدد مؤامرة جديدة تستهدف لا أقل من 200 بيت في البلدة القديمة التاريخية في عكا، تزعم السلطات الإسرائيلية أنها بيوت خالية.
وتتابع توما قائلة، بعد الفحص تبين لنا انه لا يوجد 200 بيت خال كما تدعي السلطات، بل تعيش فيها عائلات فلسطينية، توراثتها عبر الأجيال، ولكن القانون العنصري الجديد الذي يستهدف الأحفاد، يسمح للسلطات الإسرائيلية ان تزعم بأنها بيوت خالية، بزعم ان العائلات التي تعيش فيها لم تحصل على ترخيص.
وتقول توما، إن السلطات تزعم بيع أو تأجير هذه البيوت للمستوطنين يهود، بزعم إنهم فنانون، وتصرف السلطات ملايين الدولارات على مشروعها العنصري هذا، وتحوم الأحياء الفلسطينية من أي عملية تطوير أو حتى ترميم لآلاف البيوت في مدننا التاريخية.
في كل واحدة من هذه المدن هناك معركة شعبية نضالية واسعة، وقد قررت لجنة المتابعة العليا لقضايا فلسطينيي 48 وضع قضية المدن الفلسطينية التاريخية على راس جدول أعمالها الوطني.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر