إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل المزمنين في إسرائيل

الثلاثاء 4/9/2007
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

*نسبتهم ارتفعت من اقل من 10% من مجمل العاطلين عن العمل في مطلع سنوات التسعين إلى 40% اليوم*

دلت معطيات التقرير الدوري لدائرة التشغيل، الذي صدر في الأسبوع الماضي، على أن نسبة البطالة في شهر تموز/ يوليو الماضي ارتفعت بشكل طفيف لترسو على نسبة 7,7%، وبلغ عدد العاملين من طالبي العمل، الذين تم تسجيلهم في مكاتب المصلحة حوالي 207 آلاف عامل وعاملة، 40% منهم من المدن والقرى العربية ومدن التطوير مما يؤكد عمق المشكلة التشغيلية القائمة في هذه المناطق، وبشكل خاص في جنوبي البلاد وشمالها.
إلا أن هناك جانب آخر لهذه المعطيات، ظهر في تحقيق أجرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، وتبين أن نسبة العاطلين عن العمل المزمنين، أي الذين يبحثون عن مكان عمل منذ عشرة أشهر وأكثر، قد ارتفعت إلى نسبة 40% من مجمل العاطلين عن العمل، بعد أن كانت قبل ثلاث سنوات في حدود 25%.
وتبين، أيضا، من فحص لدائرة التشغيل، أن الميزة الأكبر رواجا للعاطلين عن العمل المزمنين، هم الذين تتجاوز أعمارهم 45 عاما وما فوق، وبغالبيتهم من سكان الريف، وبالأساس من القرى والمدن العربية، ومما يسمى بـ "بلدات التطوير"، حيث تسكن الشرائح الفقيرة من اليهود.
وبلغد عدد العاطلين عن العمل المزمنين، في شهر تموز/ يوليو الماضي حوالي 75 ألفا، ونرى أيضا، أن نسبة العاطلين عن العمل المزمنين في منطقة الجنوب تصل إلى 50% من مجمل العاطلين عن العمل في نفس المنطقة التي تعاني أصلا من أعلى نسب بطالة بشكل دائم، وفي منطقة الشمال 46%، أما في وسط البلاد فهي 28%.
ووضعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سلسلة من البرامج من أجل حل قضية هؤلاء العاطلين عن العمل، وكان آخرها المشروع التجريبي، الذي أطلق عليه إسم "ويسكونسين، الذي سرعان ما تبين أنه مشروع جاء لضرب العاطلين عن العمل، وإجبارهم على الخروج من سجلات العاطلين العمل بأساليب مختلفة، وهذا ما أكدته عدة تقارير رسمية وشعبية، مما دفع الحكومة إلى إجراء عدة تغييرات جدية على هذا المشروع، ومن بينها إعفاء كل من عمره 45 عاما وما فوق من المشاركة في هذا المشروع، ليبقوا في سجل العاطلين عن العمل كالباقي.
وما يزيد من حدة المشكلة هو رفع جيل التقاعد إلى 67 عاما للرجال و62 عاما للنساء، وتؤكد سلسلة من التقارير إلى الصعوبة الكبيرة في أن يجد عاطلا عن العمل مكان عمل يليق بمؤهلاته إذا كان بين عمر 45 عاما وحتى خمسين، وشبه استحالة في حال تجاوز جيل خمسين عاما.
ويقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرنوت" غدعون عيشيت، "إن المعطيات عن العاطلين عن العمل تأتي من مؤسستين، دائرة التشغيل التي يتسجل فيها كل من يبحث عن عمل بواسطة الدائرة، ودائرة الإحصاء المركزية، التي تعد استطلاعا نموذجيا للقوى العاملة، ويشمل كل مواطني الدولة، وفي كثير من الأحيان تظهر فوارق في معطيات المؤسستين، وخاصة في ما يتعلق بعمق البطالة.
ويضيف عيشيت، إن دائرة الإحصاء المركزية، مثلا، تجمع معلومات عمن يبحثون عن عمل منذ 53 أسبوعا وما فوق، بمعنى أكثر من عام، ويجري الحديث عن أشخاص يبحثون عن عمل، أو على الأقل يعلنون ذلك، ولم ينجحوا في إيجاد مكان عمل، وفي مطلع سنوات التسعين من القرن الماضي، كانت نسبة هؤلاء تتراوح ما بين 6% إلى 10% من مجمل العاطلين عن العمل، أما اليوم فإن نسبتهم 30% تقريبا.
ويتابع عيشيت كاتبا، أن معطيات دائرة التشغيل أكثر خطورة، وتشير إلى أن نسبة هؤلاء تصل إلى 40% من مجمل العاطلين عن العمل، وهذا الفرق نابع من حقيقة ان دائرة التشغيل تعتبر كل من يبحث عن عمل منذ 270 يوما (39 أسبوعا) وأكثر هو عاطل عن العمل مزمن.
وهذه القفزة بين معطيات التسعينيات من القرن الماضي واليوم، حسب عيشيت، لم تحدث بسنة واحدة، بل إن التحول بدأ في النصف الثاني من سنوات التسعين، حين ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل المزمنين من مجمل العاطلين عن العمل إلى 12%، وقفزت في العام 2004 إلى 25%، ولكن الارتفاع الأخير هو الأكثر غرابة من كل القفزات السابقة، لأنها تأتي على ضوء تراجع نسبة البطالة العاملة في البلاد.
ويتطرق عيشيت في مقاله إلى ما يراه، كأحد أسباب البطالة خاصة بين الأشخاص الذين ليس لديهم مؤهلات، ولا شهادات أكاديمية أو مهنية مختلفة، وهو ملأ أماكن العمل التي قد تلائمهم بعمال أجانب، مثل قطاع الزراعة والبناء والخدمات وغيرها، ويقول عيشيت، إن الحكومة ليس فقط أنها أغرقت سوق العمل بالعمال الأجانب، بل فسحت المجال بالأساس أمام تدني رواتب كبير في هذه القطاعات، بحيث بات من الصعب استيعاب عمال من إسرائيل فيها.

العرب ونكبة البطالة

إلا أن في معطيات دائرة التشغيل جانب مظلم آخر، ولكنه لا يصل إلى الإعلام الإسرائيلي، لأن الغالبية الساحقة جدا من ضحاياه هم العمال العرب، والحديث يجري عن البلدات المنكوبة بالبطالة، وهي كل بلدة تصل نسبة البطالة فيها إلى 9% وما فوق، في حين أن هذا الإحصاء يشمل البلدات التي فيها ألفي نسمة وأكثر، بمعنى هناك بلدات قد تكون منكوبة بالبطالة ولكن بسبب تعدادها فإنها لا تدخل في هذه الإحصائيات.
وتبين أنه في شهر تموز/ يوليو الماضي كان في إسرائيل 37 مدينة وقرية منكوبة بالبطالة منها 35 بلدة عربية، تتصدرها 12 بلدة عربية من منطقة النقب بنسبة بطالة تصل إلى ثلاثة أضعاف المعدل العام الذي أعلنته دائرة الإحصاء المركزية، أي 7,6%، مثل بلدة الأعسم العربية في النقب، حيث تصل نسبة البطالة فيها إلى قرابة 21%.
ونقرأ في هذه المعطيات أن نسبة البطالة بين العرب في منطقة النقب الصحراوية (جنوبا) تصل بالمعدل إلى 16%، إذ تتراوح النسبة في هذه البلدات العربية، من 13% في مدينة راهط، وهي أدنى نسبة هناك، إلى 21% في قرية الأعسم.
ولا يقتصر الوضع على منطق النقب، بل أيضا الحال ذاته نجده في منطقتي المثلث والجليل، وهناك قرى كبيرة جدا، تصل فيها نسبة البطالة إلى 13%، مثل كفركنا (شمالا)، وفي حدود 12% في مدينتي طمرة وأم الفحم.
ويقول النقابي جهاد عقل، رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية في قيادة اتحاد النقابات الإسرائيلية (الهستدروت)، في حديث لـ "المشهد الإسرائيلي"، "إن الأزمة تزداد من شهر لآخر ومعاناة العاطلين عن العمل تتعمق خاصة لدى من بلغوا سن الـ 45 وما فوق، حيث تشير المعطيات إلى ارتفاع في عدد طالبي العمل في هذا السن الذين يشكلون 47,1% من مجموع طالبي العمل الذين توجهوا إلى مكاتب مصلحة الاستخدام الشهر الماضي وبلغ عددهم أكثر من 96 الف عامل وعاملة".
واضاف عقل قائلا، إن "هذه المعطيات لا تشمل المشاركين في مشروع ويسكونسين المطلوب منه إعادة تأهيل عاطلين عن العمل لإعادتهم إلى سوق العمل، وبذلك لا تشمل هذه القائمة عددًا من البلدات المنكوبة بالبطالة وبذلك تتقلص القائمة المعلنة، بشكل مصطنع".
وتابع عقل قائلا، إن "المقلق في هذه المعطيات فقدان خطة عمل تعمل على ضمان فرص العمل لطالبي العمل خاصة أولئك الذين يعانون من فترة بطالة مزمنة، وليس صدفة أن المعطيات تشير إلى وضع مأساوي في المناطق العربية خاصة وفي بلدات التطوير عامة، حيث يجد العمال العرب أنفسهم في وضع مستعصٍ خلال محاولاتهم الحصول على فرصة عمل، وذلك في ظل فقدان الدعم الحكومي لضمان تشغيل طالبي العمل، في ظل انعدام المناطق الصناعية في المناطق العربية".
وأكد النقابي عقل على أن هذه المعطيات لا تشمل طالبي العمل ممن فقدوا حقهم بمخصصات البطالة وقال: "ما نقرأه من هذه المعطيات يؤكد أن الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول لنكبة البطالة في الوسط العربي ومدن التطوير. وكأن قضية فقدان الأمل لدى حوالي ربع مليون طالب عمل بإيجاد فرصة عمل تضمن لهم العيش الكريم أمر لا يعني الحكومة والمسؤولين فيها".

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر