إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



تقرير: الموساد ورجال الأعمال الإسرائيليون يدعمون النظام القمعي في بورما

الثلاثاء 16/10/2007
برهوم جرايسي- المشهد الاسرائيلي

*دول كبرى فرضت مقاطعة تجاري وعسكرية على النظام في بورما إلا أن إسرائيل بمؤسساتها الرسمية والتجارية كثفت علاقاتها مع بورما رغم ما يدور هناك *رجل اعمال إسرائيلي يستغرب خلط قضية خرق حقوق الإنسان في بورما بالقضايا التجارية ويسأل: "أليس في إسرائيل أيضا خرق لحقوق الإنسان".


كانت التغطية الإعلامية الإسرائيلية لقمع مظاهرات المعارضة في بورما (مينامار) ملفتة للنظر بسبب كثافتها، وتصدرها الصفحات الأولى لبعض الصحف والنشرات الألكترونية في إسرائيل، إلا أن تقريرا صحفيا أجرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يوضح سبب هذا الاهتمام بدولة قلما ما تظهر بنبأ عابر مرة كل بضعة أشهر في وسائل الإعلام العالمية.
ويظهر من التقرير أنه على الرغم من المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ودول متطورة كثيرة أخرى مثل اليابان على النظام العسكري الاستبدادي في بورما، إلا أن إسرائيل بأجهزتها العسكرية والأمنية، من الموساد وحتى الصناعات العسكرية، إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال وجدوا في بورما مرتعا اقتصاديا زخما.
فالصناعات العسكرية زودت النظام في بورما بأجهزة ومعدات قتالية وأسلحة خفيفة على مدى عشرات السنوات، كما أن جهاز الموساد درّب فرق حراسة الشخصيات وأجهزة القمع وغيرها التابع للسلطة في بورما.
ويستند تقرير الصحيفة، إلى تقرير عسكري سابق نشرته المجلة العسكرية البريطانية "جينز انتيلجنس ريفيو" يسلط الضوء على تشعب العلاقات العسكرية بين إسرائيل وبورما منذ سنوات الخمسين، حين زارت بعثة عسكرية إسرائيلية في العام 1954، وبعد تلك الزيارة بعام باعت إسرائيل لبورما طائرات عسكرية مستعملة من نوع سبيتبيير.
وفي العام 1958 زار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، موشيه ديان، بورما برفقة مدير عام وزارة الأمن (الدفاع) في حينه شمعون بيرس، ولكن هذه الاتصالات والزيارات المتبادلة لم تتوقف عند الانقلاب العسكري الذي وقع في العام 1962، لا بل إن الاتصالات العسكرية بين البلدين تكثفت أكثر، وبشكل خاص منذ نهاية سنوات الثمانين من القرن الماضي، حسب تقرير عسكري لمعهد "سيفري".
ويؤكد المعهد المذكور أن إسرائيل هي من بين بضعة دول واصلت بيع الأسلحة للنظام العسكري الجديد في بورما، ففي العام 1989 وصلت إلى بورما سفينة محملة بأسلحة إسرائيلية من بينها بنادق مضادة للدبابات وقاذفات قنابل "آر بي جي"، ويقول التقرير إنها أسلحة صادرها جيش الاحتلال الإسرائيلي من المقاومة الفلسطينية في الحرب على لبنان التي اندلعت في صيف العام 1982.
كذلك فإن بعثة عسكرية إسرائيلية وقعت في العام 1991 على اتفاق مع بورما يقضي ببيع إسرائيل لبورما بنادق رشاشة إسرائيلية الصنع من طراز "عوزي"، وهي البنادق التي تحملها فرق حراسة الشخصيات العسكرية في بورما.
ويقول تقرير "جينز انتيلجنس ريفيو" إن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجية "الموساد" أجرى تدريبات لجهاز المخابرات البورمي، و"قدم له مساعدات بطرق مختلفة"، دون توضيح لطبيعة تلك المساعدات.
كذلك فإنه في العام 1997 فازت شركة "إلبيط" الإسرائيلية للصناعات الجوية العسكرية، باتفاق لتطوير طائرات عسكرية من نوع "إف 7" لدى الجيش البورمي، كذلك فإن إسرائيل باعت بورما قنابل يتم توجيهها عبر الليزر.
كذلك فإن الشركات الحربية الإسرائيلية شاركت في عمليات تطوير سفن حربية، وكان دور إسرائيل تقديم معدات تكنولوجية لتلك السفن.
ويشير التقرير إلى أن بورما ليست دولة مهددة من الخارج، ولهذا فإن كل معداتها وأسلحتها ليست بالضرورة دفاعية بقدر ما هي لدعم النظام أمام الشعب البورمي، الذي يبلغ تعداده 56 مليون نسمة، إذ تشكل ميزانية الأمن في بورما 50% من مجمل ميزانية الدولة.
ويقول موظف مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية، في تعقيبه على تقرير "معاريف"، "إن دولة إسرائيل تنفذ العقوبات التي تقرها الأمم المتحدة"، في رد على أن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية جاءت بمبادرة تلك الدول وليس الأمم المتحدة ذاتها.
ويدعي الموظف ذاته، "أن إسرائيل لا تجري علاقات على مستوى الحكومات مع بورما منذ سنوات طوال"، وزعم أن كل النشاط الإسرائيلي متعلق بالجانب الإنساني، وأن العلاقات التجارية بين البلدين في مستوى الحد الأدنى، وهو أمر يفنده تقرير "معاريف" الذي يكشف حجم العلاقات التجارية على مستوى رجال الأعمال.
ويقول الموظف إن إسرائيل "أعربت عن قلقها" من تدهور الأوضاع مؤخرا في بورما، وأنها دعت النظام للتعامل بانضباط، و"أن إسرائيل لا تكثر من إصدار البيانات لأن النظام العسكري في بورما أصلا لا يبدي اهتماما ببيانات إسرائيل".
ويقول مارك فير منبار الناشط في جمعية إنسانية عالمية تعنى بحقوق الإنسان في بورما، ردا على تصريحات "المسؤول" في وزارة الخارجية الإسرائيلية، "إنه من السخافة القول إن العلاقات التجارية مع بورما لا تعني علاقات مع النظام، لأنه لا يمكن الفصل بين الجانبين، ولا يمكن في بورما إبرام صفقات من دون ان يربح منها النظام".

علاقات التجارية؟: "إسرائيل أيضا تخرق حقوق الإنسان"

في العام 1997 فرض الرئيس الأمريكي في حينه، بيل كلينتون عقوبات اقتصادية على بورما تضمنت حظرا على توظيف أموال أمريكية في مشاريع التطوير الاقتصادي في بورما، وفي العام 2003 تم توسيع تلك العقوبات الأمريكية إلى حظر استيراد بضائع من بورما.
وفي نفس العام انضم الاتحاد الأوروبي لتلك العقوبات، وبشكل خاص بريطانيا، التي طلبت من المتمولين البريطانيين عدم توظيف أموالهم في بورما، ثم انضمت دول أخرى مثل اليابان واستراليا التي أوقفت التعاون الزراعي مع بورما.
أما في إسرائيل فإن العلاقات التجارية والاقتصادية استمرت على حالها لا بل تطورت أكثر، تماما كما كان الحال مع نظام الابرتهايد العنصري في جنوب أفريقيا، الذي وجد بإسرائيل متنفسا له في ظل المقاطعة الدولية له.
ويستعرض تقرير "معاريف" بإسهاب بعضا من العلاقات التجارية بين إسرائيل وبورما، بدءا من الأخشاب والأحجار الكريمة، وحتى العلاقات الزراعية، وتقديم دورات تأهيل للعاملين في قطاع الزراعة في بورما.
ويقول رجل الأعمال الإسرائيلي دورون لانداو، ردا على سؤال "معاريف" حول تلك العلاقات على الرغم من المقاطعة الدولية، "يجب معرفة أنه في ظل العولمة اليوم لا يمكن منع العلاقات التجارية، فالإسرائيليون يشترون بضائع بورما من الصين وتايلاند، فلماذا لا تكون علاقات تجاري مباشرة بين البلدين".
ويتابع لانداو قائلا، "إن البورميين ساحرون، كلما عرفتهم أكثر عرفت أنهم شعبا بسيطا فرحا في حياته، أنت لا تلمس وجود قمع للشعب، وحين تسأل البورمي ما إذا هناك قمع وتنكيل فإنه يدافع عن النظام ويرفض مثل هذه الاتهامات، إنهم ليسوا من النوع المتمرد، إنهم شعبا يبحث عن الحياة الهنيئة"!!.
وخلافا لمزاعم مسؤول وزارة الخارجية الإسرائيلية، يتضح من تقرير "معاريف" أن الوزارة ذاتها بعثت في السنوات الأخيرة عدة وفود و"مستشارين" في مجالات مختلفة إلى بورما، كذلك فإن أكثر من مئة بورمي يتلقون دورات تدريبية في إسرائيل، في هذه المرحلة، وفي السنوات الماضية بلغ عدد المتدربين أكثر من ألف متدرب، دون ذكر لطبيعة هذه الدورات، ولكن كما يقول التقرير فإن من بينها دورات في مجال الزراعة، وأخرى في مجال الاستخبارات.
وتقول "معاريف"، إن رجال الأعمال الإسرائيليين، الذين يبرمون صفقات مع بورما يتذرعون بمقولة إنه يجب الفصل بين السياسة والتجارة، أو يدعون أن صفقاتهم هي مع الشعب وليس مع النظام، أو أن العقوبات الأمريكية على بورما لا تلزمهم.
وجاء أيضا أنه لم يبق أي قطاع تجاري إلا وكانت له حصة في العلاقات التجارية مع بورما، فمثلا في سنوات التسعين باعت شركة المواصلات الإسرائيلية الحكومية، "إيجد"، 240 حافلة ركاب (باص) مستعملة لبورما، كذلك فإن الشركات الزراعية باعت بورما شبكات ري ومعدات زراعية وغيرها.
ويقول رئيس اتحاد الصناعيين الإسرائيلي شراغا بورش، الذي أبرم في الماضي صفقات مع بورما، "إن رجال الأعمال ليسوا دول، ولو أن فرضت إسرائيل مقاطعة على بورما لكان رجال الأعمال التزموا بهذا".
ويسانده في هذا القول رئيس معهد النفط الإسرائيلي عمير مكوف، الذي يقول: إن الحصار الأمريكي ليس ملزما لأي طرف، إن على إسرائيل أن تصدر بضائعها، لأن الهدف هو تطوير الأسواق الخارجية أمام البضائع الإسرائيلية، ولهذا فإن كل رجل أعمال يطور أعماله في الخارج بقدر استطاعته".
ويسأل مكوف، "هل على رجال الأعمال الإسرائيليين أن يتطوعوا لفرض مقاطعة على بورما لم تفرضها دولتهم"، ويقول، "إن إسرائيل ليست معنية بفرض مقاطعة سياسية على الدول، تماما كما ترفض أن تفرض عليها الدول نفس المقاطعة".
أما رئيس بورصة الأحجار الكريمة الإسرائيلية شلومو أشيد، فيؤكد على أن رجال الأعمال الإسرائيلي يشترون الأحجار الكريمة من بورما، رغم ما يشاع عن هذا القطاع في بورما، إجبار العاملين العمل بالسخرة، لصالح النظام العسكري.
وحين تسأله الصحفية من "معاريف" عن مسألة خرق حقوق الإنسان في بورما، يكون جواب أشيد قاطعا ويقول: "أيضا في البلاد (إسرائيل) يخرقون حقوق الإنسان وانت تعيشين هنا، ألا يقلقك هذا؟!.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر